"جوهر.. جوهر، يسقط آبي" بهذه الهتافات خرجت عدة مظاهرات منددة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا ضد رئيس الوزراء آبي أحمد بعد عشرة أيام فقط من حصوله على جائزة نوبل للسلام، وحرق المتظاهرون كتابه - الذي نشره عقب نيل الجائزة - في الميادين العامة، مطالبين بإسقاطه.
ويرجع البعض كلمة السر وشرارة اندلاع هذه المظاهرات في التعسفات الأمنية التي يتعرض لها الناشط السياسي البارز جوهر محمد العائد إلى أثيوبيا من منفاه الاختياري بأمريكا للإصلاح السياسي في بلاده، ولكنه قوبل بإعلان الحكومة الأثيوبية عزل الحراسة الخاصة به خوفًا من أي تحركات سياسية يقوم بها في الفترة المقبلة خاصة بعدما صرح بأن آبي أحمد يحاول تصفيته بـ"يد الغوغاء" لتوسيع سلطته في أثيوبيا، وأن الأخير يجر البلاد إلى حرب أهلية.
محاولة اعتقال الناشط جوهر محمد
ولكن جاءت محاصرة الشرطة لمنزل جوهر محمد بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير والأمر الذي جعل الشباب الأورومي يتنبأ باعتقاله فخرجوا منددين متجمعين بالمئات خارج منزل جوهر في العاصمة صباح يوم الأربعاء الماضي، بعد ساعات من تطويقه من قبل الشرطة، وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، فيس بوك وتويتر، الاحتجاجات الضخمة التي قادها الشباب في منطقة الأورومو كخطوة تحذيرية للحكومة الإثيوبية عقب محاصرة جوهر.
من ناحيتها.. أوردت وكالة رويترز أنباء الاحتجاجات في أديس أبابا مشيرة إلى أنها جاءت كانعكاس لتصريحات آبي أحمد أمام البرلمان حول اتخاذ تدابير صارمة ضد جوهر محمد بعدما أشار إلى أن هناك منظمات إعلامية وصفها بأنها تؤجج الصراعات وأن هناك إعلاميين يملكون جوازات سفر أخرى غير الجواز الإثيوبي -في إشارة إلى جوهر- يتخذون مواقف محايدة عندما يكون الوطن في ورطة. وقال آبي بحسب رويترز إن شعب إثيوبيا يجب أن يستيقظ. إذا كان زعيم مجموعة معينة يؤمن بالحرب لحل المشكلات السياسية في البلاد، فيجب أن يكون ذلك القائد مستعدًا للتضحية بنفسه أولاً. وليس من الصواب أن يبقى القادة آمنين على حساب الفقراء.
وهو ما قابله رد من جوهر محمد في فيس بوك على كلمة أبي أحمد قائلا إنه لم يهرب من البلاد وأن كان بالخارج للعمل والدراسة، كما تلتزم شبكة أورومو الإعلامية بالقانون والدستور، وأنها تواجه حملات تشويه كبيرة، وأن هناك من يحاول تصفيته على الرغم بأنه هو من أتى بآبي أحمد إلى الحكومة.
الشرطة الأثيوبية تتراجع
وصرحت الشرطة الإثيوبية بحسب ما أورده موقع "العين" الإماراتي بأنها مع تحسن الوضع الأمني يتم إبعاد حراس الناشطين والسياسيين، ويأتي هذا التصريح في ظل النزاعات وأعمال العنف التي تشهدها إثيوبيا خلال الفترة السابقة، ونفت التقارير التي تفيد بوجود محاولات لإزاحة أمن جوهر، وأنه لن تتخذ الحكومة ولا الشرطة أي إجراء ضده.
من هو الناشط الأثيوبي جوهر محمد
ارتبط اسم الناشط السياسي جوهر محمد - وهو من عرق الأورومو الذي يمثل أكبر عرقية في البلاد - بالاحتجاجات التي اندلعت في أثيوبيا وخاصة إقليم أوروميا وهي الاحتجاجات التي أدت إلى مجيء آبي أحمد، ويعتبر جوهر هو المحرك السياسي لأي حراك شبابي من خلال شبكة أورومو الإعلامية خاصة وأن حسابه يتابعه على فيس بوك فقط نحو 1.75 مليون شخص مما يبرز قدرته على الحشد السريع للمظاهرات.
وتسير فلسفة جوهر حول إبعاد البلاد عن الحرب الأهلية ولكنه صرح مؤخرا لبعض الوكالات الإخبارية أن خطوة رئيس الوزراء آبي أحمد لدمج الجبهة الديمقراطية الثورية للشعب الإثيوبي وإنشاء حزب موحد خطوة خطيرة يمكن أن تدفع البلاد إلى هذه الحرب وهو ما دفعه للحديث للشباب عبر وسائل التواصل الاجتماعي للوقوف ضد هذا؛ ولذلك ينظر رئيس الوزراء الأثيوبي إلى الناشط "جوهر محمد" على أنه يسعى للوصول إلى السلطة واستبعاده من الحكومة.
ويدير جوهر شبكة إعلام "الأورومو" أو أم إن"، التي قامت بتغطية الاحتجاجات التي أطاحت برئيس الوزراء السابق هايلي مريام ديسالين عام 2018، وتحظى بمتابعة واسعة وتأثير سياسي كبير.
ويرجع البعض الإجراءات ضد "جوهر محمد" بما قاله بعد شهور من انتخاب الائتلاف الحاكم أبي أحمد كرئيس للوزراء في إثيوبيا، حيث جاء في مقابلة تلفزيونية مع محطة محلية أن "هناك حكومتان في إثيوبيا؛ واحدة يقودها أبي أحمد وواحدة يقودها Qeerroo " وهي الجماعة الناشطة التابعة له.
مظاهرات في أثيوبيا
من جانبها.. أفادت وكالة رويترز نقلا عن سكان محليين وشهود عيان، إن الشرطة أطلقت الرصاص والغاز المسيل للدموع مع احتجاج الآلاف في إثيوبيا على معاملة ناشط بارز في مؤشر على أن رئيس الوزراء الفائز مؤخرا بجائزة نوبل للسلام قد يكون يخسر شعبيته لدى القاعدة السياسية.
وقال سكان في العاصمة الأثيوبية إن الاحتجاجات امتدت إلى من مختلفة من البلاد منها مدن آداما وآمبو وجيما وأفادت أن هناك أنباء بسقوط 4 أشخاص أصيبوا بالرصاص في آمبو.
يذكر أن الناشط الأثيوبي جوهر محمد عاد إلى بلاده بعد منفاه الاختياري في أمريكا عام 2018، بعدما كان يدير أورومو من الولايات المتحدة والتي كانت تبث برامجها من المهجر، وحين عودته اكتست الشوارع بالشباب مطالبين بأن تقام الدولة بالمفهوم الشامل.