قال الفريق أحمد خالد حسن سعيد، قائد القوات البحرية، إن الاحتفال بالعيد الثاني والخمسين للقوات البحرية المصرية، يأتي تخليدًا لانتصار مبين في وقت حرج دقيق، وهو ليس إنتصارً يخص القوات البحرية وحدها، فملحمة الفخر التي تحققت
يوم الحادى والعشرين من أكتوبر عام 1967 لم تكن أحد أعظم الإنتصارات في التاريخ البحري الحديث، وأول معركة صواريخ بحرية في تاريخ الإنسانية فحسب، بل كانت إنتصارًا للأمة المصرية بأكملها، وامتداد لملاحم التصدي للمعتدين والغزاة من الهكسوس والمغول والصليبيين.
وتابع خلال كلمته: "جاء هذا النصر بمثابة شعاع من النور في وسط ظلام دامس، أحيت في قلوب رجال القوات المسلحة والشعب المصري العظيم الأمل نحو كسر قيود الإحتلال والظلم، وتحرير الأرض ورد الإعتبار".
وأضاف: "كانت دعائم النصر في هذه المعركة التاريخية التي حققها شباب مصر الفتىّ هي العزيمة ورفض الهزيمة، والرغبة في تغيير الواقع الذي فرض على أمتنا، ولقد كانت هذه بداية بعث روح أكتوبر في نفوس المصريين الذين أصبحوا جميعهم جنودًا، لقد تحمل هذا الشعب الكريم ظروفًا قاسية ضحى فيها بالرفاهية بل وأساسيات الحياة من أجل دعم جيشهم لإستعادة الكرامة، أقولها وقد شرفت بأن عايشت تلك المرحلة، فلقد كان خلف جيش مصر جدار منيع وصلب من الشعب المصري العظيم يشد به أزره ويدفعه إلى تحقيق النصر".
وأردف قائد القوات البحرية: "ما أشبه الليلة بالبارحة، ففي جل ما تتعرض له أمتنا من هجمات شرسة غير مسبوقة، وتحديات غير نمطية، لم تجتمع عليها في تاريخها الممتد لآلاف السنين، من جميع الإتجاهات وعلى كافة الجبهات، شملت استخدام أحدث أجيال الحروب. لم تنطفئ جذوة روح أكتوبر التي اشتعلت يوم 21 أكتوبر 1967 ـ فهي لازالت ملتهبة في صدورنا، تجري في عروقنا".
ولفت الفريق أحمد خالد حسن، إلى أنه إبان معركة إغراق المدمرة إيلات، لم نكن نمتلك ما نملكه اليوم من قوة بحرية ضاربة، لكننا كنا نمتلك الصبر والجلد والعزيمة ورفض فرض أمر واقع على أمتنا الأبيه، ولازلنا على هذا الدرب، في ظل حكمة قيادة سياسية واعية أكدت مرارًا أنه لن يتم أبدًا فرض أمرًا واقعًا ضد إرادة هذا الشعب العظيم.
وواصل: "اليوم زدنا قوة إلى قوة، و صلابة إلى صلابة، بعد أن قامت القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة ببذل أقصى الجهود لدعم القوات البحرية، بأحدث ما وصلت إليه الترسانات العالمية من وحدات بحرية حديثة متطورة، ونظم تسليح دقيقة وقادرة، إضافة إلى بنية تحتية تتواكب مع أحدث متطلبات التمركز للوحدات البحرية بكل طرازاتها والإعاشة لجميع عناصر القوات البحرية والقوات المتعاونة، وكذا برامج تصنيع وحدات بحرية من مختلف الحمولات والاستخدامات بأيدي وسواعد وعقول مصرية، في ظل ثورة التطوير الشاملة غير المسبوقة التي تشهدها مصرنا الغاليه في كل مناحي العمل بخطى واسعة، وطبقًا لتخطيط دقيق يراعي عوامل التطوير والجودة مع زمن قياسي للتنفيذ، حيث حرصت فيها القيادة السياسية والقيادة العامة للقوات المسلحة على إعادة بناء القوات البحرية، لتفي بمطالب الدولة المصرية لحماية حدودها ومصالحها وثروات أجيالها القادمة لسنوات وعقود طويلة، ولتكون القوات البحرية قادرة على مجابهة كافة التحديات التي تواجهها في مناطق عملها الحالية والمنتظرة، ضمن منظومة القوات المسلحة المتكاملة، قوات بحرية مستعدة لتنفيذ كافه المهام التي توكل إليها من القيادة العامة للقوات المسلحة بكل كفاءة وحرفية واقتدار، في ظل تهديدات وتحديات غير مسبوقة، وسعي قوى الشر لمحاولة النيل من تقدم وعزيمة وإصرار هذه الأمة لنيل مكانتها المستحقة بين الأمم، كدولة كانت أمًا للحضارات ومهدًا للديانات ومنارة للعلم والفن والأدب".
