استكمالاً لسلسلة الهجمات التي تشنها ميليشيا الحوثي بين الحين والآخر على المدن السعودية والتي تستهدف منشآت نفطية ومطارات مدنية فضلاً عن مواقع عسكرية، تبنت الجماعة الانقلابية عملية استهداف مصفتين نفطيتين تابعتين لعملاق نفطي سعودي بالمنطقة الشرقية للمملكة، مخلفةً حريقا ضخماً سرعان ما تمت السيطرة عليه.
وأعلنت الرياض تعرض منشأتين نفطيتين تابعتين لشركة "أرامكو" العملاقة لهجوم بطائرات بدون طيار، ما أدى لاندلاع حريق في معملين للشركة في محافظتي "بقيق" و"هجرة خريص" شرق المملكة. وتبنى الحوثيون الهجوم مشيرين إلى استخدام عشر طائرات مسيرة وملوحين بعمليات "واسعة وأشد إيلاما".
وذكر بيان للمتحدث الأمني بوزارة الداخلية، نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، أنه: "عند الساعة الرابعة من صباح اليوم السبت الموافق 15 / 1 / 1441هـ، باشرت فرق الأمن الصناعي بشركة أرامكو حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة "بقيق" و"هجرة خريص" نتيجة استهدافهما بطائرات بدون طيار "درون"، حيث تم بتوفيق الله السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما، وقد باشرت الجهات المختصة التحقيق في ذلك. والله ولي التوفيق".
"الحوثي" تعلن مسؤوليتها:
وفي المقابل، أعلن المتحدث العسكري باسم الحوثيين على قناة المسيرة التلفزيونية مسؤولية جماعة الحوثي عن الهجوم. وقال المتحدث إن "سلاح الجو المسير ينفذ عملية واسعة بعشر طائرات مسيرة استهدفت مصفاتي "بقيق" و"خريص" شرقي السعودية".
وذكرت جماعة الحوثي في بيانها "نعد النظام السعودي أن عملياتنا القادمة ستتوسع أكثر فأكثر وستكون أشد إيلاما".
اقرأ أيضاً: صحيفة: الهجوم على "أرامكو" أجبر السعودية على وقف نصف إنتاجها اليومي من النفط
السيطرة على الحريق:
وبحسب مراسل "العربية" و"الحدث" السعوديتين، المتواجد أمام معمل محافظة بقيق، فقد تمت السيطرة على الحريقين، إلا أن أعمال التبريد مازالت جارية.
وقال إن الجهات الأمنية تابعت الحادث منذ البداية، مشيراً إلى أن الحركة طبيعية في منطقة السوق حيث يقع المعمل في البقيق، مؤكداً أن الموقع يبعد عن المناطق السكنية.
وعن التغريدات التي انتشرت عبر مواقع التواصل حول الحادث، قال المراسل إن بعض مقاطع الفيديو التي انتشرت سمع بها طلقات رصاص وأصوات أسلحة رشاشة، وهي بالفعل قد تم استخدامها لاستهداف الطائرات المسيرة.
وقال إن الأوضاع مطمئنة ولا توجد حتى اللحظة إصابات تُذكر، ولم تصل أي إصابة إلى المستشفيات في المحافظة جراء الهجوم، مشيراً إلى أن التحقيقات ما زالت قائمة لتحديد مصادر إطلاق الطائرات المسيرة، وكذلك تحديد الخسائر والتلفيات الناتجة عن الهجوم.
اقرأ أيضاً: التحالف العربي يصدر بيانًا بشأن الهجوم على منشآت النفط السعودية: نحقق لمعرفة المتورطين
التحالف يفتح تحقيقاً:
من جانبها، أكدت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، أن التحقيقات جارية بشأن الهجوم الإرهابي لمعرفة الأطراف المتورطة.
