وزير الأوقاف: جيل أكتوبر الجديد قادم.. والحروب العصرية غيرت ثيابها

وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة

ألقى وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة اليوم خطبة الجمعة بمسجد السيدة نفيسة (رضي الله عنها) بالقاهرة حول موضوع ” منزلة الشهداء والتضحية في سبيل الوطن “, أكد فيها أن حرب أعدائنا لنا لم تنته إنما تغير جلدها وثيابها وأنماطها وأشكالها , وفي الصدارة منها حروب الشائعات وبث روح الإحباط واليأس وسائر أنواع الحروب النفسية , مما يتطلب أن نتسلح لحروب هذا العصر بأسلحتها, وأن نلبس لها لبوسها، وكلنا ثقة في الله (عز وجل) وفي أنفسنا وفي قواتنا المسلحة الباسلة , مؤكدين أن جيل أكتوبر الجديد قادم , قادم للدفاع عن الوطن , للدفاع عن التاريخ , للدفاع عن الكرامة , لبناء مصر المستقبل .

أكد أنَّ مَقَامَ الشَّهَادَةِ مِنْحَةٌ رَبَّانِيَّةٌ وَهِبَةٌ إِلَهِيَّةٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، يَمْتَنُّ اللهُ (عَز َّوجَلَّ) بِهَا عَلَى أَحَبِّ خَلْقِهِ إِلَيْهِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ ، يَقُولُ تَعَالَى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} ، فَاخْتِيَارُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لإنْسَانٍ مَا لِيَكُونَ شَهِيدًا لَهُو أَدَلُ دَلِيلٍ عَلَى رِضَا اللهِ (عز وجل) عَنْهُ ، وَأَيُّ دَرَجَةٍ أَسْمَى مِنْ هَذِهِ الدَّرَجَة؟ وَقَدْ أَلْمَحَ القُرْآنُ الكَرِيمُ إِلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ} ، فَالشَّهِيدُ ضَحَّى بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ إِرْضَاءِ رَبِّهِ وَدِفَاعًا عَنْ وَطَنِهِ ، وآثَرَ الآخِرَةَ عَلَى الدُّنْيَا وَاسْتَعْلَى وَانْتَصَرَ عَلَى شَهَوَاتِهِ وَرَغَبَاتِهِ ، وَخَاضَ غِمَارَ المَعَارِكِ فِدَاءً لِلدِّينِ ولِلْوَطَنِ.

وتابع ، "هَنِيئًا لِلشَّهِيدِ بِهَذِهِ المَنْزِلَةِ المُبَارَكَةِ ، وَرَبحَِ بَيْعُهُ، يَقُولُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى : {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ } ، فَيَا لَهَا مِنْ صَفَقْةٍ كَرِيْمَةٍ جَزآؤهَا الجَنَّةِ ، فَفي الْحَدِيْثِ أََنَّ أُمَّ الرُّبَيِّعِ بِنْتَ الْبَرَاءِ وَهِيَ أُمُّ حَارِثَةَ بْنِ سُرَاقَةَ أَتَتِ النَّبِيَّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فَقَالَتْ : يَا نَبِيَّ اللهِ ، أَلَا تُحَدِّثُنِي عَنْ حَارِثَةَ؟ وَكَانَ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ ، أَصَابَهُ سَهْمٌ غَرَْبٌ– أي: لا يُعْرَفُ لَهُ رَامٍ- فَإِنْ كَانَ فِي الْجَنَّةِ صَبَرْتُ ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ اجْتَهَدْتُ عَلَيْهِ فِي الْبُكَاءِ، قَالَ: “يَا أُمَّ حَارِثَةَ ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الْأَعْلَى”.

واردف، الشَّهِيدُ الحق هُوَ الَّذِي يُدَافِعُ عَنْ أَرْضِهِ وَعِرْضِهِ وَوَطَنِهِ ، فَالدِّفَاعُ عَنِ الوَطَنِ والعِرْضِ عِنْدَ المُسْلِمِ الحَقِّ كَالدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ وَالدِّينِ والمَالِ ؛ لأنَّ الدِّينَ لا بُدَّ لَهُ مِنْ وَطَنٍ يَحْمِلُهُ وَيَحْمِيهِ ، فعَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم): «مَنْ أُصِيبَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ، وَمَنْ أُصِيبَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ».

وَمِنْ ثَمَّ اقْتَرَنَ مَعْنَى الشَّهَادَةِ بِتَضْحِيَةِ المَرْءِ بِنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ ، فِي كُلِّ مَوْقِفٍ يَتَطَلَّبُ فِيهِ الدِّفَاعَ عَنِ الدِّينِ لإعْلاءِ كَلِمَةِ اللهِ تَعَالَى ، وَعَنِ الأرْضِ لِصِيَانَتِهَا وَرَدِّ العُدْوَانِ عَنْهَا ؛ لأنَّ حُبَّ الوَطَنِ مِنَ الإيمَانِ ، فَهَنِيئًا لِشُهَدَاءِ مَلْحَمَةِ العُبُورِ الخَالِدَةِ ، أُولَئِكَ الَّذينَ ارْتَوَتْ بِدِمَائِهِم الزَّكِيَّةِ أَرْضُ مِصْرَ الطَّاهِرَةِ ، فَارْتَفَعَتْ أَرْوَاحُهُمْ إِلَى اللهِ (عز وجل) وَفَازُوا بِرِضْوَانِهِ ، والنَّعِيمِ الَّذِي وَعَدَهُمُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهِ ، وَنَسْأَلُ اللهَ أَنْ يَكْتُبَنَا من الشُّهَدَاءِ.

وقال إن لِلشَّهَادَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ (عز وجل) ثَمَرَاتٌ عَظِيمَةٌ، مِنْهَا : مَا أَخْبَرَ اللهُ- تعالى- بِهِ فِي كِتَابِهِ الكَرِيمِ أَنَّ الشُّهَدَاءَ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ، يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ}، نَعَمْ إِنَّهُمْ أَحْيَاءٌ وَلَيْسُوا أَمْوَاتًا، إِنَّهُمْ يُرْزَقُونَ، وَرِزْقُهُمْ مِنَ اللهِ تَعَالَى ، فَهُمْ فَرِحُونَ بِمَا أَعْطَاهُمُ اللهُ؛ حَيْثُ جَنَّةُ الخُلْدِ الَّتِي فِيهَا مَا لا عَيْنٌ رَأَتْ ، وَلا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بشَرٍ، وَيْستَبْشِرونَ بِإِخْوَانِهِمُ القَادِمِينَ عَلَيْهِمْ ، فَلا حُزْنَ، وَلا غَمَّ وَلا هَمَّ، بَلِ اسْتِبشارٌ، وَفَضْلٌ، وَنَعِيمٌ.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً