في اتفاق أعاد رسم خريطة الشمال السوري وأنهى 5 سنوات من الحكم الذاتي للأكراد.. روسيا تعزز وجودها في البلد العربي بعد صفقة مع الأتراك.. ونيويورك تايمز: الأسد هو المستفيد

وسعت القوات الروسية من تواجدها في شمال شرق سوريا، نتيجة لاتفاق بين أنقرة وموسكو ينهي هجوم تركيا على القوات التي يقودها الأكراد مقابل إنهاء حلمهم بالحكم الذاتي، في خطوة نالت إشادة كبيرة من الرئيس الأمريكي الذي اعتبرها "نجاحًا كبيرًا"، فيما قالت وسائل إعلام عالمية إن هذا الاتفاق يسمح بإعادة بسط هيمنة الحكومة السورية على رقعة من البلاد التي سيطر عليها الأكراد يوما ما.

وعرضت وسائل الإعلام السورية والروسية لقطات لسيارات الشرطة العسكرية الروسية على مشارف مدينتي منبج وكوباني الاستراتيجيتين اليوم الأربعاء، وذلك بعد يوم واحد من لقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الروسية.

وذكر بيان نشر على وكالة "انترفاكس" الروسية أن الدوريات الروسية بدأت بالفعل داخل منبج، وهي مدينة كانت حتى قبل أسبوعين قاعدة أمريكية رئيسية في المنطقة.

وأشاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالاتفاق باعتباره "نجاحًا كبيرًا"، على الرغم من أن منتقديه يقولون إنه يعزز دور روسيا كوسيط رئيسي في الشرق الأوسط بعد إعلان الرئيس الأمريكي سحب القوات الخاصة الأمريكية من المنطقة.

كان ترامب يخطط للإدلاء ببيان جديد حول هذه القضية صباح اليوم الأربعاء. وفي تغريدة سابقة ادعى أن الأكراد كانوا في أمان وأن سجناء داعش آمنون.

وبذلك، أصبحت القوات التركية والفصائل المسلحة السورية الموالية لها وقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي يقودها الأكراد فضلاً عن قوات الجيش السوري الموالي للرئيس بشار الأسد، جميعهم موجودون الآن في المنطقة الحدودية، وروسيا هي القوة التفاوضية الوحيدة بينهم.

حددت المحادثات التي جرت أمس الثلاثاء بين أردوغان والرئيس الروسي معالم "المنطقة الآمنة" الحدودية التي اقترحتها تركيا منذ فترة طويلة: ستبقى القوات التركية في المنطقة التي تم الاستيلاء عليها منذ بدء الهجوم في 9 أكتوبر الجاري، وسيفرض الجنود الروس والجيش السوري سيطرتهم على بقية الحدود.

وستشرف موسكو ودمشق على إزالة المقاتلين والأسلحة الكردية على عمق 18 ميلاً (29 كم) من مواقعهم الحالية على الحدود قبل 26 أكتوبر الجاري، وبعدها سيبدأ تسيير الدوريات الروسية السورية المشتركة عبر المنطقة الحدودية بأكملها حتى عمق ستة أميال، باستثناء العاصمة الكردية الفعلية، القامشلي.

واليوم الأربعاء، نشرت وزارة الدفاع الروسية خريطة تُظهر 15 مركز مراقبة حدودي سيديرها النظام السوري.

ووفقًا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن هذا الاتفاق يعيد في الواقع رسم خريطة شمال سوريا وينهي خمس سنوات من الحكم الذاتي من قبل الإدارة الكردية وقواتها العسكرية لمنطقة شمال شرق سوريا، بعد أن توصل المسؤولون الأكراد إلى اتفاق مع "الأسد"، عدوهم السابق، في مقابل مدهم بتعزيزات عسكرية لصد الهجوم التركي.

ومع ذلك، فإن مصير القواعد العسكرية التي أنشأتها قوات سوريا الديمقراطية في المدن الحدودية التي كانت خاضعة لسيطرتها في السابق وما يحدث للوحدات غير الكردية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية لا يزال غير واضح. ولم تعلق قوات سوريا الديمقراطية والسياسيون الأكراد على هذه الصفقة التركية الروسية في سوتشي.

يُعتقد أنهم سيحتفظون بالسيطرة على حوالي 90 ألف رجل وامرأة وطفل لهم صلات بتنظيم داعش في السجون ومعسكرات الاعتقال التي يديرها الأكراد.

من جانبها، ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن هذا الاتفاق يدعو القوات الروسية والتركية إلى ملء الفراغ العسكري الناجم عن انسحاب الولايات المتحدة المفاجئ من شمال سوريا هذا الشهر، والذي ترك الأكراد، حلفاء الأمريكان، عرضة للهجوم التركي.

وأضافت الصحيفة الأمريكية أن الاتفاق يسمح أيضاً للحكومة السورية، المدعومة من موسكو، بإعادة بسط الهيمنة على رقعة من البلاد التي سيطر عليها الأكراد.

بدورهم، هدد مسؤولون أتراك بمن فيهم أردوغان اليوم الأربعاء بأن أنقرة ستستأنف الهجوم إذا لم تضمن روسيا أو الولايات المتحدة الانسحاب الكامل للمقاتلين الأكراد من المنطقة الحدودية.

وسأل أردوغان بوتين عما سيحدث لو أن وحدات حماية الشعب الكردية، وهي أكبر وأهم وحدة في قوات سوريا الديمقراطية، ارتدت الزي الرسمي للجيش السوري من أجل البقاء في المنطقة الحدودية، وفقًا لصحيفة "حرييت" التركية.

وتقول أنقرة إن وحدات حماية الشعب لا يمكن تمييزها عن حزب العمال الكردستاني المحظور لدى تركيا، والذي يشن تمردًا ضد الدولة التركية منذ عقود. وقال أردوغان إن بوتين أجاب بالقول إنه لن يدع ذلك يحدث.

وبشأن الموقف السوري من الاتفاق الروسي التركي، أثار الرئيس بشار الأسد في الماضي المخاوف بشأن التدخل الأجنبي في سوريا، لكن الكرملين قال إنه شكر الرئيس بوتين و "عبر عن دعمه الكامل" لهذه الصفقة.

بدورها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الاتفاق خطوة إيجابية وإنها تدعم أي تحرك لاستعادة الاستقرار في المنطقة.

وفي هذه الأثناء، بقيت المدينتان الحدوديتان رأس العين وتل الأبيض، اللتان عانيا من قتال عنيف خلال العدوان التركي، هادئين اليوم الأربعاء، بعد يوم واحد من انتهاء وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة الولايات المتحدة.

وغرد ترامب على موقع تويتر قائلاً: "تم إنشاء منطقة آمنة! وتم التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وإنهاء المهام القتالية. والأكراد في أمان وعملوا بشكل جيد للغاية معنا. وأسرى داعش مؤمنون".

هذا ومن المقرر أن يزور أردوغان البيت الأبيض الشهر المقبل.

اقرأ أيضاً: 93 قتيلًا و357 مصابًا حصيلة ضحايا فصيل سوري موالي لأنقرة جراء العدوان التركي

من جانبه، استقبل الأمين العام لحلف الناتو، جينس ستولتنبرج، هذه الصفقة بحذر أكبر، وقال إن وزراء الدفاع في بروكسل سيناقشون الحاجة إلى حل سياسي في شمال شرق سوريا.

اقرأ أيضاً: الجيش السوري يدخل مدينة استراتيجية ملاصقة للحدود التركية (فيديو)

وكحصيلة للعدوان التركي، كانت الأمم المتحدة أعلنت أن أكثر من 176.000 شخص، بما في ذلك حوالي 80.000 طفل، نزحوا في الأسبوعين الماضيين في شمال شرق سوريا، والتي تضم حوالي ثلاثة ملايين شخص.

اقرأ أيضاً: تركيا: اعتبارا من الغد ستبدأ الجهود المشتركة مع روسيا بشأن سوريا

وقُتل نحو 120 مدنياً خلال العدوان، إلى جانب 259 مقاتلاً كرديًا و 196 متمرداً سوريًا مدعومًا من تركيا وسبعة جنود أتراك، وفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، وهو مكتب إعلامي يتخذ من بريطانيا مقرا له. فيما يقول مسؤولون أتراك إن 20 مدنيا قتلوا أيضا في هجمات شنتها وحدات حماية الشعب الكردية على الأراضي التركية.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً