الخوف يتمكن من قادة الغرب.. كيف أعاد الرئيس التركي تنظيم داعش في سوريا؟

صورة أرشيفية

في مقال نشرته صحيفة "الجارديان" البريطانية، افتتحته بقولها: "سيذكر المؤرخون العملية العسكرية التركية، التي انطلقت قبل أيام في شمال سوريا، كونها المرة الثانية التي أعاد فيها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الحياة لتنظيم داعش الإرهابي، وكانت الأولى عندما فتحت تركيا حدودها للمقاتلين الأجانب للدخول إلى سوريا، الأمر الذي مكّن داعش من تكوين معقل بحجم بريطانيا، في عام 2014".

وتأتي هذه الخطوة في وقت حرج في الحرب ضد داعش، بعد 7 أشهر فقط من انهيار التنظيم الإرهابي، بينما لا يزال الاستقرار في مراحله الأولى.

"داعش" تعيد تنظيم نفسها من جديد

وقالت وكالة الأنباء الآسيوية "آسيا نيوز" إن الأكراد السوريون قد توصلوا إلى اتفاق مع حكومة الرئيس السوري بشار الأسد، للحد من الهجوم العسكري التركي الذي بدأ الأسبوع الماضي وتسبب بالفعل في مئات الضحايا، بمن فيهم المدنيون، وأكثر من 100 ألف نازح، وبالعودة إلى الاتفاق بين الأكراد ودمشق، سيتمركز الجيش السوري على طول الحدود مع تركيا، وسيساعد جيش الأسد القوات السورية الديمقراطية، وهو تحالف عربي كردي كان بطل الرواية في الحرب ضد "داعش"، في مواجهة "عدوانهم" و"تحرير المناطق التي دخلها الجيش التركي والمرتزقة، والإشارة هنا إلى حلفاء أنقرة والميليشيات والجماعات المقاتلة، التي يرتبط بعضها بـ"تنظيم القاعدة" ويهدهدف التحالف بين الأكراد والجيش السوري النظامي إلى "تحرير جميع المدن المحتلة"، بدءًا من عفرين.

ووفقًا للوكالة فإن من بين الأسباب التي دفعت الحكومة السورية والحليف الروسي إلى إقامة تحالف مع الأكراد، هو الخطر المتزايد المتمثل في عودة "داعش"، التي تستغل القتال لتحرير رجالها وإعادة بناء جهاز عسكري جديد، وقد أعلنت مصادر رسمية كردية أمس، عن هروب نحو 800 من أقارب "المقاتلين الأجانب" من "داعش" والتي فرّت من مخيم عين عيسى في الشمال، وجاء فرار مسلحي داعش من السجون، بعد أيام من تحذيرات قوات سوريا الديمقراطية، التي أكدت أنها لا تملك العدد الكافي من الحراس، في السجون والمخيمات التي تضم مسلحي داعش وعائلاتهم.

كما تحتجز القوات الديمقراطية السورية حاليًا أكثر من 12 ألف مشتبه به ومقاتلي داعش في سبعة سجون مختلفة، ومن بين هؤلاء، ما لا يقل عن 4 آلاف يأتون من الخارج.

وقد تزايد عدد الفارين من سجناء داعش في أعقاب العدوان التركي على سوريا، وتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي فيديو يوضح هروب سجناء داعش، بعد الهجوم التركية على مدينة القامشلي..

اقرأ أيضًا.. الغزو التركي لسوريا.. أمريكا وتركيا والأكراد أبرز أطراف "لعبة الاقتحام".. ما أصل العلاقة بينهم؟

الخوف من داعش يظهر على ألسنة قادة الغرب

يمثل الأوروبيون خمس مقاتلي داعش في سوريا وهم نحو عشرة آلاف تحتجزهم قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد والتي تتعرض لهجوم عنيف الآن من القوات التركية.

وقبل بدء الهجوم التركي كانت الدول الأوروبية تجري تقييما لكيفية التوصل إلى آلية يمكن أن تفضي إلى نقل المقاتلين الأجانب من سوريا إلى العراق لمحاكمتهم هناك بتهم جرائم حرب.

ولا تريد دول أوروبا محاكمة رعاياها من مقاتلي التنظيم على أراضيها خشية أن يثير ذلك غضبا عامًا وأن تجد نظمها القضائية صعوبات في جمع الأدلة بالإضافة إلى خطر تجدد هجمات المتشددين هناك.

