اعلان

صراع "مستتر" بين شيعة العراق وإيران ينذر بالإطاحة بوصاية الفقيه على بغداد.. وخبراء: تبادل للأدوار واحتواء للغضب الشعبي

العراق وإيران

شهدت العلاقات الإيرانية العراقية أسوأ حالاتها خلال الحرب الإيرانية العراقية التي استمرت لثماني سنوات في ثمانينيات القرن المنصرم، ولكنها سرعان ما شهدت تطورا ملحوظا بعد سقوط النظام البعثي للرئيس العراقي صدام حسين، غير أن بوادر جديدة ظهرت تنذر بعودة العلاقات لسابق عهدها خلال الحرب؛ وذلك عندما رفض المرجع الديني الأعلى للشيعة في العراق، علي السيستاني، التدخل الإيراني في بلاده، معتبرا أنه لا أحد وصي على العراقيين وأنه لا يحق لأي جهة إقليمية أو دولية فرض إرادتها عليهم أو تحديد خياراتهم فيما يتعلق بإدارة بلدهم أو الإصلاحات التي يريدونها، تلك الرسالة الحازمة التي قال مراقبون إنها ردًا على طلب المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، بإنهاء المظاهرات في العراق، واتهام العديد من رجال الدين الإيرانيين المتظاهرين العراقيين بأنهم يتلقون رواتبهم من إسرائيل وأمريكا وبريطانيا، الأمر الذي يعكس خلافا كبيرا بين المرجعيتين، العراقية في النجف والإيرانية في قم.

وحول ذلك، قال هاني سليمان، الباحث في الشأن الإيراني، قد تكون المرجعية الدينية في العراق مختطفة لصالح إيران، وبالتالي فإن هذا البيان المناوئ الذي يرد على تصريحات "خامنئي" هو بمثابة استدعاء روح الاستقلال والتفرد بالنسبة للعراق، على اعتبار أن هذا الموقف ربما يؤدي الى محاولة مراجعة بعض الأطراف، وليس كلها، لموقفهم في مواجهة النفوذ الإيراني.

وبشأن ما إذا كانت لهجة "السيستاني" الرافضة للتدخل الإيراني في رسالته إلى "خامنئي" بمثابة خروج لشيعة العراق على نظام ولاية الفقيه في إيران أو انقلابهم عليه ورفضهم له، رأى "سليمان"، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، أن تلك التصريحات مؤشر إيجابي مهم جدا ويشكل خطوة في سبيل لفظ نظام الملالي، وخطوة إيجابية ستؤثر على مسار التظاهرات وتؤكد الدعم للمتظاهرين ووحدة العراق، ويمثل كذلك بارقة نور، على أمل أن المظاهرات سيكون لها مردود؛ فقد يتبع موقف "السيستاني" خطوات أخرى للتخلي عن فكرة التأثير على النخبة السياسية وعدم الاستسلام للنفوذ الإيراني والارتماء في أحضان طهران، لكنه استدرك في نفس الوقت قائلًا: ولكن فكرة كونه انقلابا بشكل كامل أمر صعب تقبله أو تحقيقه.

ويرى "سليمان" أن ما يحدث الآن في العراق مغاير تماما لما حدث خلال انتفاضة 2011 التي استغلتها إيران لصالحها؛ حيث يشكل التحرك الحالي ما أسماه "ردة" وتهديدًا للنظام الإيراني، على اعتبار أنه مثّل استفاقة وثورة وتمرد على توغل طهران في المشهد السياسي والسيطرة على الأوضاع الاقتصادية والتأثير على النخبة السياسية بشكل حتى يفوق تأثيرات العوامل الداخلية في هذه الدولة نفسها.

وأشار الباحث في الشأن الإيراني إلى وجود صراع وصفه بـ"المستتر" بين شيعة العراق وإيران، وقال، عندما تخرج التظاهرات من محافظات شيعية فهي تمثل رفضا قاطعا وتاما للممارسات الإيرانية وحالة نهب ثروات العراق ومقدرات الدولة لصالح فصيل بعينه عبر وسطاء سواء كان الحشد الشعبي أو بعض النخب السياسية الموازية لشيعة إيران، موضحًا أن هناك "صراع مستتر" داخل الصف الشيعي نفسه بين المرجعية الدينية بمدينة النجف في العراق وقم في إيران، صراعا على أسس الشرعية الدينية في كلا الدولتين، تماما كما الصراع ذو الواجهة الطائفية بين إيران والسعودية.

ولكن محمد علاء الدين، الباحث في الشأن الإيراني أيضًا، يبدو أن له رأيا مغايرا، وقال في تعليقه على رد "السيستاني" على "خامنئي"، إن ذلك لا يخرج عن كونه تبادلا للأدوار واحتواء للغضب الشعبي، فالمرجعية الشيعية في النجف منبثقة عن المرجعية في قم، معتبرا أن ذلك لا يعدو أن يكون "لعبة نسجوا خيوطها سويًا"، مستشهدا بنهج زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" عندما حاول إظهار دعمه للشعب وللمتظاهرين، ورغم ذلك اجتمع مع قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني"، لافتا إلى أن النظام الإيراني صاحب حيل ولن تنفد حيله.

وحول ما إذا كانت تصريحات السيستاني بمثابة انقلاب على خامنئي ونظام ولاية الفقيه في طهران، استبعد "علاء الدين" ذلك، وقال إنه صعب جدا، موضحا أن هذا الفكر هو اعتقاد راسخ لديهم، ليس مثلا مجرد حزب وانشق عنه جناح، فهما يدينان بديانة واحدة، مؤكدا أنه لا مجال لـ"لسيستاني" أبدا للخروج على "خامنئي"، معللا ذلك بقوله، فلا يمتلك أحزابا على المستوى السياسي مثلا ولا يمتلك أذرعا مسلحة، فهو يفتقد الآلية لتحقيق لذلك.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً