قدم رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري استقالة حكومته للرئيس ميشال عون ردا على الاحتجاجات وقال "وصلت لطريق مسدود".
وقال الحريري إنه سعى خلال الأسبوع الماضي إلى نزع فتيل الغضب الشعبي وذلك من خلال حزمة إصلاحات اتفق عليها مع الأطراف الأخرى في حكومته الائتلافية التي تضم حزب الله. وتشمل هذه الحزمة مكافحة الفساد وإصلاحات اقتصادية تأخرت كثيرا، حسب "رويترز".
لكن الكثير من المحتجين الذين تشمل مطالبهم استقالة الحكومة لم يشعروا بالرضا بسبب عدم وجود إجراءات فورية لتطبيق تلك الإصلاحات.
ووجه الحريري كلمة إلى الشعب نقلتها محطات التلفزيون بعد أن هاجمت مجموعة من أنصار حزب الله وحركة أمل مخيما أقامه المتظاهرون المناهضون للحكومة في بيروت.
وأصيب لبنان بالشلل بسبب موجة الاحتجاجات غير المسبوقة ضد فساد الطبقة السياسية المتفشي في لبنان والذي أدى إلى أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وقال الحريري "منذ 13 يوما والشعب اللبناني ينتظر قرارا بحل سياسي يوقف التدهور وأنا حاولت طوال هذه الفترة أن أجد مخرجا نستمع من خلاله لصوت الناس ونحمي البلد من المخاطر الامنية والاقتصادية والمعيشية".
عناصر من #حزب_الله وحركة أمل يحرقون خيام المعتصمين وسط #بيروت#شاهد_سكاي pic.twitter.com/mKAK5s8xUZ— سكاي نيوز عربية (@skynewsarabia) October 29, 2019
أضاف "اليوم لا أخفيكم أني وصلت إلى طريق مسدود. صار لازم نعمل صدمة كبيرة لمواجهة الازمة. أنا طالع على قصر بعبدا (القصر الرئاسي) لتقديم استقالة الحكومة لفخامة الرئيس العماد ميشال عون وللشعب اللبناني بكل المناطق تجاوبا مع إرادة الكثير من اللبنانيين الذين نزلوا على الساحات ليطالبوا بالتغيير والتزاما بضرورة تأمين شبكة أمان تحمي البلد في هذه اللحظة التاريخية."
ودعا الحريري اللبنانيين إلى أن "يقدموا مصلحة لبنان وسلامة لبنان وحماية السلم الأهلي ومنع التدهور الاقتصادي على أي شيء آخر".
وقال "لكل الشركاء في الحياة السياسية أقول : مسؤوليتنا اليوم كيف نحمي لبنان ونمنع وصول أي حريق له. مسؤوليتنا كيف ننهض بالاقتصاد. يوجد فرصة جدية لا يجب أن تضيع. استقالتي أضعها بتصرف فخامة الرئيس وكل اللبنانيين".
وفي وسط بيروت حطم رجال يرتدون قمصانا سوداء ويحملون العصي والأنابيب مخيم الاحتجاج الذي كان يعد نقطة محورية للتجمعات في جميع أنحاء البلاد ضد النخبة السياسية الحاكمة منذ زمن طويل.
وأدت التصعيدات إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية الحادة في لبنان حيث أدت الضغوط المالية إلى ندرة العملة الصعبة وتراجع قيمة الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار. كما تراجعت السندات اللبنانية بسبب الاضطرابات.
وجاء استعراض القوة هذا بعد ان أعلن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأسبوع الماضي ضرورة إعادة فتح الطرقات التي أغلقها المتظاهرون واتهم المحتجين بأنهم يتقاضون أموالا من أعدائه الأجانب وتنفيذ أجندتهم.
ويعد هذا أخطر نزاع في شوارع بيروت منذ عام 2008 عندما سيطر مقاتلو حزب الله على العاصمة في نزاع مسلح قصير الأمد مع أنصار الحريري. وتصاعد الدخان حيث اشتعلت النيران من بعض خيام المحتجين من قبل أنصار حزب الله وحركة أمل الذين انتشروا في وقت سابق في وسط العاصمة وهم يهتفون "شيعة. شيعة" للدلالة على أنفسهم ووجهوا سبابا للمتظاهرين. كما هتفوا شعارات مؤيدة لرئيس البرلمان ورئيس حركة أمل نبيه بري "بالدم بالروح نفديك يا نبيه" و "لبيك يا نصر الله".
وقال شهود عيان إن قوات الأمن لم تتدخل في البداية لوقف الاعتداء على المتظاهرين بالعصي والذين شوهدوا وهم يركضون ويطلبون المساعدة. وفي النهاية تم إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود.
وشلت الاحتجاجات كل لبنان منذ 17 أكتوبر في وقت تفاقمت فيه الأزمة المالية مع استمرار إغلاق البنوك لليوم العاشر وتوقف المدارس وبعض الشركات عن العمل. وستمثل الاستقالة تحديا لجماعة حزب الله الشيعية القوية. وقال الأمين العام للجماعة حسن نصر الله مرتين إنه ضد هذه الخطوة، مشيرا إلى خطر حدوث فراغ.
ووفقا للدستور ستبقى حكومة الحريري في مهمة تصريف الأعمال ريثما يتم تشكيل حكومة جديدة. وكان مسؤول كبير من خارج معسكر تيار المستقبل الذي يتزعمه الحريري لرويترز قد قال في وقت سابق اليوم إن رئيس الوزراء سيعلن "على الأرجح" استقالة الحكومة اليوم الثلاثاء.
ودعا حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة يوم الاثنين إلى حل للأزمة خلال أيام من أجل استعادة الثقة والحيلولة دون انهيار اقتصادي في المستقبل. وظهرت سوق سوداء للدولار منذ الشهر الماضي تقريبا. وقال ثلاثة من الذين يتعاملون بتبديل العملات الأجنبية إن سعر الدولار اليوم الثلاثاء بلغ 1800 ليرة أي أعلى من السعر الذي كان يتم التداول به يوم أمس الاثنين وهو 1700 و1740 للدولار. والليرة اللبنانية مربوطة بالدولار على سعر 1507.5 ليرة للدولار لكن السعر ارتفع في سوق موازية في الأشهر القليلة الماضية. وقال سلامة لرويترز إن البنك المركزي سيحافظ على سعر الفائدة عند إعادة فتح البنوك.
اقرأ أيضاً: بين مؤيد ومعارض.. أهم ردود الأفعال على استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري
وقال توفيق كسبار الاقتصادي الذي عمل مستشارا لصندوق النقد الدولي ووزير المالية "حتى لو غادر المتظاهرون الشوارع فان المشكلة الحقيقية التي تواجههم هو ماذا سيفعلون في تخفيض قيمة الليرة".
وقال "الغالبية العظمى من الدخل اللبناني هو بالليرة اللبنانية ومدخراتهم بالليرة اللبنانية والتعويضات بالليرة ومن المؤكد أنها بدأت تنخفض قيمتها بالفعل".