وقفة سريعة مع فيلم الكنز (الحقيقة والخيال)

فيلم تم انتاجه في عام 2017 و هو من فئة الخيال، و لكن مرة آخرى اقف متحيرا امام تصنيفه الخاطئ في الإعلام المصري بأنه من فئة الفانتازيا، فهنالك شروط ادبية معينه يجب توفرها بالفيلم لكي يتم تصنيفه بأنه من فئة معينة، فحينما جلست خلف جهاز الحاسوب المحمول في منزلي لأشاهد هذا الفيلم كنت قد قرأت عنه كثيرا بالإعلام بأنه من فئة الفانتازيا...فتوقعت مشاهد معينة مشبعه بعالم الأساطير و السحر أو التراث المغموس بالخيال و القصص و الروايات عن شخصيات خارقة...او تراث قصصي منقول من جيل الى جيل حتى عبر اللسان او على ذمة الرواي عن ربما فارس مغوار لا يهزم بالمعارك، توقعت اي شيئ خارج المألوف لدينا ينحدر من عالم ابعاده تختلف عن عالمنا...فربما هذه التفاصيل تعبر عن ما يجب توفره بأعمال الفانتازيا...و لكن حينما شاهدت الفيلم صدمت...بأنه بعيد كل البعد عن هذه الأجواء...

هذا الفيلم هو قطعة درامية حالمة و رائعة من فئة الخيال - الأكشن معاً، و تسمى بالإنجليزية - Action fiction، و تحتوي على اسقاطات سياسية عن الفساد عبر العصور المختلفة من التاريخ المصري، انها مادة مسلية تمتاز بالإثارة و القصص الرومنسية المشبعة بتاريخ مصر الساحر...فمن الحقبة الفرعونية الى العصور الوسطى اثناء الحكم العثماني الى تاريخ مصر المعاصر يتنقل بنا المخرج المبدع من خلال مجرياته الرائعة بحنكة مهنية و اقتدار ليخبرنا رواية كل من ابطاله المشهورين...الملكة حتشبسوت (مع حفظ الألقاب) (هند صبري) و صراعها لإعتلاء عرش فرعوني معد للذكور فقط...و حينما تحكم بذكائها من خلال شخص زوجها و كما اوصى والدها قبل موته تتعرض لطعنة غادرة من خلال زوجها الذي اتضح انه مصاب بالغيرة العمياء منها، و بشر الكتاتني (محمد سعد ) و مشواره مع صديقه المخلص عبدالعزيز صدفة (أحمد رزق) في الشرطة اثناء الحكم الملكي في منتصف القرن العشرين و صراعه مع شارع مصري غاضب منه بسبب الإعتقالات العشوائية حيث يلتهب بالنداءات للتخلص من الإنتداب البريطاني، و علاقته بالمطربة نعمات رزق (أمينة خليل) و محاولته الزواج بها بعد قصة حب كبيرة بينهما، و حينما يصل صيته الى الملك و يأمره بمأمورية يعجز عنها وزير الأمن شخصيا يتعرض للغدر من قبل المقاومة بالشارع فيضع مجهولين له قنبلة تحت الطاولة التي يجلس عليها بالعادة للأستماع الى نعمات...لتنفجر و تقتلها، و ايضا حسن رأس الغول (محمد رمضان) و قصته مع سلطان فاسد يقتله و يعتلي عرش مصر لينتشر البطش ضد المواطنين المساكين، فما يلبث ان يكبر ابنه علي الزيبق (محمد رمضان) الذي يحاول الإنتقام لوالده...و يقع علي بحب ابنة غريمه صلاح الكعبي (عباس ابوالحسن)...و اسمها زينب (روبي)...قصة اعتقد انها مستلهمة من اسطورة روبن هود الشهيرة في الأدب الغربي... العمل كله بإمتياز من اروع المواد الدرامية الخيالية التي تم انتاجها بعصر السينما المعاصرة في مصر.

و لكن اظن ان نقطة ضعفه الوحيدة تكمن بأنه تمت معالجته بجزأين...فالنهاية تترك مفتوحة بالجزء الأول و لا يعلم المشاهدون نهاية كل ابطال الرواية الدرامية، لذلك حينما صدر الجزء الأول بعام ألفين و سبعة عشر ثم انتظر المشاهدون سنتين كاملتين ليصدر الجزء الثاني ىعام الفين و تسعة عشر تلاشت الرغبة لدى المشاهدون بتتبع الرواية...اعتقد ان هذه احدا الاسباب الرئيسية لاعتكاف المشاهدين عن متابعة الجزء الثاني، فكان على صناع العمل مراعاة هذا العامل قبل التباطئ بإنتاج الجزء الثاني، فالغليان و الاثارة الذي يحدثه فيلم ينتهي بهذه النهاية الغير تقليدية ليهي قدوم الجزء الثاني يجب ان يتبع بهذا الجزء سريعا لكي لا يفقد المشاهد الرغبة بمتابعة الرواية.

ألف شكر للفنانين الذين شاركوا بهذا العمل المميز ولفريق العمل كافة وسيكون لي وقفة معمقة معه قريبا...فنحن بحاجة ماسة لهذه الفسحة من الخيال كالذي قدمها هذا الفيلم كترفيه لنا...لكي ننسى جروحا كثيرة شعرنا بها في ايامنا الحالية...فنحن بحاجة للبسمة التي فارقت عالمنا مؤخرا و للتسلية لكي نتنفس قليلا هواء بأجواء نظيفة وهذه الافلام هي متنفس لا غنى عنه...ترفه عن قلبنا الذي سكن به الحزن طويلا بسبب اوضاع المنطقة المؤسفة التي تمر بها، ألف شكر على هذا العمل الدرامي المميز,,,و اطيب الأمنيات لكل فريق عمله دائما.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً