شهدت العاصمة السعودية؛ الرياض الثلاثاء الماضي، توقيع اتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، ومن المفترض أن ينهي "اتفاق الرياض" التوتر والتصعيد العسكري بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، على خلفية سيطرة قوات المجلس الانتقالي على العاصمة المؤقتة عدن، في العاشر من أغسطس الماضي، عقب معارك مع الجيش اليمني دامت عدة أيام وأسفرت عن سقوط نحو 40 قتيلاً وإصابة 260 آخرين، بحسب الأمم المتحدة، وقد شهد الاتفاق العديد منة ردود الفعل الدولية التي جاءت في أغلبها مرحبة بالاتفاق.
ماهي بنود "اتفاق الرياض"؟
تمثلت بنود "اتفاق الرياض" في ثلاث مستويات، وهي:
على المستوى السياسي
تشكيل حكومة كفاءات سياسية لا تتعدى 24 وزيرًا، يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من توقيع الاتفاق، شريطة أن يكون الوزراء "غير منخرطين في أي أعمال قتالية أو تحريضية خلال أحداث عدن وأبين وشبوة".
تعيين رئيس الجمهورية بالتشاور محافظًا ومديرًا لأمن محافظة عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق، فضلا عن تعيين محافظي ومديري أمن بقية المحافظات الجنوبية خلال 60 يومًا.
اقرا أيضًا.. في تصعيد خطير.. الحوثيون يقصفون مدينة يمنية بصواريخ باليستية
على المستوى العسكري والأمني
عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه عدن وشبوة وأبين، منذ شهر أغسطس الماضي، إلى مواقعها السابقة، على أن تحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق.
تجميع ونقل الأسلحة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن خلال 15 يومًا من توقيع الاتفاق، إلى معسكرات داخل عدن، تحددها وتشرف عليها قيادة التحالف العربي.
نقل جميع القوات العسكرية التابعة للحكومة والتشكيلات العسكرية التابعة للمجلس الانتقالي في محافظة عدن إلى معسكرات خارج المحافظة، تحددها قيادة التحالف العربي، خلال 30 يومًا من تاريخ توقيع الاتفاق، وذلك باستثناء قوات حماية القصور الرئاسية.
توحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وضمها لوزارة الدفاع، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة التحالف خلال 60 يوما من توقيع الاتفاق.
تولي قوات الشرطة والنجدة في محافظة عدن مسؤولية تأمين المحافظة، وإعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي وفق الاحتياج وخطة تأمين، على أن ترتبط بمدير الأمن في المحافظة وتتبع لوزارة الداخلية، وذلك خلال 30 يوما من توقيع الاتفاق.
إعادة تنظيم القوات الخاصة ومكافحة الإرهاب في محافظة عدن، واختيار عناصرها الجديدة من الشرعية والتشكيلات التابعة للمجلس الانتقالي، تكون تابعة لوزارة الداخلية، خلال 30 يومًا من توقيع الاتفاق.
توحيد وإعادة توزيع القوات الأمنية، وضمها لوزارة الداخلية، خلال 60 يومًا من توقيع الاتفاق، بالإضافة إلى إعادة تنظيم القوات الأمنية في محافظتي أبين ولحج تحت قيادة وزارة الداخلية بالإجراءات نفسها التي طبقت في محافظة عدن.
على المستوى الاقتصادي
إيداع إيرادات الدولة، بما فيها النفطية والضريبية والجمركية في البنك المركزي في عدن، بالإضافة إلى تفعيل الأجهزة الرقابية، من بينها الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة، وإعادة تشكيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وتفعيل دورها، وإعادة تشكيل وتفعيل المجلس الاقتصادي الأعلى.
الردود الدولية على اتفاق الرياض
جاءت معظم الردود الدولية مرحبة بالاتفاق مؤكدة أنه خطوة إيجابية نحو حل سياسي شامل باليمن
اليمن
فأما عن أصداء توقيع اتفاق الرياض في جنوب اليمن حيث سادت حالة من الترقب في الشارع اليمني عقب يوم من توقيع اتفاق الرياض بين حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي؛ إذ يتطلع اليمنيون إلى تنفيذ بنود الاتفاق لتجنيب المنطقة صراعات قد تدخل البلاد بمزيد من التعقيدات.
كما أشادت هيئة رئاسة مجلس النواب اليمنى، بدور قيادة المملكة السعودية وحرصها على أمن وسلامة واستقرار ووحدة اليمن.
ووفقا لوكالة الأنباء السعودية "واس"، باركت الهيئة فى اجتماعها، اتفاق الرياض الذى وقع بين الأطراف اليمنية، مؤكدةً أنه يؤسس لمرحلة جديدة من حضور الدولة ومؤسساتها وإعادة صياغة للمشروع الوطنى الجامع وتجاوز المحن التى تسببت بها ميليشيا الحوثى الانقلابية، والانطلاق وفقا للمرجعيات الثلاث التى تنتصر لخيارات الشعب اليمنى.
كما ذكرت وكالة الأنباء اليمنية، أن الأحزاب والقوى السياسية اليمنية تعلن تأييدها لاتفاق الرياض.
مصر
أكّد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن الاتفاق الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، يعزز من وحدة اليمن.
وغرّد السيسي عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قائلًا، إن "اتفاق الرياض خطوة عظيمة في مسار حل الأزمة اليمنية، مؤكدًا على أن الاتفاق يرسخ الاستقرار والسلام في المنطقة".
روسيا
رحبت روسيا بالاتفاق وجاء في تعليق صدر عن قسم الإعلام والصحافة بوزارة الخارجية الروسية، أن موسكو تعتبر الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الرياض، خطوة هامة باتجاه تعزيز تلاحم المجتمع اليمني، ومثالًا إيجابيًا للوصول إلى حلول مقبولة لدى جميع الأطراف وتوافقية أحوج ما يكون اليمن إليها في الظروف الراهنة".
وأشارت الوزارة إلى دور المملكة العربية السعودية وأبو ظبي اللتين "أسهمتا بقسط ملموس في تحقيق الاتفاقات اليمنية المذكورة، وأخذتا على عاتقهما متابعة تطبيقها".
وأعرب البيان عن أمل موسكو في أن يساعد ما أبدته أطراف يمنية من قدرة على التفاوض وإيجاد قواسم مشتركة، في إنهاء النزاع العسكري السياسي المزمن بمشاركة حركة أنصار الله الحوثية في أسرع وقت ممكن.
كما أشاد الرئيس الشيشاني رمضان قديروف بـ "اتفاق الرياض" معربًا عن أمله بأن يؤدي الاتفاق إلى السلام في البلاد.
واعتبر قديروف في تعليق نشره عبر تطبيق "تلغرام"، توقيع الاتفاق خطوة إيجابية بالنسبة إلى اليمن ودول المنطقة وجميع المسلمين، مضيفًا أن "شعوب الشرق الأوسط لا تحتاج إلى الحروب والدمار واللاجئين وإراقة الدماء".
وأضاف قديروف أن "الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن منذ سنوات أن بلادنا أفضل صديق وحام للإسلام. وهو يتبع هذه السياسات بشكل ثابت في الشرق الأوسط وغيره من المناطق".
الولايات المتحدة الأمريكية
أعرب وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، عن تقديره لمساهمة السعودية في تسهيل الاتفاق الذي جرى بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي، وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان "أعرب وزير الخارجية "بومبيو" عن تقديره لمساهمة السعودية في تسهيل الاتفاق الذي جرى بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، واتفق الجانبان على أن هذه خطوة مهمة نحو حل سياسي شامل للنزاع".
كما نشر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تغريدة على موقع "تويتر"' علّق فيها على الاتفاق، قائلًا:
إن اتفاق الرياض "بداية جيدة جدا"، ودعا جميع الأطراف اليمنية للسعي من أجل التوصل لاتفاق شامل.
الكويت
جاء الموقف الكويتي مرحبًا أيضًا بالاتفاق فقد أكّد نائب وزير الخارجية الكويتي، خالد الجار الله، استمرار "المشاورات الإيجابية" مع السعودية حول المنطقة المقسومة التي يدور الجدل بين البلدين حول إنتاج النفط فيها.
وقال نائب الوزير الكويتي في تصريح صحفي له، إن "المشاورات الإيجابية لا تزال مستمرة مع الأشقاء في المملكة ونتطلع الى التوقيع النهائي في أقرب وقت".
كما أكّد أن الوساطة الكويتية لتسوية الأزمة في الخليج "لم ولن تتوقف"، مشيرًا إلى "أننا نشعر بتفاؤل كبير وأننا نسير في الاتجاه الصحيح وهناك خطوات عملية تحققت في هذا الإطار".
بالإضافة إلى ذلك، شدد الجار الله على أهمية "اتفاق الرياض" الموقع بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، في وضع أسس راسخة لتشكيل حكومة صلبة قادرة على إدارة المشاورات المستقبلية المتعلقة بالسلام هناك.
وثمّن دور السعودية في تحقيق وتمكين الاتفاق الذي يعد مدخلًا لمفاوضات السلام بين الحكومة الشرعية والحوثيين.
السودان
وعلى غرار الردود السابقة رحّبت حكومة السودان بما تم الاتفاق عليه في الرياض، بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي برعاية من السعودية والإمارات.
وأكّدت الخرطوم على ثقتها في قدرة كافة الأطراف المعنية على إنهاء حالة التوتر في الجنوب اليمني وتعزيز فرص الحل الشامل القائم على مرجعيات التسوية السياسية بما يسهم في تحقيق الأمن والاستقرار في ربوع اليمن.
كما أكّدت حكومة السودان دعمها المتواصل وبذلها كافة الجهود الممكنة لاستعادة اليمن لأمنه وإستقراره وضمان وحدته وسلامة أراضيهم وإعادة بناء دولته.
مجلس الأمن الدولي
ورحّب أعضاء مجلس الأمن الدولي، بتوقيع اتفاق الرياض، ورحبوا أيضًا بجهود الوساطة للمملكة العربية السعودية، مؤكدين بأن هذه الاتفاقية تمثل خطوة إيجابية وهامة نحو حل سياسي شامل لليمن، وكرر أعضاء مجلس الأمن دعوتهم لمواصلة تنفيذ اتفاق استكهولم على نطاق أوسع.
إيران
لكن على النقيض جاء رد الفعل الإيراني على نطاق مضاد للآراء السابقة حيث قالت وزارة الخارجية الإيرانية اليوم الأربعاء في بيان لها إن: "اتفاق الرياض بين حكومة منصور هادي والمجلس الانتقالي منقوص، ولن یسهم في حل أزمة اليمن ومشاكله".
وأضاف البيان أن: "اتفاق حكومة هادي والمجلس الانتقالي يهدف إلى تثبيت الاحتلال السعودي لليمن مباشرة أو عبر وكلاء"، وتابع: "الشعب اليمني لن يسمح باحتلال جنوب اليمن من قبل قوات أجنبية".
كما شددت الخارجية الإيرانية على أن: "طهران تؤكد أن الخطوة الأولى للحل في اليمن هي وقف إطلاق النار ورفع الحصار الجائر عن الشعب اليمني"، مضيفة أن: "الخطوة التالية للحل في اليمن تتمثل في إجراء حوار يمني يمني للتوصل إلى اتفاق بشأن المستقبل السياسي لليمن".
هل ينهي "اتفاق الرياض" أزمة اليمن؟
أجابت عن هذا التساؤل الدكتورة سماء سليمان، المتحصصة في العلاقات الدولية، في تصريح خاص لـ"أهل مصر"، قائلة:" إن الملف اليمني يرتبط بالملف العراقي والسوري، كما ترتبط الثلاثة ملفات بالصراع الإقليمي والدولي على النفوذ في المنطقة، وحيث يشهد الملف السوري تقدمًا فإنه من المتوقع أن يشهد الملف اليمني تقدما أيضًا، ومن المتوقع في عام 2020 أن يتم الدخول في مرحلة التسويات السياسية، وقد بدأت إرهاصاتها بنجاح النظام السوري للسيطرة على معظم الأراضي السورية.
وهذا ما سيشجع على التهدئة في الملف اليمني، بدعوة من النظام السعودي الذي دعا كلا من الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى توقيع اتفاقًا لإنهاء الاقتتال بين الحليفين في التحالف العربي ضد المليشيات الحوثية تمهيدًا للتسوية السياسية للأزمة اليمنية المستعرة منذ خمس سنوات.
وأضافت: يمثل اتفاق الرياض منطلقًا مهمًا لمرحلة من التعاون وتوحيد الصف بين الأطراف الوطنية، ويعطي إشارة إلى إمكانية التوافق بين الأطراف اليمنية من أجل تجنب الحرب والانقسام، وتوحيد الجهود لمواجهة الحوثي واستئناف عمليات التنمية والبناء، كما أن الاتفاق سيفتح الباب أمام تفاهمات أوسع بين المكونات اليمنية للوصول إلى حل سياسي ينهي الأزمة اليمنية.
وأضحت سماء سليمان، أن هذا الاتفاق يُعد البداية الأساسية لقبول التوافق مع كافة القوى السياسية في اليمن وخاصة مع مزيد من الجهود الإقليمية والدولية وخاصة من جانب الأمم المتحدة، فهو من ناحية تناول الترتيبات السياسية والاقتصادية، حيث حدد شكل العلاقة بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي في الجنوب والتي سيتم على أساسها إدارة المرحلة القادمة وتتضمن: تشكيل حكومة كفاءات سياسية يعينها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية، على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 30 يوما من توقيع الاتفاق.
كما أشارت إلى أن بنود الاتفاق التي تضمنت الترتيبات العسكرية من حيث تنظيم الشئون العسكرية في اليمن، بما يضمن مشاركة جميع الأطياف تحت لواء جيش الشرعية، وتوحيد القوى العسكرية وضمها لوزارة الدفاع، خلال 90 يومًا من تاريخ توقيع الاتفاق.
وإلى تأكيده على أهمية الترتيبات الأمنية، ومنها تتولى قوات الشرطة والنجدة في عدن مسؤولية تأمين المحافظة مع العمل على إعادة تنظيم القوات التابعة للحكومة والتشكيلات التابعة للانتقالي وفق الاحتياج وخطة التأمين، خلال 30 يوما من تاريخ توقيع الاتفاق.
واختتمت بأنه من المتوقع أن تتحد قوة الحكومة اليمنية مع المجلس الانتقالي الجنوبي أمام مواجهة الحوثيين، مما يفرض تحديات كبيرة في طريق التسوية خاصة في حالة حصول الحوثيين على مزيد من الدعم الإقليمي والدولي، وفي تلك الحالة ربما تتزايد حدة المواجهات بين القوتين.