يوم ٦ أكتوبر من كل عام نحتفل بانتصار حرب أكتوبر على إسرائيل وتحرير سيناء من بين أيديهم، كما من أبرز الأحداث أثناء الحرب هو عبور خط بارليف الذي أبهر العالم عندما دمر خط بارليف المنيع الذي أعدته إسرائيل ظنا منها أننا لن نستطيع عبوره، ولكن بذكاء الجيش المصري وقائده استطعنا عبوره وهزيمة إسرائيل في ست ساعات، وفي يوم نصر أكتوبر الذي يكون أجازة رسمية ومناسبة للاحتفال بها في كافة قطاعات الدولة، كما يعتبر هذا اليوم تاريخ مورث بين الأجيال يتناقلوا ويتحدثوا عنه في يوم ٦ أكتوبر حيث لا يذهب الأطفال إلى المدارس ويبدأ الحديث عن نصر أكتوبر بإذاعة المدرسة قبل هذا اليوم كما يجب أن يتحدث الأب والأم في العطلة الرسمية لحرب أكتوبر عن أحداث حرب أكتوبر وعن مدى أهمية نصر أكتوبر إلينا، ومدى التضحية التي ضحاها جنود وشعب مصر والتي كان ثمارها هو نصر أكتوبر.
كما وجب القول إن حرب أكتوبر كان موعدها غير معروف كما أنها كانت مفاجأة لإسرائيل وللشعب، فلم يعرف أحد بموعد قيام الحرب إلا الرئيس الراحل أنور السادات الذي أهدانا بنصر أكتوبر وعبور خط بارليف المنيع.
حرب أكتوبر
1- من خطط الحرب غير الرئيس أنور السادات؟
خطط الرئيس السادات بالاجتماع مع رئيس المخابرات العامة والمخابرات الحربية ومستشار الأمن القومي والقائد العام للقوات المسلحة لوضع خطة خداع استراتيجي يسمح لمصر بالتفوق على التقدم التكنولوجي والتسليحي الإسرائيلي عن طريق إخفاء أي علامات للاستعداد للحرب وحتى لا تقوم إسرائيل بضربة إجهاضي للقوات المصرية في مرحلة الإعداد على الجبهة.
2- الجبهة الداخلية
من ضمن خطة الخداع الإستراتيجية كانت هناك خطط على المستوى الاقتصادي والطبي وحلول لمشاكل الحصار وكانت تخدم هذه الخطة الصحف الإخبارية وخصوصا الأهرام.
- حيث في المستوى الاقتصادي استيراد مخزون استراتيجي من القمح، وذلك عن طريق تسريب معلومات بأن أمطار الشتاء قد غمرت صوامع القمح، وأفسدت ما بها، وتحول الأمر لفضيحة إعلامية استوردت مصر على أثرها الكميات المطلوبة.
- إخلاء المستشفيات تحسباً لحالات الطوارئ، عن طريق تسريح ضابط طبيب من الخدمة وتعيينه بمستشفى الدمرداش، ليعلن عن اكتشافه تلوث المستشفى بميكروب، ووجوب إخلائها من المرضى لإجراء عمليات التطهير، وفي اليوم التالي نشرت «الأهرام» الخبر معربة عن مخاوفها من أن يكون التلوّث قد وصل إلى مستشفيات أخرى، فصدر قرار بإجراء تفتيش على باقي المستشفيات، وأخليت باقي المستشفيات.
- استيراد مصادر بديلة للإضاءة أثناء تقييد الإضاءة خلال الغارات، عن طريق تنسيق أحد المندوبين مع مهرب قطع غيار سيارات لتهريب صفقة كبيرة من المصابيح مختلفة الأحجام، وبمجرد وصول الشحنة كان رجال حرس الحدود في الانتظار، واستولوا عليها كاملة وتم عرضها بالمجمعات الاستهلاكية.
- كما لأجل تقليل الانتباه العام دعا الفريق أول أحمد إسماعيل جميع وزراء الحكومة يوم 27 سبتمبر 1973 لزيارة هيئة الأركان العامة لإطلاعهم على الجديد من الأجهزة المكتبية والحاسبات الآلية.
3- كيفية نقل المعدات للجبهة
من المعروف أنه نقل المعدات إن تم الإفشاء به للجيش الإسرائيلي ستدمر وتفسد الخطة، لذا كيف يتم نقل المعدات بدون أن يعلم العدو لتصل سليمة؟ وخصوصا أنها كبيرة الحجم مثل الدبابات.
- تم نقل ورش التصليح إلى الخطوط الأمامية، ودفع الدبابات إلى هناك في طوابير بحجة إصابتها بأعطال.
- لاستفزاز الجيش الإسرائيلي ودفعه للسخرية من القرارات تم نقل معدات العبور والقوارب المطاطية عن طريق تسريب المخابرات تقريرا يطلب فيه الخبراء استيراد كمية مضاعفة من معدات العبور مما أثار سخرية إسرائيل، وعندما وصلت الشحنة ميناء الإسكندرية، ظلت ملقاة بإهمال على الرصيف حتى المساء وفي ظل إجراءات أمنية توحي بالاستهتار واللامبالاة، وأتت سيارات الجيش فنقلت نصف الكمية إلى منطقة صحراوية بضاحية (حلوان)، وتم تكديسها وتغطيتها على مرمى البصر فوق مصاطب لتبدو ضعف حجمها الأصلي، فيما قامت سيارات مقاولات مدنية بنقل الكمية الباقية للجبهة مباشرة.
4- خداع على المستوى الميداني
من ضمن طرق الخداع التي قررها الرئيس وشركائه في التخطيط لخداع الجيش الإسرائيلي كانت هناك إجراءات خداع ميدانية والتي كانت منها:
- لتدريب الجنود على نماذج خط بارليف كان على المخابرات توفير لمعلومات حيوية سمحت ببناء نماذج لقطاعات خط بارليف في الصحراء الغربية وخداع الأقمار الصناعية لملء المعسكر بعدد من الخيام البالية والأكشاك الخشبية المتهالكة، ولافتات قديمة لشركات مدنية.
5- تسريح مجندين
كما تم تسريب معلومات عن تسريح 30 ألف من المجندين منذ عام 1967 في يوليو 1972 وكان معظمهم خارج التشكيلات المقاتلة الفعلية، وفي مواقع خلفية.
6- التمويه عن موعد الحرب
كما تم التمويه لصرف النظر عن المعاد الحقيقي لحرب أكتوبر برفع درجة الاستعداد القصوى للجيش وإعلان حالة التأهب في المطارات والقواعد الجوية من 22 إلى 25 سبتمبر، مما يضطر إسرائيل لرفع درجة استعداد قواتها تحسباً لأي هجوم، ثم يعلن بعد ذلك أنه كان مجرد تدريب روتيني حتى جاء يوم 6 أكتوبر فظنت المخابرات الإسرائيلية أنه مجرد تدريب آخر.
7- استبعاد فكرة الحرب من عقول الجيش الإسرائيلي باستبدالها بأنها مجرد منارة وذلك من خلال بدأ القتال تحت ستار المناورة العسكرية المشتركة (تحرير 23)، ثم استبدلت خرائط التدريب بخرائط العملية (بدر) وكانت البرقيات والرسائل المصرية التي تعترضها المخابرات الإسرائيلية تؤكد أنباء تلك المناورة مما أدى إلى استبعاد إسرائيل لفكرة الحرب.
8- كما أن من ضمن خطة الخديعة في الحرب هو إبعاد فكرة الحرب بالعمرة حيث في أكتوبر 1973 تم الإعلان عن فتح باب رحلات العمرة لضباط القوات المسلحة والجنود، وكذالك تنظيم دورات رياضية عسكرية مما يتنافى وفكرة الاستعداد للحرب.
9- كما أن رؤية الجنود المصريون على الضفة الغربية للقناة صبيحة يوم الحرب وهم في حالة استرخاء وخمول، ويتظاهر بعضهم بمص القصب وأكل البرتقال، مما جعل الجيش الأمريكي يستهزأ واسترخاء قوة دفاعاتهم.
10- ولكي يتم غلق مضيق باب المندب بدون علم الجيش الإسرائيلي تم نشر خبر صغير في شهر سبتمبر عام 1973عن تحرك ثلاث قطع بحرية مصرية إلي أحد الموانئ الباكستانية لإجراء العمرات وأعمال الصيانة الدورية لها، وبالفعل تحركت القطع الثلاث إلى ميناء عدن وهناك أمضت أسبوعاً ثم صدر لهم الأمر بالتوجه إلي أحد الموانئ الصومالية في زيارة رسمية استغرقت أسبوعاً آخر لزيارة بعض الموانئ الصومالية، ثم عادت القطع الثلاث من جديد إلي عدن وهناك جاءتهم الإشارة الكودية في مساء الخامس من أكتوبر 1973 بالتوجه إلى مواقع محددة لها عند مضيق باب المندب في سرية تامة عند نقط تسمح لها بمتابعة حركة جميع السفن العابرة في البحر الأحمر رادارياً وتفتيشها، ومنع السفن الإسرائيلية من عبور مضيق باب المندب طوال الحصار.
11- كيفية اختيار موعد الهجوم ؟
تم اختيار ساعة الصفر ويوم الهجوم تبعا لتخطيط واختيار دقيق وذلك تبعا للأسباب التالية:
- يوم تحتفل فيه إسرائيل بعيد الغفران اليهودي، وتغلق خلاله المصالح الحكومية بما فيها الإذاعة والتليفزيون لذا اختير هذا اليوم موعدا للهجوم.
- كما اختير على أساس الظروف المناخية والسياسية المواتية، كما كان المجتمع الإسرائيلي منشغل بالمعارك الانتخابية التشريعية.
12- كما لزيادة التمويه عن اليوم تم الإعلان عن زيارة قائد القوات الجوية اللواء حسنى مبارك إلى ليبيا يوم 5 أكتوبر، ثم تقرر تأجيلها لعصر اليوم التالي 6 أكتوبر 1973.
