اعلان

أطماع أردوغان التوسعية.. الجيش التركي يقتحم الشمال السوري بذرائع واهية.. والجارديان: "قسد" هي الهدف الرئيسي.. فما مصير 90 ألف داعشي يحتجزهم الأكراد؟

شن الجيش التركي، اليوم الأربعاء، غارات جوية كثيفة على مناطق سيطرة الأكراد شمال شرق سوريا، في عملية عسكرية مخطط لها منذ فترة طويلة؛ لإنشاء ما يقول الرئيس التركي إنها منطقة آمنة من أجل إعادة توطين اللاجئين، في الوقت الذي تؤكد حكومة الرئيس السوري بشار الأسد على أنها مجرد أطماع توسعية لأردوغان.

جاءت هذه الخطوة بعد إعلان الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في وقت سابق هذا الأسبوع، أن القوات الأمريكية ستنسحب من المنطقة، حيث تحتجز القوات الكردية الآلاف من مقاتلي داعش وعائلاتهم، ما يهدد بفتح جبهة دموية جديدة في الحرب السورية.

ماذا يحدث في شمال شرق سوريا؟

وقال الرئيس التركي: "أطلقت القوات المسلحة التركية، مع الجيش الوطني السوري، للتو عملية "نبع السلام" ضد حزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب الكردية وإرهابي داعش في شمال سوريا"، مضيفًا: "مهمتنا هي منع إنشاء ممر إرهابي عبر حدودنا الجنوبية، وإحلال السلام في المنطقة.

من جانبه، أكد مصطفى بالي، المتحدث باسم قوات سورية الديمقراطية التي يقودها الأكراد، والتي تعتبرها أنقرة امتدادًا لحزب العمال الكردستاني المحظور (PKK)، بعد فترة وجيزة من إعلان أردوغان، أن الطائرات الحربية التركية قد بدأت بالفعل مهاجمة المنطقة، وخلقت حالة "ذعر كبيرة بين الناس".

وتبادل جندي من قوات سوريا الديمقراطية صوراً لأعمدة الدخان التي قال إنها كانت نتيجة الغارات الجوية ونيران المدفعية بالقرب من بلدة رأس العين الحدودية.

إلى ذلك، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مراقب للحرب يتخذ من المملكة المتحدة مقراً له، إن المدنيين في رأس العين والقرى المجاورة بدأوا يفرون إلى عمق المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد. وقال متحدث إن مدينتي القامشلي وعين عيسى، وهما المركزان الإداريان الرئيسيان لقوات سوريا الديمقراطية، ضربتا بغارات جوية.

بدورها، أفادت وسائل إعلام تركية بأن صواريخ أطلقت من القامشلي سقطت على الجانب الآخر من الحدود في بلدة نصيبين التركية.

وفي وقت سابق من اليوم، عبرت القوات التركية الحدود بالقرب من بلدة تل أبيض شمال شرق سوريا.

وتقول تركيا إنها تسعى إلى إنشاء منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً (32 كم) على طول الحدود لتأمين البلاد من تهديد الجماعات الإرهابية الكردية إضافة إلى داعش.

ماذا بشأن أسرى داعش؟

من جهته، كلف "ترامب" تركيا بضمان عدم التراجع عن المكاسب التي تحققت ضد داعش في وقت سابق من هذا العام من قبل القوات البرية بقيادة الولايات المتحدة الجوية والكردية، وكذلك مسؤولية 90 ألف رجل وامرأة وطفل لهم صلات بالتنظيم الإرهابي يحتجزهم الأكراد حاليًا.

ويقع خارج حدود المنطقة الآمنة المقترحة أكبر مخيم للنساء والأطفال، وهو مخيم الهول، والذي يضم 74 ألف شخص. وليس من الواضح كيف ستتعامل تركيا مع نقل السجناء الذين تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية.

ووفقاً لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن قوات سوريا الديمقراطية، وهي قوة تدعمها الولايات المتحدة، هي الهدف الرئيسي لتركيا، والتي تُركت في مواجهة الهجوم التركي بعد إعلان ترامب الأحد الماضي أن الولايات المتحدة ستقوم بسحب 1000 عنصر من القوات الخاصة المنتشرة في المنطقة، والتي كانت حتى ذلك الحين بمثابة حاجز بين قوات سوريا الديمقراطية وتركيا، حليف حلف الناتو والشريك التجاري الرئيسي للولايات المتحدة.

موقف الجيش العربي السوري

في هذه الأثناء، كانت القوات التابعة للرئيس السوري بشار الأسد في طريقها إلى الجنوب من المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد في سوريا، وتركت قوات سوريا الديمقراطية محصورة بين الجيشين.

لقد تم سحب ما بين 100 إلى 150 جنديًا أمريكيًا بعيدًا عن المواقع الرئيسية على الحدود السورية التركية. فلم تغادر البلاد أي قوات أمريكية بعد، بل واصلت قوافل الإمدادات الأمريكية دخول المنطقة من العراق، حسبما ذكرت "الجارديان".

ردود الفعل بالداخل الأمريكي

انتقد الحلفاء وحتى بعض أقوى حلفاء الرئيس الجمهوريين قرار ترامب بسحب القوات الأمريكية من سوريا وترك قوات سوريا الديمقراطية عرضة للهجوم.

فيما دافع الرئيس الأمريكي عن هذه الخطوة اليوم الأربعاء، وقال، في تغريدة على "تويتر": "إن خوض حروب في الشرق الأوسط هو أسوأ قرار على الإطلاق في تاريخ بلادنا".

وبصرف النظر عن تلك التغريدة، كانت الإدارة الأمريكية صامتة بشأن الغزو التركي اليوم؛ حيث ظهر وزير الخارجية، مايك بومبو، إلى جانب وزير خارجية كولومبيا، الذي يزور أمريكا حاليًا، لكنه لم يذكر الوضع في سوريا.

لكن في الكونجرس، قال أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين إنهم يعدون عقوبات صارمة ضد تركيا. وقال "كريس فان هولين"، السيناتور الديمقراطي، على موقع تويتر: "يجب أن تدفع تركيا ثمناً باهظاً لمهاجمة شركائنا الأكراد السوريين"، مضيفاً أن أعضاء مجلس الشيوخ لن يدعموا التخلي عن المجموعة الإقليمية الوحيدة الأكثر مسؤولية عن وضع داعش بمفردها"، لافتاً إلى أنه "يجري الآن وضع اللمسات الأخيرة على مشروع قانون بشأن العقوبات من الحزبين".

في ذات السياق، دعت الدول الأوروبية الخمس الأعضاء حاليا في مجلس الأمن الدولي لعقد جلسة خاصة بشأن الغزو التركي غداً الخميس، لكن دبلوماسيين قالوا إنه من غير الواضح الى أي مدى يمكن أن يذهب المجلس في مواجهة الدعم الروسي الضمني للخطوة التركية والتناقض الأمريكي.

بدورها، حذرت جماعات الإغاثة من أن الانسحاب الأمريكي يهدد بكارثة إنسانية؛ حيث يؤدي القتال إلى نزوح الآلاف، وكذلك عودة ظهور داعش. وتقول قوات سوريا الديمقراطية إنها سحبت بالفعل بعض الجنود من السجون والمعسكرات التي تحتجز بها عناصر "داعش"؛ من أجل التركيز على الدفاع ضد تركيا، مما أثار مخاوف من أن خلايا داعش النائمة قد تهاجم مراكز الاحتجاز هذه وتحرر من هم بداخلها.

وكان "داعش" أعلن مسؤوليته عن هجوم انتحاري ليلي من قبل اثنين من مقاتليه في عاصمته السابقة "الرقة"، مما أسفر عن مقتل وإصابة 25 شخصًا.

اقرأ أيضاً: ترامب يعلق على الهجوم التركي على سوريا: أحمل أنقرة مسؤولية أسرى داعش

ماذا فعل الأكراد

واستجابة للتقدم التركي، أصدر القادة الأكراد في المنطقة نداءً عامًا للتعبئة، وحثوا المدنيين على "التوجه إلى الحدود مع تركيا للمقاومة خلال هذه اللحظة التاريخية الحساسة". واستأنفت قوات سوريا الديمقراطية حفر الخنادق والأنفاق في المناطق الحدودية، حيث ملأت الشوارع بالستائر المعدنية والإطارات المخزنة من أجل حرقها للتشويش على كاميرات الطائرات المسيرة التركية.

اقرأ أيضاً: حزب تركي يستنكر العملية العسكرية ضد أكراد سوريا

كما قال مسؤولون أكراد إنهم طلبوا من روسيا، الحليف الرئيسي للأسد، تسهيل الحوار مع دمشق. ويخاطر الأكراد بفقدان الحكم الذاتي الذي فازوا به خلال الحرب المستمرة منذ ثماني سنوات في سوريا من خلال إعادة مفاوضاتهم مع النظام السوري، لكن من المرجح أن تمنع مثل هذه الخطوة أسوأ هجوم تركي.

اقرأ أيضاً: مصرع 8 أشخاص وإصابة العشرات بقصف تركي لمدينة عين العرب شمال سوريا

تتمثل الذريعة الأساسية لعملية "نبع السلام"، وهو الاسم الذي اختاره لها الرئيس التركي، التي تشنها تركيا في إعادة ما يصل إلى 3.6 مليون لاجئ سوري إلى المنطقة الحدودية المخططة. فيما يقول الأكراد إن هدف أنقرة الحقيقي هو تخفيف هيمنتهم الديموغرافية على الشمال الشرقي بتدفق لاجئين معظمهم من العرب السنة أصلاً من أجزاء أخرى من سوريا.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً