اعلان

خالد منتصر لـ"أهل مصر": تبني بعض شيوخ الأزهر للفكر الوهابي أصاب العقل المصري بـ"الشلل" (حوار)

◄ فتاوى رجال الدين مُضرة بـ"الوطن والعقل".. و"سجن الجمود" جعلهم يتحركون في مساحة ضيقة ومحدودة.. وهم يشبهون لاعبي الكرة المقيدون بـ"كرات حديدية"

◄ الدين معرفة وليس علمًا.. وتجديد الخطاب الديني يحتاج إلى أهل الثقافة والفكر والعلم والفن.. و"التخصص" فزاعة اخترعها المشايخ للحفاظ على سلطة قمع الأفكار

◄ تلاميذ "البخاري" مستعدون لقتل من ينتقد حرفًا واحدًا من كتابه.. والمتأسلمون السلفيون "مذعورون" من أفكار نقد التراث.. وعقولنا ليست قطع إسفنج تمتص شروح الأقدمين

◄ "نون النسوة" تستفز السلفيين.. وشعارهم مع المرأة: "لا طايقك ولا قادر على بعدك".. و"الكبت الجنسي" والتدني في حضيض الذكورية و"إسلام الفرج" يلعب دورًا كبيرًا في مخيلتهم الشهوانية

◄ المزاج المصري أصبح "سلفيًا مرعبًا".. وأفكار حسن البنا وسيد قطب انتشرت بـ"الخوف".. وهي طوق نجاة لـ"معطلو التفكير النقدي".. وهؤلاء حرموا المجتمع من التقدم والاستنارة

◄ لا أقدس رجال الدين واختلف معهم بشدة.. وهجومي عليهم دفاعًا عن الإسلام.. والنقاب طمس لـ"الهوية".. ويزرع "الدونية" داخل المرأة.. والقول بأنه من الدين "أكذوبة"

الحديث معه شائكٌ، شبيهٌ بتلك القضايا التي يخوض غمارها دون خوفٍ أو تردد. آراؤه الرافضة لبقاء الموروث الديني السلوكي الخاطئ، وما تبعه من جمود فكري وتغييب للعقول ومحاولة فرض سلطة كهنوتية لا يعرفها الإسلام؛ جعلت رياح النقد الهادئ -في بعض الأحايين-، وعواصف السباب الممزوج بكيل من التهديدات والاتهامات بالزندقة والإلحاد ومعاداة الدين الإسلامي -في أكثر الأحايين- تهب عليه من كل صوبٍ وحدبٍ، وهو أمام كل هذا يقف صامدًا متمسكًا بمقولته الشهيرة: "أقف عاريّ الصدر في مواجهة ضباع، ويكفيني شرف المحاولة"، إنه الدكتور خالد منتصر، المفكر التنويري المُثير للجدل على الدوام، والذي التقته "أهل مصر" في حوارٍ هو الأجرأ على الإطلاق، آثرنا أن يكون مناظرةً فكريةً مجتمعيةً يُشارك في طرح أسئلتها النخبة المثقفة والمهتمين بالحقل الفكري التنويري وقطاع عريض من الفئات المجتمعية المتباينة الثقافة والفكر.

اقرأ أيضًا.. خالد منتصر لـ"أهل مصر": الفقهاء ليسو مقدسين.. ونحتاج إلى تجديد فكر ورؤية (فيديو)

وقد أجاب الدكتور خالد منتصر، على أسئلتكم التي تفضلتم بإرسالها إلينا مشكورين، شارحًا رؤيته حول الطريق الأنجع لتجديد الخطاب الديني، وأسباب معاداة التيار السلفي للمرأة، ولماذا يهاجم النقاب في كل كتاباته؟ والعلاقة الشائكة بينه وبين مشايخ الأزهر، وغير ذلك من القضايا المحورية الهامة جدًا.. وإلى نص الحوار:

