الحلقة المفقودة

عُرّفت الأخلاق من خلال الفلسفة الليبراليه: "بأنها منظومة قيم، تعرف عليها الإنسان بإعتبارها جالبه للخير وطارده للشر"، و هى عبارة عن مجموعه من القيم والمبادئ والقواعد التي تساعد على تنظيم سلوك الإنسان، ممّا يسهّل من حياته ويجعلها تبدو بالشكل الأكمل، في كافة تعاملاته مع نفسه ومع الله وغيره من البشر والمخلوقات الأخرى.

ويقّيم السلوك الإنساني على ضوء القواعد الأخلاقيه التي تصبح معايير يضعها الإنسان لنفسه أو يعتبرها التزامات و واجبات تتم بداخلها أعماله، وتُكّون الأخلاق طقما من المعتقدات أو المثاليات التى تحرك الأشخاص والشعوب مثل العدل والحريه والمساواه بحيث ترتقي إلى درجة أن تصبح مرجعيه ثقافية لتلك الشعوب.

و ممّا لا شكّ فيه أن الأخلاق هي جوهر وروح الرسالات السماويه الثلاث، وقد اهتم الإسلام بالأخلاق وجعلها أمر أساسيّ يحاسب عليه الإنسان في الدنيا والآخرة، و يقاس الدين الصحيح بمدى حسن الخلق الذي يدعو له، وقد شهد الله في قرآنه الكريم على أنّ رسول الله هو ذو خُلق عظيم، وأخبرنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قائلا: بعثت لكي اتمّم مكارم الأخلاق، وللأخلاق أهميه كبيرة ليس فقط من الجهة الدينيه بل أيضاً للوصول الى مجتمع صحي، فحين تكون الأخلاق موجوده في سلوكيّات أيّ مجتمع من المجتمعات فهذا يعني أنّ هذا المجتمع متحضّر متمدّن يسعى للتّقدم والرّفعه بين الأمم، وعندما يتمتّع الأفراد في المجتمع بأخلاقيّات التّعامل من صدق في الحديث وصدق في الوعود وأمانه ووفاء وغير ذلك ترى ايجابيّات ذلك رقيًّا في المجتمع، حيث يتراحم الناس فيما بينهم ويشعرون بحاجة الفقير والمسكين، كما يأمن كلّ إنسانٍ على نفسه وتبني بينه وبين النّاس العلاقات القويّه المبنيّه على الثّقه ، كما أنّ الأخلاق هي معيار بقاء للأمم والحضارات، وهى ايضاً مرتبطه بالعطاء، فحين ترى إنساناً يتمتّع بالأخلاق الحميده ترى إنساناً معطاءً قادراً على البذل والتّضحيه من أجل مجتمعه وأمّته .

يقول أمير الشعراء احمد شوقي فى احد ابياته عن الأخلاق: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا".

وما احوجنا فى مصر الآن الى ثوره اخلاقيه، نعم نحن نحتاج الى تغير جذرى ليس فقط سياسياً واقتصادياً و لكن ايضاً أخلاقياً ، فمنذ غابت الأخلاق عن مجتمعنا و قد حاصرنا الفساد والوباء وتهالكت كل المؤسسات و وهنت مفاصل الدوله وأصبحت لا تقوى على النهوض من جديد ، نعم نحتاج الى عودة المثل الأعلى بداية من رب الأسره مرورا بالمُعلم ثم المشاهير من رجال الدين و العلم و الرياضه و الادباء و المثقفين و التى يتخذهم ابنائنا مثلاً و قدوه، ما احوجنا فعلاً وبأقصى سرعه إلى عودة "مدرسة الأخلاق الحميده"، والا لن تجدى معنا كل الحلول السياسيه والاقتصاديه ولا حتى العسكريه، فوجود الضمير الأخلاقي في المجتمع يحول بين الفاسدين و فسادهم واللصوص وسرقاتهم والطغاه واستبدادهم والمتاجرين بالدين وخداعهم للبسطاء.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً