اختار عروسان، في العشرينيات من عمرهم، ساحة التحرير، وسط العاصمة العراقية بغداد، مكانا لاحتفالهم بزفافهم، متزينين بكمامات، وأقنعة وراية العلم المزكرش بخيوط حريرية ذهبية، على وقع "الهلاهل"، والأهازيج الوطنية المغايرة عن السائدة في الأعراس غالبا.
بذات المكان الذي شهد أعمال عنف قرب الجسر الجمهوري المؤدي إلى المنطقة الخضراء، وسط بغداد، أقام الزوجان احتفالهما وسط أجواء تتحدى العنف والفساد.
يدا الزوجين في عرسهما، احتضنت العلم العراقي، فيما حملت يد العروس الثانية، باقة ورد بيضاء أضافت لأناقة فستانها رونقاً، كما نسقت معها كمامة بيضاء تجنبا لاختناق بغاز مسيل للدموع، أو إثر قنبلة دخانية قد تقع بالقرب منهما عند الجسر الجمهوري.
ورقص المتظاهرون، مع العروسين، على وقع الأغنية الوطنية الأكثر شعبية في الوقت الحالي، من مسجلات عجلات "التوكتوك"، وهي "البي كي سي" التي حصدت أكثر من 6 مليون مشاهدة في موقع اليوتيوب، للفنانين جلال الزين، وغزوان الفهد، وأغاني أخرى منها "تك تك في التحرير"، ويا حبنا الأكبر، وكلنا العراق، وغيرها.
ورفعت العديد من المتظاهرات يافطات، بإنهن لن يتزوجن إلا سواق التك تك، عن شجاعتهم، وإنسانيتهم في نقل المتظاهرين الجرحى بسرعة فائقة عبر عجلاتهم، إلى المفارز الطبية، وأقرب المستشفيات لتلقي العلاج.
وتعلق المتظاهرات، والفتيات الناشطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، وتويتر"، وأنستجرام"، في منشورات، وهاشتاجات، يعبرن بها أنهن على أستعداد للتخلي عن مهورهن، مقابل الزواج من سائق تك تك.
وعند نوافذ المطعم التركي الذي أطلق عليه "جبل أحد" في ساحة التحرير، وسط بغداد، تشارك الكثير من الفتيات صورهن مع أزواجهن، عبر مواقع التواصل، لنشر الحب، والسلام، بالتزامن مع مشاركتهن وشركاء حياتهن، بحملات تبرع، وتنظيف، وتقديم المساعدات الطبية، والإنقاذ.
اقرأ أيضاً: دور فريد لقاسم سليماني.. تقارير استخباراتية إيرانية مسرّبة تظهر عمق نفوذ طهران في العراق
ويشهد العراق منذ مطلع أكتوبر الماضي احتجاجات واسعة للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد وإقالة الحكومة وحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، وقد شهدت هذه الاحتجاجات مقتل أكثر من 300 متظاهر ورجل أمن، وإصابة أكثر من 15 ألف آخرين.