13- كما أحيط هذا اليوم بالعديد من الأحداث والزيارات للتمويه عن اليوم حيث وجه المشير أحمد إسماعيل الدعوة إلى وزير الدفاع الروماني لزيارة مصر يوم الاثنين 8 أكتوبر وأعلن رسمياً أنه سيكون ف استقباله شخصياً لدى وصوله إلى مطار القاهرة.
14- كما تم إعلان رسميا عن الاستعداد لاستقبال الأميرة مارجريت صباح الأحد 7 أكتوبر.
15- تأمين تحركات واستعدادات القوات المسلحة
ولتأمين التحركات كان يجب أن يتم الخطوات التالية:
- كشف كافة شبكات التجسس بما في ذلك شبكة هبة سليم وشبكة طناش راندوبولو.
- كما تم إخفاء المعلومات عن الاستعداد للحرب من خلال تحييد دور الملحقين العسكريين وضباط المخابرات بالسفارات بوضعهم تحت رقابة صارمة لمنع وصولهم إلى معلومات تمس سرية الاستعداد للحرب، حتى وصل الأمر إلى ترحيل الملحق العسكري الإسباني مصاباً خلال معركة بالأيدي على متن طائرة إسعاف، لنقله تحركات سلاح الطيران المصري دقيقة بدقيقة.
16- تضليل المعلومات عن العدو وتوفير معلومات سرية خاطئة
حيث تم ذلك من خلال عملاء جهاز المخابرات العامة ومنهم أشرف مروان، رفعت الجمال «رأفت الهجان»، أحمد الهوان «جمعة الشوان».
17- التشفير
كما تم استخدام اللهجة النوبية لتشفير الرسائل الهامة بين القوات أثناء المعركة لتضليل معترضي تلك الرسائل.
خط بارليف المنيع
18- خط بارليف المنيع
كان من إحدى العقبات الصعبة التي واجهت الجيش المصري عند العبور حيث تميز خط بارليف بما يلي :
- بساتر ترابي ذو ارتفاع كبير - من 20 إلى 22 مترا - وانحدار بزاوية 45 درجة على الجانب المواجه للقناة.
- كما تميز بوجود 20 نقطة حصينة تسمى "دشم" على مسافات تتراوح من 10 إلى 12 كم وفي كل نقطة حوالي 15 جندي تنحصر مسؤليتهم في الإبلاغ عن أي محاولة لعبور القناة وتوجيه المدفعية إلى مكان القوات التي تحاول العبور.
- كما كانت عليه مصاطب ثابتة للدبابات، بحيث تكون لها نقاط ثابتة للقصف في حالة استدعائها في حالات الطوارئ.
- كما كان في قاعدته أنابيب تصب في قناة السويس لإشعال سطح القناة بالنابالم في حالة محاولة القوات المصرية العبور، والتي قامت القوات المصرية الخاصة بسدها تمهيدا للعبور في واحدة من أعظم العمليات.
- كما من ضمن دفاعات إسرائيل هو الترويج لخط بارليف طويلا بأنه يستحيل عبوره ويمكنه إبادة الجيش المصري إذا حاول عبور القناة، كما ادعت أنه أقوى من خط ماجينو الذي بناه الفرنسيون بعد الحرب العالمية الأولى.
19- سر 6 ساعات
تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 م من عبور قناة السويس واجتياح خط بارليف، وأفقد العدو توازنه في أقل من ست ساعات وذلك بالخطوات والإجراءات المتفق عليها:
- حيث بدأ الهجوم بالضربة الجوية، مستغلين العديد من الاعتبارات منها عنصري المفاجأة والتمويه العسكريين الهائلين اللذين سبقا تلك الفترة، كما تم استغلال عناصر أخرى مثل: المد والجزر و اتجاه أشعة الشمس
- وذلك لاختراق الساتر الترابي في 81 موقع مختلف وإزالة 3 ملايين متر مكعب من التراب عن طريق استخدام مضخات مياه ذات ضغط عال، قامت بشرائها وزارة الزراعة للتمويه السياسي.
- كما تم الاستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 وأسر 161 ولم تصمد إلا نقطة واحدة هي نقطة بودابست في أقصى الشمال في مواجهة بورسعيد.
- وقد اعترض أرييل شارون الذي كان قائد الجبهة الجنوبية على فكرة الخط الثابت واقترح تحصينات متحركة وأكثر قتالية ولكنه زاد من تحصيناته أثناء حرب الاستنزاف.
20- المحطم الأصلي لخط بارليف المنيع
كان اللواء المهندس "باقي زكي يوسف" الذي حطم أسطورة خط بارليف فهو صاحب فكرة استخدام المياه في فتح الساتر الترابي تمهيدا لعبور القوات المصرية إلى سيناء.
هذه الفكرة رغم بساطتها أنقذت 20 ألف جندي مصري علي الأقل من الموت المحقق.