في تطور مواكب للأحداث تشهد تركيا حالة من التدهور على مستوى كافة المجالات، فعلى خلفية ذلك قام البرلمان التركي بالموافقة علي إعلان حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان فرض حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر، بعد محاولة الانقلاب الفاشلة.
وصوت 346 نائبًا على فرض حالة الطوارئ من بين 461 حضروا الجلسة، وذلك من إجمالي أعضاء المجلس البالغ عددهم 550.
وبهذا، أصبحت حالة الطوارئ المعلنة سارية المفعول اعتبارًا من الساعة 01:00 بالتوقيت المحلي من اليوم، وتستمر لمدة 90 يومًا، بحسب وكالة أنباء الأناضول الرسمية.
وبإعلان حالة الطوارئ، قالت الحكومة إنها بصدد تعليق بعض التزاماتها بموجب المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان. ومن المعروف أن حالة الطوارئ في تركيا تتيح للرئيس التركي وحكومته بتجاوز البرلمان، وذلك بإصدار قوانين جديدة، وأيضًا تقليص الحقوق والحريات أو تعليقها بحال وجوب ذلك.
كما أن هدف حالة الطوارئ برأي أردوغان، اتخاذ قرارات بشكل فعال وسريع للقضاء على التهديدات الموجهة ضد الديمقراطية في تركيا، ودولة القانون، وحقوق المواطنين الأتراك وحرياتهم، بحسب ما أوضح الرئيس التركي.
ونفى أردوغان أن يكون الجيش هو الجهة التي ستدير شؤون البلاد خلال فترة الطوارئ، كما أكد على استمرار الحكومة في عملها.
وبيّن أن قرار فرض الطوارئ يتفق مع نصوص الدستور التركي في مثل هذه الحالات.
وقال في بيان متلفز إن «مجموعة من الخونة من القوات المسلحة تابعة لفتح الله غولن -خصم أردوغان المقيم في أميركا- قامت بقصف شعبنا».
وحول عمليات التطهير، أكد على مواصلة القضاء على المجموعات الانقلابية في البلاد. مشددًا على أهمية تعاون وتضامن الشعب التركي ضد المجموعة الخائنة، موضحا أنها «أول مرة في تاريخ الجمهورية التركية تقوم أطياف الشعب بأكمله في إفشال انقلاب عسكري قادته مجموعة من الخونة».
ومن جانبه أعلن وزير العدل التركي بكير بوزداج أن الغرض من فرض حالة الطوارئ هو منع وقوع انقلاب عسكري ثان، مضيفًا من أمام البرلمان التركي أن المواطنين لن يشعروا بأي تغير في حياتهم خلال حالة الطوارئ، وأنها لن تؤثر سلبًا على الاقتصاد أو الاستثمار.
وعلي الجانب الآخر ينقل جاك مور، محرر الشؤون الأوروبية في مجلة نيوزويك الأمريكية، عن نائب رئيس الوزراء التركي، نعمان قورتوملوش أن بلاده ستعلق العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى خطوات أخرى.
ويلفت مور إلى أن فرض الطوارئ في تركيا جاء بعد اتهام رجل الدين التركي، فتح الله غولن، المنفي في الولايات المتحدة، بتدبير الانقلاب الذي خلف ٢٤٦ قتيلًا، وأكثر من ١٠٠٠ جريح. وفي ردها على المحاولة، سرحت الحكومة التركية، أو أوقفت عن العمل ٥٠ ألف شخص، من مختلف المؤسسات الحكومية، واعتقلت ١٠ آلاف شخص، منهم قضاة ومعلمون وصحافيون، وأغلقت مئات المدارس.
ولكن، ماذا تعنيه حالة الطوارئ بالنسبة لتركيا ولديموقراطيتها، وهي ما زالت تعيش حالة من اللااستقرار السياسي، وتواجه مخاطر أمنية من قبل مجموعة من التنظيمات المتشددة؟
يلفت مور إلى الكلمة التي ألقاها أردوغان، والتي تعهد فيها باجتثاث «فيروسات من الجيش»، قائلًا إن على تركيا اتخاذ كل الوسائل الضرورية من أجل منع وقوع انقلاب، مع تأكيده على أن الديموقراطية في البلاد لن تتأثر مطلقًا. وقال إنه «أشبه ما يكون بسرطان، وهو شبيه بورم ثانوي يسري في الجسد التركي. وسوف نتخلص منه».
ويشير المحرر إلى أن حالة الطوارئ ستوفر لحكومة أردوغان سلطات إضافية، تمكنه من مواصلة قمعه لمن تعتبره الحكومة على صلة بالمحاولة الانقلابية.
فيما قال أردوغان على شاشة تلفزيون الجزيرة: «سنبقى داخل إطار النظام البرلماني الديموقراطي، ولن نعود إلى الوراء. ولكن سوف يتم ما هو ضروري لسلام واستقرار البلاد. لا أعتقد أننا وصلنا إلى نهاية الطريق».
ولكن، وكما يشير مور أعرب معلقون عن مخاوفهم من أن إعلان حالة الطوارئ سيقود لدعم سلطة أردوغان التسلطية، ما سيمنحه مزيدًا من السلطات لفرض قانون وإسكات معارضيه.