يعاني آلاف العاملين من الناس في المهن التي يقتاتون منها، وتجبرهم الظروف الصعبة وقلة فرص العمل أو عدم إتقان مهنة أخرى على البقاء بها والاستسلام للأمر الواقع.
وتعتبر مهنة عامل الخرسانة من أصعب المهن التي يمكن أن يمتهنها المواطن، حيث الأعمال بها شاقة وتتطلب جهد بدني وقوة كبيرة، ويعمل من فيها في ظروف صعبة تحت أشعة الشمس الحارقة في فصل الصيف، وفي البرد الشديد بالشتاء.
يقول ياسر الجمل، 35 عام، عامل بالخرسانة، أن: "العين بصيرة والايد قصيرة"، وأنه اضطرته الظروف للالتحاق بتلك المهنة حتى يتمكن من جلب مصاريف أسرته، التي يبلغ عددها 5 أفراد ومنهم من هو في التعليم الابتدائي والحضانة، ولم يجد في كثير من الأحيان فرصة عمل إلا بها، عن طريق أحد أصدقائه على الرغم من كونها أكثر المهن الشاقة، ولكن مع الصبر والحاجة للعمل اضطر أن يتمسك بها ولا يتركها وخاصة أن فرص العمل قليلة في فصل الشتاء.
ويضيف ياسر أن العمل غير مستمر يوميا ولكن تأتي أسابيع لا يكون العمل فيها إلا يومين أو ثلاث، مما يؤثر على تلبية متطلبات منزله وأسرته وخاصة في فصل الشتاء، ولكن في فصل الصيف يكون العمل موجود بوفرة لقدوم كثير من الناس من الخارج ورغبتهم في البناء أو من المحافظات الأخرى التي يقطنون بها بسبب عملهم ورغبتهم في تجهيز منزل أو شقة في بلدتهم الأم.
ويروي محمود زناتي، 51 عام، معاناته مع مهنة عامل الخرسانة مؤكدا أنه امتهن بها منذ الصغر، بعد وفاة والده وخاصة أنه أكبر إخوته واضطر للعمل بها بأجر رمزي في بداية الأمر إلى أن تمكن من العمل كغيره من الشباب حتى صار رئيس للعمال.
وأضاف زناتي أنه شرب المر على حد قوله بتلك المهنة الشاقة التي أكلت من لحم كتفه، حتى صار اسمه مرتبط بها ويلقبونه بـ "محمود خرسانة" مؤكدا أنه تألم كثيرا أثناء فترة عمله بها ولم يتمكن من التوقف عن العمل بسبب كثرة الأبناء وتزايد متطلباتهم كل يوم عن الآخر، وأضاف ليس كل إنسان يستطيع العمل بالخرسانة لأنها أكثر المهن متاعب، وتحتاج صبر أيوب، وقوة الحصان.
وأكد زناتي أن ما يدره دخل تلك المهنة لا يتعدى 100 جنيه لكل فرد من دولاب العمل الذي يترأسه، وأن العمل ليس طوال أيام الأسبوع مما يتوجب عليهم الادخار لأوقات غياب العمل لتلبية متطلبات المنازل.
ووجه جميع عمال الخرسانة أبنائهم وجميع الطلاب بالمذاكرة ومحاولة الحصول علي مؤهل يساعدهم على الالتحاق بمهنة غير صعبة أو مؤلمة طوال الوقت، مؤكدين أنهم يتمنون ألا يسلك أبنائهم طريقهم في العمل بتلك المهن التي تقضم ظهر الشباب.