تنتظر محافظة الإسكندرية إنجازا جديدا يُضاف إليها بتنفيذ مشروع يعد الأول من نوعه فى مصر، قيد الدراسة بالمشاركة مع الجانب الإيطالي، يستهدف إعادة إحياء الميناء الشرقي، بهدف الاستمتاع بآثاره الغارقة بتقنية "الهيلوجرام" باستخدام غواصة صغيرة تتيح للجمهور مشاهدة الآثار الغارقة والاستمتاع بها، وهو ما يعُد نقلة تنموية كبيرة إلى جانب المشروعات القومية الكبري التي يتم تنفيذها بالمحافظة.
وُيعد الميناء الشرقي بالإسكندرية أقدم موانئ العالم، وغارق به حوالي 60% من الآثار الغارقة بالإسكندرية، ويقع في المنطقة ما بين رأس السلسلة بمنطقة الشاطبي شرقًا وقلعة قايتباي غربًا، وكان الحي الملكي في العصر البطلمي يقع في منطقة الميناء، وقد تم إنشاؤه مع مدينة الإسكندرية في عهد الإسكندر الأكبر ويقال أن الإسكندرية نفسها قد أُنشئت من أجل هذا الميناء، حيث أُقيم بفضل جسر شيده الإسكندر الأكبر ليربط جزيرة فاروس بخط الساحل القديم، ويحده من الشرق رأس لوخياس "السلسلة" حاليًا.
ويمتلئ الميناء الشرقي بالآثار الغارقة حيث منارة الإسكندرية القديمة والتي كانت من عجائب الدنيا السبع، وكذلك قصر كليوباترا، وآثار أول كنائس أقيمت بالإسكندرية والحي الملكي القديم وكلها آثار تمثل جزءًا هامًا من مدينة الإسكندرية القديمة، والتي غرقت نتيجة لسلسلة من الزلازل ضربت سواحل مصر الشمالية على مر العصور، ويُعتقد أن الميناء كان مبنيًا على جزيرة تعرضت للغرق، إذ تم تحطم الكثير من المباني والقصور والقلاع في مياه البحر نتيجة لتعرضها للعديد من الزلازل الشديدة، وقد تم بناء سور الميناء الصخري، الذي قامت بتصميمه شركة إيطالية، بعد ردم أول صفين من المباني وكان يمتد من قلعة قايتباي حتى المنتزه وكان ذلك في عهد الخديوي عباس حلمي عام 1905.
ونظرًا لكون الميناء الشرقي من أهم مواقع الآثار الغارقة قام مجلس التراث السكندري بإعداد ملف لترشيح الميناء الشرقي لوضعه في قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو لأنه يعد من أحد أهم المواقع التراثية بالإسكندرية وذلك بعد إهماله لفترة طويلة، وكان قد بدأ الاهتمام بالموقع من الناحية الأثرية عام ١٩٦١، عندما اكتشف به كامل أبو السعادات، أحد الغواصين الهواة، تمثالاً ضخمًا لسيدة ترتدي الزي المميز للإلهة إيزيس وقطعا أثرية أخرى، كما ظهرت بهذه المنطقة أرصفة حجرية، وفي عام ١٩٩٢ قامت بعثة المعهد الأوروبي للآثار الغارقة بعمل مسح طبوغرافي للميناء أسفر عن اكتشاف جزيرة أنتيرودوس واللسان المعروف بشبه جزيرة التيمونيوم، حيث عُثر على بقايا مبان من المرجح أن تكون لمسرح ومعبد الإله بوسيدون، كما كشفت البعثة عناصر أثرية ومعمارية مختلفة؛ مثل تماثيل أبو الهول، وحطام سفينة غارقة ترجع إلى العصر الروماني.
وقد تم إجراء مسح لقاع الميناء الشرقي لتحديد أماكن الآثار الغارقة فى عام 1960، وكان من نتائجه انتشال تمثال ضخم لإحدى ملكات البطالمة فى هيئة الآله إيزيس وفى عام (1996-1997) تم تحديد موقع ما يزيد عن 1600 قطعة أثرية، وفي عام 1996 تم إنشاء إدارة للآثار الغارقة بالإسكندرية تابعة للمجلس الأعلى للآثار لأول مرة وتضم مجموعة من الأثريين المصريين برئاسة الأثري إبراهيم درويش رائد الغوص في أعماق البحار.
وقد تعرض الميناء الشرقي لمحاولات عدة للاعتداء كانت سببًا في فتح ملف إهمال الميناء وعلى إثر ذلك بدأت المحافظة في إعداد ملف لتحويل الميناء إلى منطقة تراثية، ومن بين تلك المحاولات أنه تم اقتطاع جزء من الميناء لتحويله إلى جراج سيارات إلا أنه حدثت احتجاجات شديدة من المهتمين بالمباني والتراث جعلت المحافظة تتراجع عن هذا الاعتداء السافر على مثل هذا التراث القديم ورجع إلى ما كان عليه مرة أخرى، ونتيجة للإهمال الشديد للسور الصخري القديم للميناء وعدم الصيانة وكونه ليس مسجلا في مجلد التراث وغير تابع لوزارة الآثار فقد حدث انهيار كتل صخرية من السور.