◄ باحث في مجمع اللغة العربية بالقاهرة - طلب عدم ذكر اسمه -.. يسأل: لماذا تسخر حياتك وصفحتك لمهاجمة كل ما هو إسلامي؟- هذا يعتمد على مفهومك لكلمة إسلامي؛ إذا كنت تعتقد أن ما يقوله رجال الدين والدعاة عن بول البعير وارضاع الكبير وأن أقصى مدة للحمل أربع سنوات.. إلخ، هو الإسلامي؛ فهذا خطأك أنت وليس خطأي، وأنا أهاجم ما يقوله هؤلاء الشيوخ لأنه يشوه الإسلام، وإذا كنت تريد التمسك بتلك الأقاويل التي دخلت المتحف الفكري، فأنت الذي لا تحترم العقل الذي رفع الإسلام من شأنه. إذا كنت تريد أن تظل في نفس البقعة الفكرية الصحراوية وترفض أن تغادرها حتى هذه اللحظة فهذا شأنك أنت ولا يلزمني، ومع كل الإحترام لشخصك أنا غير ملزم بكتالوجك الفكري على الإطلاق، وقبولك هذه الخرافات إختيارك، كما أن رفضها هو أيضًا إختياري.

اقرأ أيضًا.. خالد منتصر خلال توقيع 4 من كتبه: انتقلنا من مرحلة اغتيال المفكر إلى اغتيال الفكرة (صور)

وأنا لا أهاجم المعتقدات؛ لأن هناك فارق كبير بين الدين كمعتقد وبين التدين كممارسة، ومن حقي بل من واجبي وواجب كل مسلم أن ينتقد ممارسات التدين التي هي اجتهاد بشري ليس من صلب العقيدة، وأنا أحترم رجل الدين مثلما أحترم أي شخص أتعامل معه، لكن لا أقدسه ولا اتعامل معه كنصف إله، واختلافي معه شديد ومن الممكن أن يصبح حادًا إذا أضرت فتواه بالمجتمع والوطن والعقل، وهذا حقي كإنسان ينتمي إلى هذا المجتمع. 

◄ أين أبحاثك وأعمالك العلمية كطبيب؟ لماذا لا تفيدنا بها بدلًا من أن تتحدث في غير تخصصك؟

- فزاعة التخصص هذه فزاعة وهمية اخترعها رجال الدين لكي يحافظوا على سلطاتهم في قمع الأفكار وتغييب وعي الناس. الدين ليس علمًا تجريبيًا، الدين ملكنا جميعًا، وهو من المعارف وليس من العلوم مثل الكيمياء والفيزياء، وعمر عبد الرحمن مفتي الإرهاب والقتل والذبح، ليس متخصصًا وحسب، بل حاصل على الدكتوراه!!.

اقرأ أيضًا.. أزهري مهاجمًا خالد منتصر: الحديث في أصول الدين دون تخصص تطرف

والعلم بطبيعته نسبي ولكي يتقدم ويتطور لابد من النقد المستمر لنظرياته التي تصل إلى حد التقويض وإبدال النظرية بنظرية أخزى أكثر ثباتًا في وجه الانتقادات إلى حين؛ فهل ترضون أن نتعامل مع الدين بهذا المنطق العلمي؟ ورثة "نيوتن" وتلاميذه في العلم لم يلطموا ويشقوا الجيوب حين عدل "أينشتين" وأضاف إلى قوانين نيوتن وأثبت عدم صلاحيتها في أحوال معينة، لكن تعالى إلى تلاميذ "البخاري" المستعدين لقتل من ينتقد ولو حرفًا واحدًا من كتابه!!، هل هذا يعتبر علمًا؟ بالتأكيد لا، ولذلك لا ترفعوا في وجوهنا فزاعة التخصص؛ فقد صارت فزاعة مستهلكة في زمن الإنترنت.