وأوضح المتحدث باسم قوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي، أنه وبالإشارة لبيان المتحدث الأمني بوزارة الداخلية بشأن الهجوم الإرهابي وبناءً على التحقيقات الأولية المشتركة مع الجهات ذات العلاقة والمبنية على الدلائل والمؤشرات العملياتية والأدلة المادية بموقعي الهجوم، فإن قيادة القوات المشتركة للتحالف تؤكد أن التحقيقات ما زالت جارية لمعرفة وتحديد الجهات المسؤولة عن التخطيط والتنفيذ لهذه الأعمال الإرهابية.
وأشار إلى "استمرار قيادة القوات المشتركة للتحالف باتخاذ وتنفيذ الإجراءات اللازمة للتعامل مع هذه التهديدات الإرهابية للحفاظ على المقدرات الوطنية، وكذلك أمن الطاقة العالمي وضمان استقرار الاقتصاد العالمي".
انخفاض معدل الانتاج اليومي للنفط:
وبالنسبة للآثار الاقتصادية الناجمة عن الحادث، قالت مصادر على دراية بعمليات إنتاج النفط في المملكة العربية السعودية لشبكة CNN، إن عمليات إنتاج النفط في منشآت أرامكو "تنخفض في هذه المرحلة بمقدار 5 ملايين برميل يوميًا"، وذلك على خلفية الهجمات التي تعرضت لها منشأتي النفط في محافظة بقيق وهجرة خريص.
ويمثل هذا الرقم انخفاضًا كبيرًا في القدرات، حيث تشير آخر الأرقام الصادرة عن أوبك منذ أغسطس 2019، إلى أن إجمالي الإنتاج السعودي 9.8 مليون برميل يوميًا.
اقرأ أيضاً: المبعوث الأممي إلى اليمن يعلق على هجمات الحوثي على شركة أرامكو السعودية
ووفقًا للموقع الرسمي لأرامكو على الانترنت، فإن منشأة بقيق هي أكبر مصنع لتثبيت النفط الخام في العالم، وتحصل منشآت نفط بقيق على النفط الخام الحامض من معامل فصل الغاز عن النفط (GOSPs)، ثم تقوم بمعالجته إلى نفط خام، ثم تنقله إلى رأس تنورة والجبيل على الساحل الشرقي، وينبع على الساحل الغربي، وإلى بابكو ريجينيري في دبي.
إدانات عربية ودولية للهجوم:
أدانت دول عربية وغربية الهجوم الإرهابي الذي طال معملين تابعين لشركة أرامكو في محافظة بقيق وهجرة خريص في السعودية.
الإمارات:
ونددت الإمارات بشدة هذا العمل الإرهابي والتخريبي واعتبرته دليلاً جديداً على سعي الجماعات الإرهابية إلى تقويض الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي، في بيان، تضامن الإمارات الكامل مع المملكة والوقوف معها في صف واحد ضد كل تهديد يطال أمنها واستقرارها.
كما أكدت دعم الإمارات في كل ما تتخذه من إجراءات لحفظ أمنها وسلامة مواطنيها والمقيمين على أراضيها.
وأضاف البيان أن أمن الإمارات والسعودية كل لا يتجزأ وأن أي تهديد أو خطر يواجه المملكة تعده الإمارات تهديداً لمنظومة الأمن والاستقرار فيها.
الكويت:
وفي الكويت، أعرب مصدر مسؤول في وزارة الخارجية الكويتية عن استنكار بلاده الشديد للهجومين اللذين طالا صباح اليوم منشأتين تابعتين لشركة أرامكو في السعودية.
وأوضح المصدر بأن الكويت تؤكد مطالبتها المجتمع الدولي ببذل جهود مضاعفة للجم مثل هذه الاعتداءات ومنع تكرارها.
وأكد المصدر وقوف دولة الكويت التام إلى جانب المملكة العربية السعودية وتأييدها في كل ما من شأنها الحفاظ على أمنها وسلامة أراضيها.
اقرأ أيضاً: التضارب يحاصر صادرات النفط السعودية عقب الهجوم على منشأتين لشركة أرامكو
البحرين:
من جانبها، شددت البحرين على موقفها الثابت ووقوفها في صف واحد إلى جانب السعودية ضد الإرهاب بكل صوره وأشكاله وضد كل من يحاول المساس بأمنها أو يهدد استقرارها.