كما تحاول الدول الأوروبية الإسراع بتنفيذ خطة لإخراج آلاف من متشددي تنظيم داعش الأجانب من المخيمات المحتجزين فيها في سوريا ونقلهم إلى العراق بعد أن انطوى اندلاع قتال جديد على خطر هروبهم أو عودتهم إلى دولهم.

وقد أثار فرار الكثير من سجناء داعش من سوريا القلق في نفوس قادة الدول الأوروبية، خوفًا من عودة الحياة للتنظيم مرة أخرى، وظهر ذلك الخوف على ألسنة قادة أوروبا في تصريحاتهم حول العدوان التركي على سوريا.

فكتب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في تغريدة له على تويتر مطالبًا تركيا والأكراد بألا يسمحوا بهروب المعتقلين لدى "قسد" من عناصر تنظيم داعش الإرهابي شمال شرقي سوريا، قائلًا: "الولايات المتحدة تحتفظ بالأسوأ من سجناء داعش.. على تركيا والأكراد ألا يسمحوا لهم بالفرار.. كان على أوروبا أن تسترجعهم بعد مطالبات عديدة بذلك.. ينبغي عليهم فعل ذلك الآن.. لن يأتوا أبدا إلى الولايات المتحدة، ولن يسمح أحد لهم بالوصول إلى هنا".

وكانت الولايات المتحدة قد سعت سابقًا مع عدد من الدول لضمان إعادة مواطنيها الملتحقين بداعش إلى أوطانهم ومحاكمتهم في بلادهم.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال استقباله، في باريس المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، إن الهجوم التركي المستمر على المقاتلين الأكراد في سوريا، يهدد بالتسبب بـ"وضع إنساني لا يمكن تحمله" وبـ"مساعدة" تنظيم داعش" في الظهور مجددًا في المنطقة"، بحسب ماذكرته شبكة "سكاي نيوز".

وأضاف ماكرون في المؤتمر الصحفي مع ميركل: "نريد في شكل مشترك أن يتوقف هذا الهجوم.. واقتناعنا المشترك بأن هذا الهجوم يهدد من جهة.. بالتسبب بأوضاع إنسانية لا يمكن تحملها، ومن جهة أخرى بمساعدة داعش في الظهور مجددا في المنطقة".

وفي نفس السياق، حثت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على وقف العملية التي تنفّذها بلاده في شمال سوريا فورًا، محذرة من أنها قد تزيد من عدم الاستقرار في المنطقة وتتسبب بعودة تنظيم داعش.

اقرأ أيضًا.. ترامب يطالب الجيش التركى والأكراد بمنع فرار الدواعش

ووفقًا لميركل، فإن العملية تهدد بدفع كثير من السكان للفرار من منازلهم، والتي أشارت إلى أنها تحمل كذلك خطر "زعزعة الاستقرار في المنطقة وعودة تنظيم داعش إلى الواجهة".

كذلك حذّرت وزارة الدفاع الروسية من هروب محتمل لمسلحي تنظيم "داعش" المحتجزين لدى قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، وتدهور الأوضاع في المنطقة.

وقال رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا "حميميم" اللواء أليكسي باكين: "في المناطق التي تسيطر عليها إدارة الحكم الذاتي (الكردية) في المناطق الشمالية الشرقية، هناك سبعة أماكن احتجاز، تضم مؤيدي داعش، وثمانية معسكرات على الأقل للنازحين مؤقتا، بما في ذلك زوجات وأطفال المتطرفين"، مضيفا أن العدد الإجمالي للمحتجزين والمعتقلين هناك، حسب الأمم المتحدة، قد يبلغ نحو 120 ألف شخص".

وأشار باكين، إلى أن ممثلين عن 72 جنسية من 36 دولة موجودون في هذه المعسكرات وأماكن الاحتجاز، التي تحرسها قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من قبل الولايات المتحدة.

وأشار إلى أن التهديد يكمن في أن يخرج متشددو داعش من السجون التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية، الأمر الذي قد يؤدي إلى تدهور حاد في الوضع الأمني في المنطقة بأسرها، مضيفًا: "يجب على جميع أطراف التسوية السورية اتخاذ إجراءات لمنع مثل هذا السيناريو"

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً