قصور ملكية، شيدت بطرق فريدة من نوعها، تناطح السحاب في علوها وتغدو بعراقة تاريخها الذي بات مرجعا وتراثا يطلق على أهالي بلدة البشوات " ملوى"، المدينة الواقعة أقصى جنوب محافظة عروس الصعيد، لتشكل تلك القصور حقبة تاريخية دامت لعشرات السنوات في الماضي وباتت تاريخا يعود إليه أبناء البشوات في حديثهم عن بلدتهم.
قصص وروايات تفوح بنسماتها العطرة في مجالس الكبار والصغار معا تروى تاريخ القصور الملكية، مزخرفة بالجص الأرابيسك والمشربية والجناين والأضواء والتصميمات فنية تزين سماء القصور الداخلية، ومن الخارج يزين تلك القصور قباب وأبراج يعلو بعض منها طائر النسر تارة والصقر تارة أخرى.
بلغت مدينة ملوي الواقعة جنوب المنيا عنان السماء بما تحويه من قصور في فترة الأربعينيات والخمسينيات، وكان عدد كبير من قاطنيها من البشوات وأولاد البشوات وأحفاد البشوات وأعضاء مجلس النواب، واكتست ثوب القاهرة في شكل أصغر لكونها المنطقة الوحيدة في محافظة المنيا التي كانت تحوي عدد من القصور الملكية لا يوجد مثيلاتها بهذا التمركز في أي مكان آخر داخل نطاق المحافظة والتي أطلق عليها فى السابق "مديرية الفاروقية".
قصور مديرية الفاروقية تحوي عددا كبيرا من القصور الملكية منها ما يظل شامخا حتى اللحظة على أرض ملوي ومنها ما اندثر وطرح أرض واختفت معالمه، فما إن تخطو قدماك "مدينة ملوي" حتى تلحظ فى كل ناحية من المدينة قصرا شاهدا على عبق التاريخ المنسوجة ملامحه منذ الماضي القريب، وتضم المدينة قصر من القصور المندثرة قصر عبد العزيز بك بن سيف النصر باشا وقصر حياة النفوس واللذان اندثرا رغم جمال طرازها وبنائها المعماري.
وقصر عبد العزيز بك شيد من طابق واحد ثم بني فى وقت لاحق الطابق الثاني من ذات الطراز لنجله، وقصر حياة النفوس صاحب التاج الملكي الذي شيده أمين بك توني الريدي على الطراز الأندلسي وأهداه إلى زوجته حياة النفوس هانم نجلة سيف النصر باشا، وكانت صاحبة القصر معطاءة للخير وإطعام الفقراء، وكذا الحال بقصر عرفان باشا سيف النصر "عمدة ملوي" والذي تم بيعه في وقت لاحق وتم هدمه وهدم عراقة تاريخه الفريد من نوعه.
على جانب آخر مازالت " مدينة البشوات" تزخر بالعديد من القصور الشاهدة على عبق الماضي من بينها قصر محمد بك والي، المشيد على الطراز الصيني، وأضحى القصر في نهاية المطاف إلى مقر لعدد من المدارس بمختلف مراحلها والأنشطة التعليمية، ثم يأتي قصر عبد المجيد باشا سيف النصر الذي مازال شامخا رغم بيعه من قبل الورثة إلا أنه مازال مسجلا بسجلات المقتنيات الأثرية ويتردد عليه الأهالي بشكل دوري لالتقاط الصور التذكارية مع القصر وجنباته وحديقته وما يحويه من فنون معمارية فريدة من نوعها.
يقول فيصل عبد العزيز سيف النصر، أحد حفدة عائلة سيف النصر، إن عائلة سيف النصر أو كما يطلق عليهم أهالي ملوي "ولاد البشوات" أنتجت عدد كبير من الرموز من بينهم الوزراء والشعراء والأدباء والرياضيين العالميين الذين مثلوا مصر بالخارج وللعائلة تاريخ حافل، لافتا إلى أنه يوجد عدد كبير من القصور الخاصة بعائلة سيف النصر على أرض ملوي حتى الآن لا يوجد لها مثيل في البناء المعماري والطراز المشيدة به، على الرغم من اندثار عدد من القصور الهامة لذات العائلة إلا أن ملوى مازالت حتى اللحظة يطلق عليها "بلدة البشوات" التى يفخر بها أهالي المحافظة وليس فقط أبناء ملوي.
من جانبه يقول المؤرخ، محمود حسن السبروت، أحد مؤرخي محافظة المنيا، تشكل مدينة ملوي ثوب أثري عتيق ممزوج بعبق التاريخ فلم يكن هذا فحسب فمن الآثار الإسلامية والعربية والقبطية المساجد والكنائس وما يجمعه متحف ملوي من نوادر لم تكن بالقليل وذلك غير ما يوجد حول مدينة ملوي من قرى فهناك ما لم يكن يتوقعه أحد من حيث التاريخ في القدم من مساجد وكنائس وقصور وما تحمله من قصص ثابتة يحكي بها التاريخ فخرا وإعجابا بمركز ملوي.