اعلان

سامح شكري: قمة سوتشي تهدف لاستكشاف مجالات التعاون والاستفادة بين روسيا وأفريقيا.. القارة حددت أولوياتها في النهوض بمستوى المعيشة ومواجهة التحديات الاقتصادية.. روسيا قادرة على التأثير بقضية سد النهضة

قال وزير الخارجية المصري سامح شكري، إن القمة الروسية الأفريقية التي تعقد 24 أكتوبر، في سوتشي، متعددة الأهداف.

وأضاف في حواره مع وكالة الأنباء الروسية "سبوتنيك"، أن القمة تهدف لاستكشاف مجالات التعاون، وتحديد الأولويات الخاصة بالقارة، والقدرات المتوافرة لدى روسيا، وأن روسيا لها حيز ومكانة كبيرة، وعلاقات متشعبة مع الدول الأفريقية، يمكن من خلالها تحقيق استفادة مشتركة.

وإلى نص الحوار..

ـ كيف جاءت فكرة القمة الروسية الأفريقية وهل هي مقترح مصري أم روسي؟

المقترح أطلقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في يوليو، وجاء في إطار تعزيز العلاقات الروسية الأفريقية، كما تواكب ذلك مع رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي مطلع العام 2019، وتتسم العلاقات بين مصر وروسيا بالتنسيق الوثيق، وهو الأمر ذاته فيما يتعلق بالعلاقات الروسية الأفريقية، والتي جاءت في إطار ممثلي الدول الأفريقية، ومجلس السفراء الأفارقة في موسكو.

يضاف إلى كل ذلك التنسيق الوثيق بين موسكو ورئاسة الاتحاد الأفريقي، حيث جرى التحضير الإجرائي والموضوعي لهذه القمة من خلال التشاور المستمر في النواحي الموضوعية، وما تهدف إليه القمة، وإطار العمل والجلسات، والنواحي التنظيمية، وإدارة الجلسات واستقبال الوفود، وكذلك كل ما يتعلق بالمنتدى الاقتصادي الذي سيعقد على هامش القمة.

ــ هل تشمل القمة العلاقات الثقافية والسياسية أم أنها تركز على الشق الاقتصادي؟

الشق الاقتصادي من الجوانب المهمة في القمة، إلا أن الأمر لا يقتصر على الاقتصاد فحسب، حيث ستناقش العديد من القضايا السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وقضايا الطاقة، والتعاون في مجالات التكنولوجيا.

ويصدر عن القمة بيان يتناول الكثير من القضايا التي تهم الجانبين الروسي والأفريقي بقدر متساو، ويتضمن البيان الرؤية المشتركة للجانبين في معالجة القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية القائمة في القارة، كما يؤكد على تعزيز الترابط والتعاون في إطار مواجهة التحديات المشتركة، أو التي تواجه القارة الأفريقية على وجه الخصوص.

ــ ما هي الأهداف التي تنتظرها رئاسة الاتحاد الأفريقي خلال هذه القمة؟

الهدف هو استكشاف مجالات التعاون، وتحديد الأولويات الخاصة بالقارة الأفريقية، والقدرات المتوافرة لدى روسيا، خاصة أن روسيا دولة لها حيز ومكانة كبيرة، وعلاقات متشعبة مع الدول الأفريقية.

على الجانب الآخر استطاعت الدول الأفريقية خلال الفترة الماضية، ومن خلال الاتحاد الأفريقي، أن تصيغ أولوياتها فيما يتعلق بالعمل، للنهوض بمستوى المعيشة في القارة، ومواجهة التحديات الاقتصادية، وتمثل ذلك في أجندة 2063.

ويعمل الاتحاد على الاستفادة الكاملة من الشركاء الدوليين، وتعد روسيا من الشركاء المهمين لتحقيق هذه الأهداف والأولويات في القارة الأفريقية الواعدة، خاصة لما بها من موارد وثروات يجب استثمارها، إلى جانب القوى العاملة الشابة والتي تمثل نحو 60% من السكان.

