أكد علماء الأوقاف، أن قضية بناء الدول تتجاوز كل دوائر الهواية بمراحل، حيث إنها سلسلة متشابكة ومعقدة من الخبرات المتراكمة , إنها القدرة على سرعة قراءة الواقع وفهم تحدياته وفك شفراته وحل طلاسمه, والتعامل معه على أسس علمية ومنطقية في ضوء الخبرات المتراكمة .
وأضاف العلماء خلال ندوة لهم، أنه عندما ننظر في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة نجد أنهما يؤكدان على ضرورة توفر الكفاءة والكفاية والأمانة , حيث يقول الحق سبحانه في كتابه العزيز على لسان سيدنا يوسف (عليه السلام) لعزيز مصر : “اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ” , ويقول سبحانه على لسان ابنة شعيب لأبيها في شأن سيدنا موسى (عليه السلام) : “يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ” , ولما طلب سيدنا أبو ذر من سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يستعمله , قال له (صلى الله عليه وسلم) : “يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها” , وقال (صلى الله عليه وسلم) : “إِذَا وُسِّدَ الأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ” , وأهل الأمر هم أهل الكفاءة والأمانة معا .
وتابعوا، أنه نلاحظ أن نبينا (صلى الله عليه وسلم) في رحلة الهجرة استأجر دليلا غير مسلم معروفًا بكفاءته وأمانته , ولم يعتمد على أحد من الصحابة الكرام رغم شدة أمانتهم جميعا, ولا شك أن بعضهم كان على دراية بدروب الصحراء ومسالكها , على أن فارق الكفاءة هو الذي قدم الدليل غير المسلم عليهم , وهو –أيضا- ما فعله سيدنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) في استخدام بعض كُتَّاب بيت المال وكُتَّاب الدواوين .
وأكدوا، كما أنه لا بد من العناية بشأن القيم الأخلاقية والإنسانية في بناء الدول , فالأمم التي لا تقوم ولا تبنى على القيم والأخلاق إنما تحمل عوامل سقوطها في أصل بنائها وأسس قيامها ، فما بالكم وديننا دين القيم والأخلاق؟! وبعثة رسولنا (صلى الله عليه وسلم) كان الهدف الأسمى منها هو إتمام مكارم الأخلاق ؟ حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : (إِنَّمَا بُعِثْتُ لأُِتَمِّمَ مَكَارِمَ الأَْخْلاَقِ) .
وأردفوا أن مصالح الأوطان من صميم مقاصد الأديان ، وأن كل ما يدعم ويقوي الدولة الوطنية هو من صميم مقاصد الأديان ، وأن كل ما ينال من قوة الدولة أو كيانها إنما يتنافى مع كل الأديان والقيم الوطنية والإنسانية .