◄ اعتدت مهاجمة النقاب وتحذير الناس من المنتقبات.. لو كان النقاب هو المشكلة وأن النساء إذا خلعنه سنتقدم؛ نحن على استعداد أن نطلق حملة عامة بعنوان: "يا نساء مصر.. اخلعن النقاب" على أن تستمر هذه الحملة عامًا كاملًا، ونرى بعدها هل سنتقدم أم لا؟

- الزي (أي زي) يقع تحت باب الحرية الشخصية؛ إلا النقاب لأنه "طمس هوية"، وحتى الإستناد الديني بأنه فرضٌ قُتل بحثًا، وثبت أنه ليس من الدين، وعليك بالرجوع إلى تصريحات الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، التي قال فيها إن النقاب عادة وليس عبادة، وكذلك عليك بالرجوع إلى ما كتبه الشيخ محمد الغزالي، حول هذا الأمر؛ إذ فند دعاوى وأكاذيب "ألتراس" المدافعين عن النقاب في كتابه: "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث".

اقرأ أيضًا.. خالد منتصر: كثير من المصريين لديهم شلل فكرى بسبب "المليون فتوى" (فيديو)

أما فيما يتعلق بقولك إن النساء إذا خلعن النقاب سنتقدم؛ فلا يوجد شيء ولا قانون منفردًا يجعل مجتمعًا يتقدم، ولكنه عنصر من ضمن العناصر المحررة لعقل المرأة، لأن من تختاره وتسجن نفسها فيه هي لاترتدي النقاب فقط أو تعتنق فكرته فقط، وإنما ترتدي وتعتنق "باكيدج" أفكارًا مكبلةً وحابسةً لكل طاقتها، وداهسةً لروحها، هذه الأفكار تزرع بداخلها إحساس دونية، وتشلها عن المشاركة في نهضة المجتمع، مما يجعل المجتمع "مجتمعًا أعرج"، هذا الـ"باكيدج" من الأفكار المكبلة والحابسة للمرأة لا يتوقف عند النقاب فقط، بل يضم أيضًا: الإدعاء بـ"نقصان عقلها"، وأنها ملعونة إذا تنمصت وزانية إن تعطرت، وأنها من أكثر أهل النار.. إلخ، هل تنتظرون ممن يحتل رأسها هذا الباكيدج أو تلك الحزمة من القيود الفكرية أن تشارك في نهضة مجتمع يئن تحت وطأة التخلف.

◄ الكاتب الصحفي إسلام كمال.. يسأل: متى تتوقف عن إستفزاز المتأسلمين بآرائك؟!

- ما تسميه أنت إستفزاز، اسميه أنا "تحفيز على التفكير". المتأسلم السلفي الذي يرفض أفكار النقد للتراث مثل الطفل الذي يرفض التطعيم، الذي هو طبقًا لتعريفك أو اتهامك هو إستفزاز لجهاز المناعة، أنت عندما تمنح مريض الإيدز الذي سقط جهاز مناعته علاجًا فأنت لا تستفزه ولكنك تحاول شفائه.الأفكار لا تستفز إلا من لديهم هشاشة في عقولهم، والمتأسلمون السلفيون مذعورون من سقوط أفكارهم، وليسوا معذورون؛ لأن هؤلاء لا يخافون على الدين، بل هم خائفون على أنفسهم، وهم من قبيلة السمع والطاعة و"لا تجادل ولا تناقش يا أخي".

◄ المفكر التنويري الدكتور بهي الدين مرسي.. يسأل: كيف تفسر تدني الفكر السلفي في حضيض الذكورية وإسلام الفرج؟- هؤلاء لا يريدون مغادرة محطة 1500 سنة مضت للحاق بقطار الحضارة، تلك المحطة التي كانت فيها المرأة متاعًا مثلها مثل الخيمة والناقة، حتى أنها حين كانت تذهب إلى الخلاء لتقضي حاجتها يتم التحرش بها، ثم بعد ذلك ميزوا الحرائر عن الجواري والإماء، وأيضًا هي محطة القبيلة البدوية والمجتمع الصحراوي الذي كان يحط من قيمة المرأة عكس المجتمع الزراعي الفرعوني على سبيل المثال، هؤلاء ما زالوا يثبتون الكادر عند تلك اللقطة ولا يريدون الخروج من ذلك الإطار، ويلعب "الكبت الجنسي" دورًا كبيرًا في رسم مخيلة شهوانية عن ذلك "الكائن اللغز" الذي بالأساس أعظم وأهم المغريات له في الجنة هي "الحور العين الأبكار" اللاتي يظل معهن في جنس مزمن، وإذا كانت تلك هي محركات السماء له؛ فلماذا لا يكون محركه الأرضي بنفس المفاهيم، حتى لو كانت مع طفلة البامبرز مادامت تحتمل الوطء.

◄ الدكتور ماهر محمود - الأستاذ بطب قصر العيني.. يسأل: لماذا لا يُعيد التنويريون طباعة إصدارات الراحل فرج فودة مرة أخرى؟- للأسف شهيد الفكر الدكتور فرج فودة، طبع معظم كتبه في دور نشر غير معروفة ومعظمها أغلق، وإعادة طباعة كتبه أعتقد مهمة أسرته بالأساس أو تحتاج موافقتهم على الأقل، وقد كتبت في ذلك مرارًا، وأعتقد أن ابنته "سمر" لن تمانع في هذا، والكثير من دور النشر مستعدة لنشر كتبه، وليكن سؤالك دعوة جديدة لإعادة تلك المطالبة المهمة؛ فخالد الذكر فرج فودة، علامة فارقة ومرحلة مفصلية في رحلة التنوير.

◄ في معرض الكتاب الأخير عند سؤالي على كتب الدكتور خالد منتصر، كان الجميع ينظر لي بريبةٍ وكأني أبحث عن "مخدرات".. بما تفسر هذا؟- هذا يدل على أن كلامي موجع لكسالى الفكر، وجامدي الدماغ، وعابدي الدوجمائية، ولست مندهشًا من تعاملهم مع مؤلفاتي بـ"توجس وتربص"، واعتبر هذا أمرًا طبيعيًا؛ فلا يمكن أن تُجري جراحة تغيير مخٍ دون أعراض جانبية، ولا يمكن أن تخوض معركة فكرية في هذه المنطقة الملغومة دون أن يصيبك بعض النابالم من الشتائم والوقاحات والتهديدات، وهذه ضريبة أدفعها ولابد أن أدفعها؛ لأنك عندما تكتب في قضايا الفكر الهادف إلى تحرير العقل، فأنت لا تتنزه في بستان، وإنما تسبح في مثلث برمودا.

◄ الدكتور حامد المسلمي - ‏باحث في الشئون السياسية والحركات الإرهابية‏.. يسأل: لماذا لم يستطع التيار العلماني في مصر بلورة مشروع كامل لنقل البلاد من الرجعية إلى التقدم؟- أتفق معك في أن التيار العلماني لم يبلور مشروعه بعد، أو بمعنى آخر لم يصبح تيارًا فاعلًا وقويًا، وهذا يعود لعوامل عدة، منها: الخلاف بين العلمانيين أنفسهم، ولكنى أعتبر هذا أضعف العوامل؛ لأن تطبيق ونشر قيم العلمانية لم يعد يحتاج إلى تحالف أو حزب أو تكتل منظم، فقد قامت شبكة الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي بهذا الدور، وتجاوز الشباب فكرة الإجتماعات الحزبية التنظيمية لنشر الأفكار العلمانية، واستعاض عنها بالـ"فيسبوك" و"تويتر".