كما أن أفريقيا سوق اقتصادي واعد لنحو مليار و300 مليون نسمة، وهم في تزايد مستمر، وبالنظر لنسبة النمو فهي في حدود 4%، وهي نسبة معقولة في ظل المناخ الدولي والاقتصادي الراهن.

ــ كيف يمكن الاستفادة من الإمكانيات الروسية؟

يمكن الاستفادة من الإمكانيات الروسية، خاصة في ظل التطور الروسي في المجالات الاقتصادية والتقنيات الحديثة، وكذلك مجالات الطاقة والبنية الأساسية، وهي من الأمور الهامة التي اهتم بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال رئاسته للاتحاد الأفريقي، وهي محل اهتمام القارة الأفريقية بصفة عامة، خاصة أن البنية الأساسية والاندماج الأفريقي يوفر مجالات متعددة للشركاء، من أجل الاستفادة، وإفادة الجانب الأفريقي، والعمل من خلال الأولويات المحددة في أجندة 2063.

ــ هناك اتجاه كبير من الصين وأوروبي نحو أفريقيا والآن تشارك روسيا بقوة فهل تستفيد أفريقيا من هذا الإقبال الدولي الكبير؟

القارة الأفريقية شاسعة الأطراف، وتتعامل مع كافة شركائها على قاعدة الانفتاح والتعاون والمصالح المشتركة، وفي كل تعزيز للعلاقة مع كل الشركاء فائدة كبيرة لأبناء القارة، للارتقاء بمستوى المعيشة واستمرار التنمية، ومواجهة التحديات العديد، وهو لن يأتي إلا بمزيد من الاهتمام بالقارة.

هذا الاهتمام الذي تعبر عنه روسيا ودول أخرى، هو شيء نرحب به، ونرى أنه يولد المزيد من فرص التكامل، خاصة في ظل التنافس الإيجابي، الذي يؤدي إلى حصول أفريقيا على مزايا من خلال اختيار أفضل العروض لتنفيذ المشروعات، والتعاون في إطار التمويل، وهو ما ينعكس بالإيجاب على أبناء القارة والدول الشركاء أيضا، من خلال فتح مجالات جديدة للترويج لصناعاتها والتقنيات التي وصلت إليها، كما نأمل أن يأتي هذا التنافس الإيجابي بثماره على الجانبين، الأفريقي والشركاء الدوليين أيضا.

ــ هل انتهيتم من الاتفاق على الأجندة النهائية أم هناك بعض النقاط ما زالت عالقة.. وماذا عن مستوى المشاركة؟

نحن نلمس الاهتمام القوي فيما يتعلق بمشاركة عدد كبير من القادة، كما تتوالى التأكيدات خلال الأيام القليلة قبل انعقاد القمة، وتشير المؤشرات إلى درجة عالية من الاهتمام والتمثيل، وهناك عدد كبير من الرؤساء، وهو ما يعزز فرص نجاح القمة، وتوظيفها كإطار للتشاور، وتبادل وجهات النظر والوصول إلى رؤية مشتركة من خلال أفضل السبل، لتعزيز العلاقات الأفريقية الروسية.

أما فيما يتعلق بالأجندة فقد انتهينا من إطارها العام، وهناك بعض التفاصيل التي نتشاور حولها للانتهاء من الصياغات النهائية، وذلك بالتواصل بين الجانب الروسي المشرف على فعاليات القمة، ومجلس السفراء الأفارقة، وممثلي الدول الذين أوفدوا إلى روسيا، للتباحث وإقرار مشروع الأجندة والمخرجات الخاصة بالقمة.

ــ هل يمكن لروسيا ومصر أن يقدما رؤية مشتركة للتعاون بين روسيا والدول الأفريقية؟

بالتأكيد، خاصة أن الاعتماد على الروابط والعلاقة التاريخية بين مصر وروسيا، والتجارب الناجحة في التعاون الثنائي والازدهار الذي شهدته العلاقات في الآونة الأخيرة بارتفاع حجم التبادل التجاري وإقامة المنطقة الصناعية الروسية في محور قناة السويس، والمشروعات العديدة بين مصر وروسيا خاصة مجالات الطاقة، يجعل مصر شريكا هاما، وله صلات قوية مع المؤسسات الروسية.

كما يمكن أن تأخذ هذه العلاقة كمثل يحتذى به، ويتيح ذلك لمصر أن تتفاعل مع شركائها في القارة الأفريقية، وأن تكون المنفذ لروسيا في القارة، خاصة أن لديها من البنية التحتية ووسائل التواصل مع الشركاء الأفارقة، ما يمكن أن تستفيد منه روسيا، ونحن نعمل من أجل المصلحة المشتركة على مستوى القارة الأفريقية، ونعزز من مجالات التعاون والاستفادة من الخبرات الروسية، وإتاحة ما هو قائم في القارة الأفريقية من فرص، تعزز الاقتصاد الروسي ونخلق رباط يكون له عوائده على الجانبين.

هناك بعض الاضطرابات في أفريقيا وانتشار للجماعات المتطرفة فما العوامل التي يجب العمل عليها من أجل التنمية في بيئة مستقرة وآمنة؟

بالتأكيد المنظمات المتطرفة والإرهابية تشكل تهديدا للقارة الأفريقية والسلم والأمن الدولي وأوروبا بما فيها روسيا والعالم أجمع، وأرى أنه لابد من التعامل كما دعونا دائما من منظور شامل، يتناول القضية من الناحية الأمنية والفكرية والتصدي للأفكار المغلوطة للدين الإسلامي وتوظيفه بشكل خاطيء.

كما يجب التعامل بحزم من جانب المجتمع الدولي مع الدول الراعية للتنظيمات الإرهابية، والتي تحاول أن تحقق مصالح سياسية من خلال هذه المنظمات، خاصة أن هذه الدول توفر للجماعات والمنظمات الإرهابية الملاذ الآمن وقنوات التمويل والمنصات الإعلامية.

كما يجب تعزيز القدرات الأفريقية في التعاون الأمني، وتبادل المعلومات، ليس فقط فيما بينها، لكن مع شركائها الدوليين، ومنهم روسيا بما لديها من أجهزة استخباراتية قوية تستطيع أن تضيق الخناق على هذه التنظيمات.

وينبغي العمل على التصدي للفكر المتطرف، وهذا الأمر تضطلع به مصر بشكل كبير، من حيث توعية المجتمعات الأفريقية خاصة الإسلامية منها بصحيح الدين، والعمل على التصدي من خلال وجود مشترك، لما تمثله هذه الظاهرة من تهديد للعالم، وهو ما يتطلب اتخاذ سياسات موحدة وواضحة ليس بها أي مواربة، للتصدي لهذه الجماعات والقضاء عليها.

وبعض النزاعات الأفريقية بالتأكيد تعيق عمليات التنمية والتقدم وجذب الاستثمارات الخارجية، خاصة أن الاستثمار والتنمية لا تتحقق إلا في ظل المناخ الآمن والمستقر الذي يضمن العوائد ومعدلات التنمية اللازمة.

ومن هنا يجب دعم الآليات الأفريقية التي تعمل لإنهاء تلك الأزمات ومنها الاتحاد الأفريقي، ولروسيا دورها المهم من خلال عضويتها الدائمة في مجلس الأمن، وكذلك العمل على إزالة أسباب التوتر والتعامل مع النزاعات القائمة على أساس الحلول السياسية لهذه الأزمات، ودعم قوات حفظ السلام على مستوى القارة الأفريقية بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي والدول الأفريقية.

ــ هل يمكن لروسيا أن تقوم بدور في أزمة سد النهضة في ظل علاقاتها القوية بالدول الثلاث؟

روسيا دولة قوية كبيرة وعضو دائم في مجلس الأمن، وهي دولة تدعم وتؤكد دائما على مبادئ الشرعية الدولية، وضرورة احترام القانون الدولي، ويمكن أن يكون لدول العالم إسهامها في حل القضية، التي تؤثر على 100 مليون مصري، و40 مليون سوداني و100 مليون إثيوبي، وهو عدد كبير من السكان الذين يتأثرون بهذه القضية، ولا نرغب أن تتطور لتصبح أحد مواضع التوتر في شرق أفريقيا، خاصة فيما يتعلق بالتداعيات السلبية للقضية على الاستقرار والسلم والأمن في شرق أفريقيا، بل أفريقيا ويتعدى ذلك للمحيط الإقليمي بصفة عامة.

قضية سد النهضة هي قضية علمية، يجب أن يتم التعامل معها في إطار القانون الدولي والمبادئ الحاكمة لاستغلال الأنهار العابرة للحدود، وفقا لقواعد متعارف عليها ومطبقة في كثير من أرجاء العالم، بما يراعي احتياجات أثيوبيا للتنمية ويراعي ألا يتسبب إقامة سد النهضة بأضرار جسيمة بمصر والسودان، وهذه قواعد راسخة في إطار عرف القانون الدولي.

ويمكن لروسيا أن تعزز من ضرورة تمسك الأطراف بهذه المباديء والقواعد، وهي لها علاقات وثيقة بكل من مصر وأثيوبيا، ولها القدرة على التأثير الإيجابي من خلال مركزها كقوة عظمى وعضو دائم في مجلس الأمن، وكذلك من خلال علاقاتها الثنائية الوثيقة مع مصر والسودان وأثيوبيا، وقدرة التأثير الإيجابي وتحفيز الأطراف للتوصل لاتفاق عادل، يحفظ لجميع الأطراف مصالحها وحقوقها وفقا لقواعد الشرعية الدولية، واتساقا مع المبادئ العلمية التي تحكم الأمر.

الأمر لا يتم وفقا لأهداف أو تأويل سياسي، وإنما هي قضية يسهل حلها طالما توفرت الإرادة السياسية للتوصل إلى حل، ووضع إطار ينظم عمل ملء خزان السد في سنوات تستطيع أن تتعامل معها مصر، وتحت قواعد أننا نتعامل مع مورد طبيعي تتغير ظروفه وفقا للتغيرات المناخية والطبيعية.

كل ذلك يمكن أن نتعامل معه بعيدا عن أي نوع من الإضرار أو الانتقاص من حقوق أي من الأطراف، وروسيا تستطيع أن تكون طرفا ميسرا للتوصل إلى هذا الاتفاق من خلال دعم أسس القانون الدولي المنظمة لهذه الأمور.

ــ هل يمكن مناقشة موضوعات ثنائية مثل استئناف حركة الطيران الروسي إلى مصر مرة أخرى؟

هناك حرص دائم على مستوى القيادتين السياسيتين للتشاور واستعراض وتقييم وإعطاء قوة دفع للعلاقات الثنائية، ومتابعة كل مجالات التعاون والاطمئنان على أنها تسير وفق الوتيرة الواجبة، واستكشاف مجالات جديدة للتعاون، كما أن العلاقات بين البلدين تاريخية، وتتميز بالثقة المتبادلة والحرص الدائم على أن تكون قائمة على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وعلى رصيد التاريخ الممتد في التواصل بين البلدين.

وكل الموضوعات الثنائية القائمة دائما نتناولها من منطلق إيجابي، من منطلق التفهم لمصلحة كل طرف لدى الطرف الآخر والعكس، ونعمل في إطار من الصداقة القوية والاعتماد المتبادل.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً