أثار مقتل زعيم داعش، أبو بكر البغدادي، أمس، في غارة أمريكية على إدلب عددًا من التساؤلات عن مصير ومستقبل التنظيم، الذي شهد العالم على جرائمه، ولطالما كانت هناك العديد من المحاولات على مدى سنوات للقضاء عليه، لكن هل يصبح مقتل البغدادي القشة التي تقصم ظهر البعير وتقضي على مستقبل التنظيم، أم أن هناك بداية جديدة مع خليفة جديد؟
التخبط والانتقام والتوحّد مع "القاعدة" وقوة جديدة.. سيناريوهات محتملة لمستقبل "داعش"
CNN
ذكرت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن مقتل زعيم داعش أبو بكر البغدادي في غارة أمريكية في شمال غرب سوريا ليلة السبت يعد ضربة قوية ضد التنظيم الإرهابي، وأنه على الرغم من أن تنظيم "داعش" قد يكون لديه خطة للخلافة، إلا أنه من المرجح أن يعرفها عدد قليل جدًا من كبار قادة التنظيم، ولم تشر المجموعة علنا من سيتولى المهمة، وهذا قد يتحدى قدرة داعش على إلهام الإرهاب العالمي.
ووفقًا لإدموند فيتون براون، منسق فريق المراقبة التابع للأمم المتحدة والذي يركز على تنظيم داعش وغيره من الجماعات الإرهابية، فإن تقييم الفريق لذلك الوضع هو أن وفاة البغدادي ستكون ضربة كبيرة لتماسك التنظيم ومستقبله، فمعنويات داعش، واستراتيجيتها إلى حد ما، وتماسكها الأيديولوجي، لا تزال تتجسد إلى حد كبير في قيادة البغدادي".
وذكر التقرير أن هناك "صداعا" آخر لداعش في "تسمية خليفة"، ويُعتقد على نطاق واسع بين الجهاديين أن "الخليفة" يجب أن يكون له سمات وبيانات اعتماد معينة. وقد تمكّن البغدادي من إقناع أتباعه بأنه يناسب هذه المتطلبات، لكن هذا يضيق نطاق مجموعة الخلفاء المحتملين.
ومع رحيل البغدادي، هناك احتمال بحدوث انشقاق في داعش؛ ففي السنوات الأخيرة، ارتفعت التوترات بين الفصائل الإيديولوجية المختلفة داخل داعش بسبب عقيدة التكفير.
وذكرت "سي إن إن" أيضًا أن تنظيم القاعدة قد يتطلع إلى فرصة لإعادة توحيد الحركة الجهادية العالمية؛ إذ تجسد جزء كبير من الخلاف بين تنظيم القاعدة وداعش في حرب كلامية شرسة بين البغدادي وزعيم القاعدة أيمن الظواهري، لكن بمقتل البغدادي، قد تتحرك القاعدة لمعالجة الانقسامات بين المجموعتين.
وحذّر التقرير من أنه في الأيام المقبلة، سيكون هناك قلق كبير من أن أتباع داعش في جميع أنحاء العالم سوف يسعون للانتقام لمقتل البغدادي، وسوف تحتاج وكالات الأمن إلى أن تكون أكثر يقظة، مشير إلى أنه من المرجح فإن مقتل البغدادي قد يقلل من التهديد الذي يشكّله داعش من خلال قلة عدد مؤيديها، وسرقة الشرعية داخل الاوساط الإرهابية، وفضح الحقد داخل المجموعة.
وهو ما حذّر منه أيضًا مسئول أمريكي رفيع المستوى بوكالة الأمن القومي من أنه سيكون هناك ارتفاع قصير المدى في محاولات شن هجمات ضخمة لأعضاء التنظيم الفترة المقبلة.
ومع ذلك، فإن هناك احتمالا آخر وهو أن تهديد داعش قد يعمر طويلًا حيث تعمل المجموعة على تجديد عملياتها في العراق وسوريا ولا يزال مقاتلوها وأتباعها يتمتعون بوجود كبير في أفغانستان وليبيا وغرب إفريقيا وشرقها، وجنوب شرق آسيا والعديد من أنحاء العالم الأخرى.
ويقدر الجيش الأمريكي أن ما يصل إلى 18 ألفا من أعضاء داعش ما زالوا مطلقي السراح في سوريا والعراق، ووفقًا للأمم المتحدة، فمن المحتمل أن 30 ألف من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الذين انضموا إلى الجماعة ما زالوا على قيد الحياة، والخوف هو أن عددًا كبيرًا منهم سيصبحون ضباطًا في شبكات إرهابية في المستقبل.
وفي سياق متصل، ذكرت صحيفة "الغد" أن الخبير العسكري فيكتور موراخوفسكي، أشار إلى أن مقتل وهروب البغدادي لن يؤثر على التنظيم ونشاطاته الإرهابية، مضيفًا أنه من الخطأ الظن بأن مقتل رأس التنظيم سيضعف هذا البناء وينهيه، وأوضح أن لكل تنظيم ترتيبًا، ولا شك أن داعش سيكون له عدة رؤوس نافذة، لهذا فالبغدادي مجرد عقل مدبر وآخرون يعملون في مختلف المجالات، ورجح المسؤول أن يكون البغدادي أعطى توجيهات استراتيجية عامة وترك الأمر لقادة ميدانيين.
أربعة مرشحين.. من منهم يصبح خليفة البغدادي؟
ذكر موقع "Ynet news.com" الإسرائيلي في تقرير بعنوان "داعش لن تموت مع البغدادي"، أن تنظيم داعش لن يموت بموت البغدادي، وأنه من المرجح أن يحقق زعيم التنظيم الإرهابي، مكانة أسطورية بين أتباعه، وفي حين أن موته سيكون بمثابة ضربة لمعنويات البعض في أجزاء معينة من العالم، فإن رسالته ستظل تلهم الكثيرين على القيام بالهجمات، وهو مايشير إلى أن داعش قد تلجأ لاختيار خليفة جديد بدلًا للبغدادي لقيادة تلك الهجمات.
وقد تردد في قائمة المرشحين لخلافة داعش بعد مقتل البغدادي عدد من الأسماء لكن كان أبرز المرشحين إلى الآن هو عبد الله قرداش، الملقب بـ"أبو عمر التركماني".
عبد الله قرداش
وجاء الإعلان عن تعيين قرداش خليفة للبغدادي، بعد نحو أربعة شهور من آخر ظهور للبغدادي، في التاسع والعشرين من شهر أبريل الماضي؛ الذي توعد خلاله الولايات المتحدة الأميركية بمزيد من الأعمال، كما عد تفجيرات سريلانكا التي راح ضحيتها العشرات بمثابة ثأر لما حصل في منطقة الباغوز في سوريا.
وتمتد العلاقة بين قرداش والبغدادي لنحو 16 عامًا، بعدما التقى الرجلان في سجن بوكا بمحافظة البصرة جنوب العراق، الذي كانت تديره القوات الأميركية في حينها بعد عام 2003، وظلا فيه لسنوات سجناء؛ قبل أن يُطلق سراحهما، وتبدأ مسيرة جديدة مع «داعش».
وتنحدر أصول قرداش من بلدة تلعفر، شمال غربي مدينة الموصل، التي تحولت لحاضنة رئيسية لـ«داعش»، وهو ضابط سابق فى جيش صدام حسين بزغ نجمه فى التنظيمات المتطرفة بعد سقوط صدام عام 2003، وتولى منصب وزير «التفخيخ والانتحاريين» داخل التنظيم، ولقرداش عدد من الألقاب منها "المدمر"، و"الأستاذ".
المرشح الثاني، سامي جاسم محمد الجبوري، ويعرف أيضا باسم حجي حميد، هو قيادي بارز في داعش، وعضو قديم في المنظمة التي سبقت داعش وهي منظمة القاعدة في العراق، وكان له دور فاعل في إدارة الشؤون المالية لعمليات داعش الإرهابية، بينما كان يشغل منصب نائب داعش في جنوب الموصل في عام 2014، يذكر أنه شغل منصب وزير مالية داعش، وصنفته وزارة الخزانة الأمريكية بأنه إرهابي عالمي في سبتمبر 2015.
ومن بين المرشحين أيضًا، معتز نعمان عبد نايف نجم الجبوري، ويعرف أيضًا باسم حجي تيسير، وهو قيادي بارز في داعش، وعضو قديم في المنظمة التي سبقت داعش وهي منظمة القاعدة في العراق، وقد أشرف على صنع القنابل لأنشطة داعش الإرهابية.
كذلك من بين الأسماء المرشحة أيضًا.. أبو الحسن المهاجر، وهو الناطق الرسمي باسم تنظيم الدولة منذ نهاية العام 2016، بعد اغتيال "أبو محمد العدناني"، ويعتبر المهاجر من القادة القلائل الذين لم تتوفر أي معلومة عن هويتهم، ولم يتمكن التحالف الدولي ضد التنظيم، حتى من تحديد جنسيته.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، أعلنت تمكنها من قتل المهاجر في عملية مشتركة مع الولايات المتحدة، إلا أن واشنطن لم تؤكد ذلك.