اقرأ أيضًا.. كاتب صحفي: «ازدراء الأديان » وصمة عار في جبين مصر

أما العامل الثاني فهو السمعة السيئة للعلمانية، التي استطاع الإسلام السياسي ترسيخها في الذهنية المصرية، وهناك أيضًا عامل ثالث يتمثل في المزاج السلفي المصري المرعب الذي صار وسواسًا قهريًا منتشرًا بطريقة سرطانية يقتحم كل تصرفات المصريين بداية من الزي وحتى التعاطي مع العلم والفن، هذا المزاج مازال حائط صد رهيب أمام أفكار الاستنارة والعلمانية، إضافة إلى إيمان معظم الليبراليين بأن الديمقراطية هي الأصل وهي كافية بذاتها لخلق علمانية، وهذا غير صحيح؛ فالديمقراطية لن تتحقق إلا إذا سبقتها العلمانية في البداية، والواقع يؤكد أن الديمقراطية الإجرائية ستتحول إلى صناديق إنتخاب يذهب إليها عنصريون فاشيون طائفيون رجعيون، ليضعوا في تلك الصناديق ترشيحاتهم غير المبنية على الكفاءة أو المواطنة ولكنها مبنية على هلاوس وضلالات تلك الأفكار المحقرة للمرأة والكارهة للآخر واللامبالية بفكرة الوطن.. إلخ.

◄ الكاتب الصحفي محمد نبيل.. يسأل: هل تشجع على فصل الدين عن السياسة؟ وما الفرق بين ظاهرة خلق مجددين للخطاب الديني وظاهرة الدعاة الجدد؟- أنا مع فصل الدين عن السياسة تمامًا، وفي هذا حفاظ على قدسية الدين وضمانة لمرونة السياسة، وفيما يتعلق بسؤالك عن الفرق بين مجدد الخطاب الديني والداعية، فهذا يحصر التجديد على أصحاب العمامة أو دارسي العلوم الدينية فقط، والصحيح أن نفتح عدسة الكاميرا ونوسع الكادر؛ فتجديد الخطاب الديني يحتاج إلى تضافر مجموعة كبيرة من أهل الثقافة والفكر والعلم، ويجب ألا يقتصر على رجال الدين أو أصحاب المعارف الدينية، لأن المساحة التي يتحركون فيها ضيقة ومحدودة ولها أسوار صلبة وقواعد تحكيم جامدة، تجعلهم كلاعبي الكرة الذين يدخلون المباراة وفي أرجلهم كرات حديدية هم مستمتعون بها ويظنون أنهم من الممكن أن يحرزوا أهدافًا وهي مربوطة في أقدامهم، وهذه المساحة الضيقة أيضًا تجعلهم قابعون في "سجن الجمود".

اقرأ أيضًا.. خالد منتصر لرانيا بدوي: "الشيوخ يركبوا 4×4 وساعة الطب يقولك طب نبوى"

ولذلك يجب أن يشارك في تجديد الخطاب الديني، علماء النفس والإجتماع والعلوم التجريبية والفنانون بكافة أطيافهم.. إلخ؛ لأن الدين ليس وثائق سرية يملكها رجال الدين في خزاناتهم الفولاذية دون بقية الناس، كما أنه ليس ألغازًا أو شفرات "الباسوورد الديني" الخاص بها يعرفه رجال الدين وحدهم، لسبب بسيط أن الدين ليس له باسوورد، والتجديد ليس تنقيبًا في شروح أو شرح شروح الأقدمين للبحث عن رأيهم، وكأن الزمن قد توقف عند هؤلاء الأقدمين، وكأن عقولنا قد أصابها فيروس الشلل فصارت قطع أسفنج عليها أن تمتص القديم فقط.

