بدأت الحكومة التفتيش فى أصولها غير المستغلة من أراضٍ وعقارات، لعلها تستفيد بقيمتها فى إقالتها من عثراتها الاقتصادية، وذلك من خلال عدة طرق
وأجرى «أهل مصر» حوارًا مع هاني توفيق، عضو لجنة إدارة أصول الدولة، استعرض من خلاله الخطوات والأهداف من وراء الك الخطوة التي اتخذتها الحكومة.
في البداية قال «توفيق»: إن هناك ثلاث سيناريوهات لإدارة اصول الدولة غير المستغلة، أولها، السماح بدخول مستثمر استراتيجي، أو الطرح في البورصة، أو دمج بعض الشركات في بعضها، إلا ان الخيار الأول وهو السماح بدخول مستثمر استراتيجي، أمر لا يفضله كثيرون وغير مرغوب فيه لأنه يذكرهم بما يعرف بـ «الخصخصة».
وتابع عضو لجنة إدارة أصول الدولة أما المقترح الثاني، وهو الأنسب لنا في الوضع الحالي عبر طرح حصص في البورصة، لضخ رؤوس أموال جديدة بالشركات التي تعاني من تعطيل وعدم انتاجية.
وأضاف «توفيق»: إذا جربت الشركات المملوكة للدولة «طعم المكسب لن تعود الى الإنتخة مرة أخرى»، عن مفاجأة وهي توقف لجنة إدارة أصول الدولة عن عملها منذ رحيل وزير الاستثمار السابق أشرف سالمان، ولم يعد لها وجود في مجلس الوزراء أو وزارة قطاع الاعمال نفسها.
وقال «توفيق» إن الوزير الحالي أشرف الشرقاوي هو رجل سوق مال في المقام الاول، مضيفًا: «ومع الاحترام الكامل له، إلا أنه لا علاقة له بشركات قطاع الاعمال ولا غيرها من الشركات الموجودة على الأرض»، مشيرًا إلى أن المشكلة التي تواجه الحكومات المتعاقبة منذ العام 2004 في استغلال الاصول المملوكة لها هي العمالة الموجودة بتلك الشركات التي بلغت وفقًا لأخر إحصاء أكثر من نصف مليون عامل..
وإلى نص الحوار:
*بداية، أين تقف لجنة إدارة أصول الدولة اليوم؟
- ماتت وشبعت موت.. فأي لجنة لا يحمل قرار إصدارها صفة القرار الوزاري، لا بد أن يكون مصيرها الثلاجة، فاللجنة التي صدرت حين جاء الوزير أشرف سالمان وزير الاستثمار السابق كان من المفترض ان تعرض نتائجها على مجلس الوزراء.
وتم الاتفاق على ان يقوم مجموعة من الخبراء بدارسة كل شركة على حده وتقييمها في تقرير شامل عن اوضاعها المالية ومستقبلها الفني، إلا أنه مع التغيير الوزاري الأخير وخروج أشرف سالمان تجمد عمل اللجنة حتى اليوم.
*هل كانت اللجنة تكلف الدولة ميزانية خاصة؟
- لا، لم تكن نعمل بأجر، وكان لأعضاء اللجنة هدف وهو تنمية الاصول التي تمتلكها الدولة وتعظيم الاستفادة منها.
*هل خاطبتم الوزير الحالي أشرف الشرقاوي لاستئناف عملها؟
- ليس علينا أن نخاطب الوزير لاستئناف عمل اللجنة، ولو طلب منا ذلك لن نتأخر نهائيًا.
*وبرأيك، ما هي أهم الحلول التي لا بد وأن تتبعها الدولة للاستفادة من أصولها غير المستغلة؟
- في البداية، دعني أقول لك إن أزمة الاستفادة من أصول الدولة غير المستغلة هي مشكلة موروثة منذ بداية برنامج الخصخصة مطلع التسعينات من القرن الماضي، لأن برنامج الخصخصة تم تطبيقه بشكل خاطئ، لأنه اعتمد على ان تتخلص الدولة من الاصول التي تملكها عبر البيع لمستثمر واحد أو مجموعة مستثمرين سواء من المستثمرين المحليين كما حدث في الدخيلة لإنتاج الصلب أو لمستثمر أجنبي كما حدث على سبيل المثال في عمرو أفندي وغيرها.
