يتداول كثير من العام المثل الشعبي القائل " سمك في ميه " ، ويقصد بهذا المثال أنه من غير الجائز بيع الشئ قبل أن يراه المشتري وهو ما يعرف عند الفقهاء وفي كتب الأصول باسم بيع الغرر ، ولكن على أرض الواقع هل من الممكن أن يبيع صائدو الأسماك ما يصطادونه من أسماك وهو في الماء مع الاتفاق على مكان تسليم السمك الذي يتم اصطياده وكميته ؟ وهل مثل هذا الاتفاق يدخل في باب بيع الغرر الذي ينهى عنه الإسلام؟ وهل هناك أبواب مشابهة لبيع الغرر ينطبق عليها المثل الشعبي الشهير الذي يصف مثل هذه العمليات من البيع والشراء ب " سمك في ميه " .
اعرف رأى الإفتاء حول مشروعية بيع السمك في الماء
حول هذه الأسئلة يقول الأستاذ الدكتور شوقي ابراهيم علام، مفتي الديار المصرية، أن الشرع الشريف نهى عن بيع كل ما هو مشتمل على جهالة أو غرر يطوى عن المشتري علمه، ويخفى عليه باطنه وسره؛ كبيع المعدوم، والمجهول، وما لا يقدر على تسليمه، وما لم يدخل تحت ملك بائعه، ونحو ذلك مما له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول؛ وذلك حتى تحصن الأموال وتقطع الخصومة ويحسم النزاع؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "نهى النبي صلى الله عليه واله وسلم عن بيع الغرر"، لكن فضيلته أشار إلى أن النبى صلى الله عليه واله وسلم نهى عن هذه البيوع: تحصينا للأموال أن تضيع، وقطعا للخصومة والنزاع أن يقعا بين الناس فيها. وأبواب الغرر كثيرة، وجماعها: ما دخل في المقصود منه الجهل، وأشار فضيلته إلى أنه من الأمور التي نهى الشرع الشريف عنها لاشتمالها على غرر وجهالة: بيع السمك في الماء؛ فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه واله وسلم قال: " لا تشتروا السمك في الماء؛ فإنه غرر" ، لكن جمهور الفقهاء ذهبوا إلى أن النهي عن بيع السمك في الماء علته هو وجود الجهالة والغرر، وعدم القدرة على التسليم، وقد تقرر أن الحكم يدور مع علته وجودا وعدما؛ فإذا انتفى الغرر وأمكن التسليم: ارتفع النهي، وعلى ذلك جاءت نصوص الفقهاء؛ حيث نصوا على أن تحريم بيع السمك في الماء منوط بتحقق علة النهي، فإذا تخلفت علة النهي فلا نهي ولا تحريم، ولذلك اتفق أصحاب المذاهب الفقهية المعتمدة على أنه يجوز بيع السمك في الماء إذا لم يكن في البيع جهالة ولا غرر، وأمكن تسليمه.