كما أكدت دعمها فيما تتخذه السعودية من إجراءات لحماية مؤسساتها والدفاع عن مصالحها، وتأييدها فيما تقوم به من جهود كبيرة ودور محوري في مكافحة الإرهاب وتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الإقليمي والدولي.
مصر:
وأدانت مصر بأشد العبارات الهجوم الإرهابي، مؤكدة تضامنها مع حكومة وشعب السعودية، ودعم الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن واستقرار المملكة ضد محاولات استهدافها، وفي سبيل التصدي لكافة أشكال الإرهاب والعنف والتطرف.
الأردن:
بدورها، اعتبرت الخارجية الأردنية الهجوم الإرهابي تصعيدا جديدا خطيرا يستهدف زعزعة الأمن والاستقرار في السعودية ويزيد من التوتر في المنطقة.
وأكد الناطق باسم الخارجية الأردنية السفير سفيان القضاة تضامن الأردن الكامل ووقوفه إلى جانب الأشقاء في السعودية في كل ما يتخذونه من إجراءات للحفاظ على أمنهم واستقرارهم والتصدي للإرهاب بكل صوره وأشكاله.
فلسطين:
في السياق ذاته، أدانت أيضا الخارجية الفلسطينية الهجوم الإرهابي، ومؤكدة وقوف بلادها الدائم مع السعودية ملكا وحكومة وشعبا في معركتها ضد الإرهاب والإرهابيين.
وأكدت تأييدها الكامل لجميع الخطوات التي تأخذها المملكة دفاعا عن حقها في حماية مواطنيها ومنشآتها وسيادتها، فإنها على ثقة تامة بقدرة المملكة على الانتصار على الإرهاب والإرهابيين.
البرلمان العربي:
كما أدان الدكتور مشعل بن فهم السلمي، رئيس البرلمان العربي، بأشد العبارات الهجوم الإرهابي على المعملين التابعين لشركة أرامكو.
وقال مشعل، بحسب موقع "العين الإخبارية"، إن استهداف المعملين يُعد عملا إرهابيا جبانا، ضمن مخطط استهدف المنشآت الحيوية والاقتصادية، والتأثير على إمدادات الطاقة وأسعار النفط في السوق العالمي.
وطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل للتصدي لهذه الأعمال الإرهابية ومحاسبة المخططين والداعمين والممولين والذين يقفون خلفها، سواء كانوا أفرادا أم جماعات أم دولا.
وعبر رئيس البرلمان العربي عن ثقته التامة بقدرة السعودية على حماية منشآتها الحيوية والاقتصادية وتصديها بحزم للجماعات الإرهابية.
وأكد مشعل تضامن البرلمان العربي التام مع السعودية، ودعمها في كل ما تتخذه من إجراءات لحماية منشآتها الحيوية والاقتصادية ضد كل من يحاول المساس بأمنها واستقرارها.
اقرأ أيضاً: السعودية: الحركة عادت لطبيعتها في شركة أرامكو بعد هجوم الطائرات المسيرة
مجلس وزراء الداخلية العرب:
واستنكرت الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بشدة الهجوم، مؤكدة تضامنها التام مع المملكة في مواجهة الإرهاب، وتأييدها الكامل للإجراءات التي تتخذها لحماية شعبها ومصالحها الحيوية.
وعبرت الأمانة العامة، في ختام بيانها، عن تقديرها البالغ لسعي السعودية الدائم لنصرة القضايا العربية والإسلامية العادلة، وحرصها على توطيد الأمن والسلم الدوليين.
أمريكا:
أما السفير الأمريكي لدى السعودية جون أبي زيد فوصف هذه الهجمات بأنها "تصرف غير مقبول".
ونقل حساب السفارة على تويتر عن أبي زيد قوله: "تدين الولايات المتحدة بشدة الهجمات التي نفذتها اليوم طائرات مسيرة على منشأتي نفط في محافظة بقيق وهجرة خريص".
وتابع أن "هذه الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية، والتي تعرض المدنيين للخطر تصرف غير مقبول، وستفضي عاجلاً أم آجلاً إلى فقدان أرواح بريئة".
الأمم المتحدة:
وقال المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن جريفيث، السبت، إن الهجوم الإرهابي الحوثي على منشأتين نفطيتين في السعودية تشكل تهديدا خطيرا للأمن الإقليمي.
وأعرب المبعوث الأممي عن قلقه البالغ إزاء الهجمات بالطائرات المسيّرة على المنشأتين التي تبنتها مليشيا الحوثي الانقلابية، مؤكدا أن هذا التصعيد العسكري مقلق للغاية.
منظمة التعاون الإسلامي:
فيما أدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين، استهداف معملين تابعين لشركة أرامكو بمحافظة بقيق وهجرة خريص في السعودية، بطائرات بدون طيار.
وشدد الأمين العام على موقف منظمة التعاون الإسلامي الثابت الرافض لجميع الأعمال الإجرامية والتخريبية، مؤكدًا وقوف المنظمة مع السعودية وتأييدها لكل ما تتخذه من إجراءات للحفاظ على أمنها واستقرارها.
ودعا جميع الأطراف إلى ممارسة ضبط النفس، وحثّها على منع تكرار مثل هذه الهجمات الإرهابية التي تزيد من تعقيد الوضع الهش أصلاً، وتعرّض العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة للخطر.
جامعة الدول العربية:
كما أدانت جامعة الدول العربية بأشد العبارات الهجمات التي نفذها الحوثيون، معتبرة أنها تعد تصعيد خطير ليس فقط من قبل الحوثيين وإنما من يقفون ورائهم.
وأكد مصدر مسؤول بالأمانة العامة للجامعة، في بيان وصل "العين الإخبارية"نسخة منه أن تبني مليشيا الحوثي لمثل هذه الأعمال الإرهابية يكشف أن قرارها صار مرتهنا بالكامل لإيران.
وأضاف أن مثل هذه الأفعال تعكس طبيعية هذه المنظمات الإرهابية (مليشيات الحوثي) التي تنفذ أجندات خارجية لا علاقة لها باليمن أو أهله.
وأعربت الجامعة عن تضامنها بشكل كامل مع السعودية، معتبرة أن العدوان على منشآتها النفطية مساسٌ بالأمن القومي العربي ينبغي التصدي له.
كما أيدت جامعة الدول العربية كافة الإجراءات التي تتخذها المملكة من أجل تأمين أراضيها في مواجهة هذا العدوان الخسيس.
بينما وصف الأمين العام لمجلس التعاون الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، الهجوم بأنه عمل إرهابي وجبان، وتهديد سافر لأمن المملكة واستقرارها ومصالحها الحيوية.
وقال الأمين العام لمجلس التعاون إن التنظيمات الإرهابية الجبانة دأبت على استهداف المنشآت النفطية في المملكة في محاولة منها لتعريض إمدادات الطاقة العالمية للخطر.
وأضاف أن هذه المحاولات لم تلقَ إلا الفشل الذريع، وظلت السعودية بدورها الاقتصادي العالمي عصية على مخططاتهم الإجرامية.
ودعا الدكتور الزياني المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف حازم من هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية والقوى الداعمة لها.
وقبل شهر، أدى هجوم تبناه الحوثيون إلى اندلاع حريق في منشأة للغاز تابعة لشركة أرامكو في حقل الشيبة جنوب شرق المملكة. وأكدت الشركة في حينه أن الحادث لم يتسبب بوقوع إصابات.
وخلال الأشهر الأخيرة، أطلق الحوثيون عدة صواريخ عبر الحدود وشنوا هجمات بواسطة طائرات مسيرة مستهدفين قواعد جوية سعودية ومنشآت أخرى، مؤكدين أن ذلك رد على غارات التحالف العربي الذي تقوده الرياض، على المناطق الخاضعة لسيطرتهم في اليمن.