*وهل تؤيد استئناف برنامج الخصخصة نفسه؟
- بشكله القديم لا، رغم نجاح بعض الشركات وهنا اقصد «الدخيلة»، والتي بلغت مديونيتها قبل بيعها أكثر من 4 مليارات جنيه ومع بيعها لمستثمر محلى تقلصت المديونية الى صفر، وحققت أرباحًا بعد عامين مباشرة لكن كان لها طبيعة خاصة لأنها مسؤولة عن منتج استراتيجي وهو الحديد، لكن هذه الايام دعنا نتحدث عن السيناريوهات البديلة لذلك فالسيناريو الأول هو السماح بدخول مستثمر استراتيجي يتولى الإدارة فقط دون أن تتخلى الدولة عن ملكيتها للأصول نفسها، ولعل ما يحدث في بعض الشركات التابعة للقابضة الغذائية مثلًا دليل نجاح، إذ دخل متطورين تجاريين فروع «فاميلي ماركت»، فقامت بتطويره وتحسنت مبيعاته.
*وما هو البديل الثاني؟
- الطرح في البورصة، لكننا هنا أمام أزمة أخرى تتعلق بالتقييم المالي للشركات المستهدف طرح حصص منها في البورصة، فالطرح بالبورصة بشكل عام هو توفير تمويل عبر طرح عام أو خاص تقوم الدولة من خلاله بتطوير أداء الشركة التي سيتم طرحها إلا أننا أمام مشكلة أكبر وهي المديونيات التي تسجلها تلك الشركات لأن عدد الشركات الرابحة التي تمتلكها الدولة نسبتها بسيطة بالمقارنة بالشركات التي تحقق ارباح.
*لكن الحكومة تتجه بالفعل الى طرح حصص من الشركات في البورصة؟
- بالفعل وكلنا سمعنا تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي بهذا الشأن، وحسب معلوماتي فإن هناك تنسيق بين الحكومة وبعض بنوك الاستثمار للتولي طرح شركات تابعة للقابضة الغذائية استعدادا لطرحها في القريب العاجل.
*أشعر أنك غير متفائل بتوجه الحومة نحو استغلال أصولها عبر الطروحات في سوق المال؟
- القصة ليست تفاؤل أو تشاؤم، القصة في سوق الاوراق المالية لا بد أن تدار بحرفية وليس لها علاقة بمن يطرح سواء الحكومة أو غيرها لأن الموضوع يتعلق بتقييم أصول حقيقية والتخلص من المديونية والعمل بفكر جديد يكون الهدف منه تعظيم الارباح.
*إذا ما هو السيناريو الثالث في استغلال تلك الأصول؟
- الدمج، إلا أنه خيار ليس في وقته إلا في أضيق الحدود، فالدمج يعنى أن تقوم الحكومة بدمج شركات في بعضها خاصة إذا كانت أنشطتها مرتبطة ببعضها، ولعل تجربة الحكومة في دمج عدد من الشركات التابعة للقابضة للتشييد والبناء في شركات اخرى كانت تابعة للعامة للاستصلاح الأراضي مثال ناجح.
وقد حدث ذلك قبل 25 يناير أكثر من مرة لان القابضة للتشييد تمتلك محفظة أراضي كبيرة وكانت هناك شركات مقاولات واستصلاح أراضي تمتلك معدت دون أراضي فحقق الدمج جدواه الاقتصادية، بعكس دمج شركات تجارية في شركات تابعة للقابضة للسياحة والسينما لم تحقق اية جدوى اقتصادية جراء دمجها.
*قلت في تصريحات سابقة إن هناك كارثة تواجه أي سيناريو تقوم به الحكومة لاستغلال أصولها.. ما هي؟
- العمالة المتضخمة في الشركات التابعة للدولة، ولعل ما شاهدناه سابقا من أزمات تتعلق بالمعاشات المبكرة دليل قاطع على صحة كلامي، فعدد العمال في الشركات التابعة للدولة تجاوز وفق أخر تقدير حاجز الـ 500 ألف عامل، والرئيس شدد على الحفاظ على مستقبل العمالة على مستوى الجمهورية، إذا كيف تواجه الدولة الراغبة في تطوير شركاتها وتحولها للربحية نصف مليون أسرة، ولا أعنى التخلص من جميع العمالة لكنى اقصد العمالة الزائدة التي لا تنتج ولنا جميعا في مجمع غزل المحلة دليل على ما أقوله إذا تجاوز عدد العمال فيه الـ 50 ألف عامل مقابل انتاجية متدهورة وتحقيق خسائر تتكرر وتتراكم سنويًا.
*الا ترى ان المشروعات القومية التي تتبنها الدولة فرصة مناسبة لتعظيم الاستفادة من الشركات التي تملكها؟
- بالفعل، وأهم مشروع فيهم المليون ونصف فدان إذ أنه فرصة ذهبية لتنشيط عمل الشركات المتخصصة في استصلاح الأراضي، وشركات المقاولات فيما يخص العاصمة الادارية الجديدة كذلك مشروعات الاسكان الاجتماعي، وانا اراهن على انه إذا "جربت الشركات المملوكة للدولة طعم المكسب لن تعود الى «الانتخة» مرة اخرى.