وزاد قائد القوات البحرية: "ومازال المقاتل المصري هو حجر الأساس لتلك القوة، وهو المعدن الأصيل الذي لا تصهره النيران، ولا ينال شرفه وأمانته شائبه، نحرص دومًا على إنتقائه وتدريبه وصقل مهاراته حتى يصبح مقاتلًا لا يشق له غبار، من خلفه شعب يدعمه ويقويه وقدم لجيشه خيرة شبابه، فكيف لا يخشى العدو أمة مثل أمتنا، تجود فيها الأم بفلذة كبدها وتدفعه دفعًا نحو النصر أو الشهادة.
وبعث قائد القوات برسالة طمأنة لكم فالقوات البحرية تقوم بدور لا يقل أهمية عن معاركها السابقة، فبالإضافة لقتالنا الشرس ضد قوى الإرهاب والظلام ضمن العملية الشاملة في سيناء الحبيبة، نعمل على مدار الساعة لتحقيق مفهوم الأمن البحري الشامل في مناطق عمل القوات البحرية في إطار توجيهات القيادة العامة للقوات المسلحة، الأمر الذي يشمل كافة الإتجاهات الإستراتيجية جنبًا إلى جنب مع كافة الأفرع الرئيسية والجيوش والمناطق التعبوية، ويكفي أن نعلم أن مساحات المناطق والشرائح التي تقوم القوات البحرية بتأمينها تصل لآلاف الأميال البحرية المربعة، من السلوم غربًا إلى رفح شرقًا وحتى مضيق باب المندب جنوبًا، وعلى طول سواحلنا الممتدة نقوم بمهام تأمين الموانئ والأهداف البحرية الحيوية والخطوط الملاحية التجارية ومصادر الثروة البحرية، ويأتي على رأس تلك المهام تأمين المجرى الملاحي لقناة السويس ومناطق انتظار السفن في إطار جهود منظومة القوات المسلحة بالكامل".
وبين، أنه كان لتلك المهام العديد من الثمار الإيجابية الملموسة، حيث تم تحقيق تقدم إيجابي في مكافحة أعمال الهجرة غير الشرعية بشهادات دولية، ومكافحة أعمال التهريب بكافة أشكالها، وتوجيه ضربات قاصمة لتجار الموت.
واختتم قائد القوات البحرية كلمته قائلًا: "وختامًا، وبهذه المناسبة أرسل تحية فخر و إعزاز وعرفان لرواد القوات البحرية وقادتها المخلصين، لما بذلوه من جهد وعمل مخلص دؤوب طوال رحلة عطائهم بالقوات البحرية، كما أحيي أسر وأرواح شهدائنا الأبرار، ومن واراهم التراب وغطتهم الأمواج من أبطالنا، في قبور مجهولة للناس ومعلومة لرب العالمين، الذين ضحوا بأرواحهم الطاهرة ودمائهم العطرة، في سبيل إعلاء و رفعة هذا الوطن المفدى، فتركوا لنا أمانة الحفاظ على راياتنا المنصورة المخضبة بدمائهم الزكية مرفوعة خفاقة، تشهد على تاريخ أمة يشرف و يفخر به كل مصري أصيل. ونعاهد الله والوطن أن يظل أبطال القوات البحرية أوفياء مخلصين مدافعين عن سواحلنا ومياهنا الطاهرة رافعين علم مصر خفاقًا عاليًا بكل فخر و كرامة، حفظ الله مصر، وحفظ الله جيشها الأبي المجتمع على كلمة الحق و قلب رجل واحد".