◄ المصور والمخرج هشام عبد الحميد.. يسأل: لماذا لم تنجح أفكار: لطفي السيد، وفرج فودة، وغيرهم من التنويرين، في تحرير العقل.. بينما نجحت وتفوقت عليهم أفكار: حسن البنا وسيد قطب؟- الخوف هو سبب نجاح أفكار حسن البنا وسيد قطب، وتغذية غريزة الخوف من الموت والعقاب بعد الموت والعذاب في السعير والنار التي ستشوي جلدك في جهنم.. إلخ تلك التخويفات هي السبيل لزرع أفكارهم التي يعتبرها الخائف طوق نجاة وقرص مهدئ لهواجسه، والخائفون لا يمكن أن يصنعوا أوطانًا؛ فالخائف وإن كان يعيش بيولوجيًا؛ إلا أنه لن يمارس حياة حقيقية.

اقرأ أيضًا.. خالد منتصر: ختان الإناث "جريمة".. وحدوثها في مصر "نكسة"

ولأننا أصحاب مقولة "هات م الآخر"؛ فالفكر العقلاني مُجهد، ويقول لك "إصنع جنتك على الأرض" وهذا مزعج وغير مريح للكسالى، خاصة من تعلموا في مدارس تعطل التفكير النقدي وتقدم لهم المناهج معلبة وتمجد الحفظ والتلقين.

◄ الكاتب والباحث في الإسلام السياسي هاني عمارة.. يسأل: لماذا تعمل بمفردك ولا تختلط بالشباب وتتفاعل معهم؟- بالعكس؛ أنا مختلط بالشباب من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وهناك شباب يُرسل لي أنه منذ سنوات كان غير مقتنع بأي فكرة أطرحها بل هو كان على عداء شديد وخصومة معي شخصيًا، ثم تغيرت طريقة تفكيره، وأفرح أكثر إذا قال لي: إنه قد تجاوزني، وأقول له حينها: لا تؤجر عقلك مفروشًا أو تسليم مفتاحه لأحد أيًا كان هذا الشخص، ويجب أن تكون علاقتك الفكرية معي نقدًا متفاعلًا لا إذعانًا سلبيًا.

اقرأ أيضًا.. إسلام بحيري: خالد منتصر "تنويري" من الدرجة الأولى

وإذا تحدثنا عن ندوات الجامعة على سبيل المثال؛ فهناك جامعات كثيرة منعًا لـ«وجع الدماغ» وإيثارًا للسلامة ترفض طلبات بعض الطلاب لاستضافتي، وأتفهم الدوافع وراء هذا الرفض ولا يضايقني بالمرة، أما العمل الحزبي فأنا فاشل فيه بامتياز، وأعترف بأنني كسول بعض الشيء في هذا المجال، كما أن قراري بالابتعاد عن القاهرة جعلني أعتذر عن لقاءات عامة كثيرة تُعقد في العاصمة التي تستولي على كل الفعاليات، وأعترف بهذا التقصير.

◄ الكاتب والباحث المتخصص في الشأن الإيراني أحمد رمزي.. يسأل: إلى أي مدى أثر النموذج الوهابي على الهوية المصرية؟- النموذج الوهابي خلق "الحشرية في شئون غيرك"، وجعل الفرد ينشغل بهداية غيره دون الاهتمام بتطوير نفسه، وعمق الوصاية الدينية، وزرع القسوة والعنف في نفوس المصريين؛ لأن أقسى أنواع العنف وأكثرها إستعصاءً على التغيير هي التي تأخذ صبغة مقدسة، أما الأثر الأخطر لهذا النموذج فيتمثل في تبني بعض شيوخ الأزهر لهذا المذهب الذي هو بالأساس في خصام عنيف مع مذهبهم الأشعري، وهذا الأثر الأخير ترك بصمته على العقل المصري بصورة سلبية وصلت إلى درجة الشلل العقلي، ويكفي أن تنظر إلى صور تخرج الطالبات في خمسينات وستينات القرن الماضي، وإلى صورهن الآن بعد إقتحام الوهابية، ورمزية الزي هنا مهمة جدًا؛ لأنه ليس مجرد قطعة قماش، بل هو إختيار هوية وباكيدج أفكار؛ فالزي الذي فرض على المرأة في عصرنا الراهن معناه أنها إن تعطرت فهي زانية، وإن تنمصت (نتف الحواجب) فهي ملعونة، وأنها أكثر أهل النار، وإذا مرت أمام المُصلي تقطع صلاته مثلها مثل الحمار والكلب.. إلخ هذه الأفكار الخاطئة.

◄ الكاتبة والأديبة كريمة أبو العنيين.. تسأل: هل نالت المرأة المصرية بصفة خاصة والمرأة عامة ما تستحقه من تكريم وتفضيل؟- المزاج السلفي كاره للمرأة، وموضوع عداء هذا المزاج للمرأة وزرع إحساس الدونية بداخلها هو من أكثر الموضوعات إستفزازًا لي واعتبره من أكبر الجرائم؛ فالسلفي يحب المرأة لأنه يتلظى فى نيران شهوته البدائية الخام الغريزية الحمقاء والخالية من مذاق الجنس الإنساني، ويكرهها لنفس السبب؛ لأنها من الممكن أن تُخجل تلك الفحولة وتفضح فشله، وباختصار هو يريدها مجرد وعاء لإفرازاته اللزجة، والمرأة دومًا تحتاج إلى شحنات الحب والعطاء البراقة، وهو لا يستطيع فعل هذا لأنه تعلم النكاح لا الحب، واستقوى بالملائكة لاذلالها إن تمنعت، وهي مجرمة إن استمتعت.

السلفي يريد المرأة دمية يمارس معها الجنس وماكينة إنجاب، ويعتبرها زانية إن تعطرت، وهي عنده حطب جهنم، وإن أدبرت أو أقبلت فمعها الشيطان، لأنها دنس، ونجاسة، وإغواء، وفتنة، وحرام، وحية تسعى، ونار تحرق، هو يكرهها لأنها كانت آلهة الأساطير القديمة، وغموضها السحري جعلها معادل الخلق حين الولادة، وظلت البشرية تمنح لها القرابين وتُصلي تحت أقدامها، والسلفي جاء بعضلاته واستولى على عرشها وقرر وأدها واغتيالها حية وافتراسها على حلبة الفراش، لأن "نون النسوة" تستفزه.

والسلفي من الممكن أن يتنازل ويفاصل فى كل تفاصيل الفقه إلا ما يتعلق بالمرأة.. ملابسها.. ميراثها.. حقوقها.. ضربها.. عقابها.. ملكيته وحقه في التعدد.. إلخ؛ فكل ما هو مرتبط بظروف المكان والزمان بالنسبة للمرأة هو خط أحمر، وهذا يعكس خوفه منها، ويؤكد ضعفه تجاهها، ويشكل المعادلة الصعبة التى تؤرقه وتعذبه؛ فهو يحتقرها ويرغبها، ورغبته فيها لا تنتهي: مثنى وثلاث ورباع، وكلما عدد وضم جواري وإماء إلى قبيلته كلما عطش أكثر، وكأنه يروى ظمأه من ماء البحر المالح، يصرخ مطالبًا بختانها لأنها إن تُركت بالبظر كانت هلوكًا يجعلها تطلب الجنس متعطشة له، لذلك يجب تهذيبها حتى لا يحتك بملابسها الداخلية فتهتاج، ولكن عندما يبرر التعدد ينسى أنه وصفها بالنشاط والطاقة الجنسية الأعلى، ويقول مبررًا التعدد بأن الرجل طاقته الجنسية أعلى وهو دائمًا جائع إلى التعدد، إنه جورب التبرير السلفى "الأولسايز"، وشعار السلفى مع المرأة: "لا طايقك ولا قادر على بعدك"، وكل ما سبق يجعلنا نؤكد أن مكاسب المرأة تراجعت بشكل مرعب.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً