«شهيدًا شهيدًا شهيدًا هذا دربي واختياري منذ عقود طويلة».. كلمات أعلنها أبو عمّار ليسمعها القاصي قبل الداني، أثّرت في النفوس الفلسطينية التي تحيي اليوم الإثنين، الذكرى الـ15 لرحيل الأب الروحي للقضية الفلسطينية ياسر عرفات، الذي توفي في 11 نوفمبر من العام 2004.
وقد توفي عرفات عن عمر ناهز 75 عاما، في مستشفى كلامار العسكري بالعاصمة الفرنسية باريس، وجاءت وفاته إثر تدهور سريع في حالته الصحية، في ظل حصاره لعدة أشهر، من جانب جيش الاحتلال الإسرائيلي في مقر الرئاسة بمدينة رام الله، وسط الضفة الغربية.
اقرأ أيضًا.. بعد مرور 15 عاما وفاته.. إسرئيل تدين ياسر عرفات بالمسؤولية حول هجمات 2000
مولده
وُلد "محمد ياسر" عبد الرؤوف عرفات القدوة الحسيني، الذي اشتهر لاحقًا باسم ياسر عرفات في القدس، في الرابع من أغسطس 1929 ليكون ترتيبه السادس في أسرة الأب عبد الرؤوف داوود عرفات القدوة الحسيني، والأم زهوة خليل أبو السعود، وذلك في منزل في الزاوية الفخرية؛ زاوية آل أبو السعود في الجهة الجنوبية الغربية من الحرم القدسي الشريف.
زواجه من سها الطويل
«أخيرا وجدت المرأة التي قبلت بي زوجًا، رغم معرفتها بنمط حياتي، ليكن الله في عون سها، أنا في الواقع أرثي لحالها، فمهمتها شبه مستحيلة».. هكذا رد الراحل ياسر عرفات مازحًا عن سؤال حول زواجه من سهى الطويل.
أمضى عرفات أكثر من 60 سنة من عمره عازفًا عن الزواج، حتى قيل إنه متزوج من القضية الفلسطينية، إلا أنه في عام 1990 تزوج من السيدة سهى الطويل، امرأة فلسطينية ولدت في القدس وترعرعت فيها وفي نابلس ورام الله، وتلقت علومها الابتدائية والثانوية، ثم ذهبت إلى جامعة السوربون في فرنسا لإتمام علومها الجامعية العليا، والدها داوود الطويل الحاصل على الشهادة العليا في الاقتصاد من جامعة أوكسفورد العريقة، والمؤسس للبنك العثماني في اربد ونابلس، ووالدتها ريموندا حوا الطويل، الكاتبة والإعلامية والتي سجنتها قوات الاحتلال مرات عديدة، وكان عرفات يكبرها بأربعة وثلاثين عامًا، وأنجب منها بنتا واحدة اسمها زهوة (تيمنا بوالدته).
"زهوة ياسر عرفات"
اختار أبو عمار اسم زهوة إحياء ووفاء لذكرى والدته التي وافتها المنية عام 1933 وهو في ربيعه الرابع، وقد وُلدت زهوة بباريس في 24 يوليو 1995، وانتقلت للعيش في الأراضي الفلسطينية مع بدء وضع اللبنات الأولى للسلطة الفلسطينية ومؤسساتها في الضفة الغربية وقطاع غزة، استنادا إلى اتفاقات أوسلو.
لكن زهوة لم تمكث هناك طويلا، إذ لم يشأ عرفات أن تتأثر مخيلتها بمشاهد دبابات الاحتلال الإسرائيلي وهي تحاصر منزله ومكتبه في المقاطعة بمدينة رام الله، أو مشاهد الدمار في قطاع غزة جرّاء الغارات الجوية التي طالت حتى بيت عرفات في حي الرمال.
وصل إلى "زهوة" نبأ رحيل والدها في 11 نوفمبر 2004 وهي في تونس، فيما كانت والدتها برفقة أبو عمار الذي كان يعالج في فرنسا، ومن تونس سافرت زهوة برفقة الرئيس التونسي آنذاك زين العابدين بن علي إلى القاهرة لحضور مراسيم التشييع الرسمية، قبل أن تنتقل إلى رام الله برفقة جثمان والدها الذي دفن في "المقاطعة" برام الله.
في هذا العام نشرت زهوة على حسابها الشخصي على الفيسبوك صورًا حديثة لنجاحها في نيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية من إحدى الجامعات الفرنسية بباريس، وكتبت تقول: "كم أفتقدك يا أبي في حفل تخرجي، لقد أنهيت الماجستير وحققت حلمك وتمنيتك معي في هذه الفرحة الكبيرة".
وأظهرت الصور زهوة مع أمها سهى عرفات وشخصيات فلسطينية حضرت حفل التخرج، كما شهد الحفل وجود مقعد فارغ وضعت عليه كوفية الشهيد الراحل ياسر عرفات.
وكانت زهوة عرفات قد حصلت منذ عامين على شهادة البكالوريوس في تخصص العلاقات الدولية من إحدى الجامعات في مالطا.
جولة داخل منزل ياسر عرفات بغزة
ما زال المنزل المملوك لصندوق الاستثمار الفلسطيني، والذي كان الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات يقطن به غربي قطاع غزة، محتفظًا بملامحه المتواضعة والبعيدة عن مظاهر الترف، وكان كان يتردد إليه في أوقات الليل من أجل النوم فقط، وغرفة النوم مكونة من أثاث بدت عليه ملامح البساطة، والذي يمكن لأي أسرة متوسطة الدخل أو ذات دخل محدود، أن تحظى به وتمتلكه.