في تحرك هو الأول منذ عقود، عمّت احتجاجات واسعة جميع أنحاء لبنان، مطالبة بإصلاحات اقتصادية فورية والقضاء على الفساد الحكومي المستشري، في مظاهرات أهم ما يميزها أنها ابتعدت عن الطائفية والمناطقية والطبقية، وارتفع سقف مطالبها لينادي بـ«إسقاط النظام» بالكامل، ولكن كيف تعامل حزب الله، أبرز مكونات الحكومة، مع هذه الانتفاضة؟، في الوقت الذي أعلن صراحة على لسان أمينه العام، حسن نصر الله، أنه لم يشارك في الاحتجاجات ولا يريد إسقاط الحكومة؟، وما مستقبل الدور السعودي في لبنان الداعم للتيار السني بقيادة رئيس الوزراء سعد الحريري، في مقابل الدعم الإيراني للحزب الأهم في هذا البلد: حزب الله الشيعي؟
وفي الوقت الذي يرى مطلعون على الوضع اللبناني أن حزب الله رغم تصريحات أمينه العام إلا أنه شارك في الاحتجاجات وبقوة، اعتبر محمد حمزة، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية، أن الحزب المدعوم إيرانيًا لم يشارك في هذا الحراك، وقال إن حزب الله لم يشارك في الاحتجاجات ورفض حل الحكومة؛ لأنه شريك فيها، موضحا أن الحزب أكد على أن "العهد"_ رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه_ باقي ولن يُلغى، مستشهدًا بقول نصر الله: "وقت نزولنا إلى الشارع لم يحن بعد، ولكن إذا جاء وقته فستجدوننا جميعًا في الشارع وفي كل المناطق ونغير كل المعادلات".
وأضاف حمزة، في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن هذه الاحتجاجات مطلبية وليست سياسية، لكنها تطالب بعزل الحكومة وتغيرها وإيجاد حكومة تكنوقراط، ولكن رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية يرى أن تشكيل هذا النوع من الحكومات أمرًا غاية في الصعوبة في بلد مثل لبنان.
وقال إن الوضع في لبنان لا يتحمل حكومة تكنوقراط؛ نظرا للتركيبة الطائفية والسياسية في هذا البلد، ولذلك تسعى الحكومة لتجاوز هذا السيناريو بإقرار ميزانية جديدة خالية من الضرائب".
وعن احتمالية النزول على رغبة المحتجين فيما يتعلق بإسقاط النظام واستقالة الحكومة، رأى "حمزة" أن سقف المطالب الشعبية، المرتفع جدا، والمتعلق بإسقاط النظام وإقالة الحكومة، لن يتحقق على الأرض، مشيرًا إلى احتمالية سقوط الحكومة لكن ليس النظام نفسه، معللًا ذلك بقوله: "وذلك نظرًا لوجود اتفاقية قديمة ترجع لعام 1943 بالإضافة إلى اتفاقية الطائف التي كانت السعودية هي الطرف الضامن لها، في إشارة إلى الميثاق الوطني غير المكتوب الذي نظم أسس الحكم في لبنان عام 1943، واتفاق الطائف عام 1989 الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية.
وتابع حمزة: "لبنان تركيبة مختلفة عن الدول العربية؛ فهي عبارة عن "موزاييك" من طوائف مختلفة، ولكل طائفة تمثيل سياسي، وعند إلغاء هذا التمثيل الطائفي سيكون هناك مجال للحديث عن تمثيل سياسي خالي من الطائفية".
وبشأن مستقبل الدور السعودي في لبنان وما تقدمه المملكة من دعم للتيار السني في البلاد بقيادة "الحريري" في مواجهة النفوذ الإيراني الداعم لحزب الله الشيعي، وذلك في ظل هذه المستجدات، أكد "حمزة" على أن "السعودية أوقفت معونتها للجيش اللبناني، وأنها كانت داعمة أساسية لرئيس الوزراء الحريري وللسنة في لبنان، لكن المعادلة تغيرت الآن؛ بوجود حزب الله الذي يمتلك الثلث المعطل في البرلمان، ويقيم تحالفًا مع رئيس الجمهورية ميشال عون ومجموعة أخرى من السنة، وبالتالي فإن الوضع سيبقى على ما هو عليه والاحتجاجات سوف تسفر عن إلغاء الضرائب أو منع وجود ضرائب جديدة في الموازنة العامة للسنة الجديدة نزولًا على رغبة الشارع".
وحول احتمالية حل البرلمان وإجراء انتخابات نيابية جديدة تفرز أحزابًا وكتلًا سياسية جديدة يمكن أن تنتشل لبنان من مستنقعه، استبعد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والإستراتيجية ذلك وقال: "إن الانتخابات لن تأتي بجديد؛ نظرًا للتركيبة الطائفية الموجودة"، لافتاً إلى أنه "قد يتغير الأشخاص، لكن الطوائف هي نفسها ولن تتغير"، مؤكدًا في نفس الوقت على أن "البرلمان لن يحل، فلا مجال للتغير أبدا".
وفيما يتعلق بإمكانية تحقيق المطالب الاقتصادية للشعب، من إلغاء للضرائب وقضاء على الفساد، قال حمزة: "الحكومة ستلغي الضراب، لكن الفساد سيتم تكميمه بعض الشيء إلى أن تطرأ أحداث جديدة في لبنان".
من العدد الورقي