موهبة في فن تصميم الحلي والمجوهرات، بدأت من الجنوب منبع النيل والفنون، وبزغت بالقاهرة، في حي عابدين.. إنه مصمم الفضة جابر عبد العظيم.
نشأ "عبد العظيم" وترعرع في أسرة توارثت فنون وأسرار تصميم الحلي والمجوهرات، على مدار أكثر من 200 عام، تأثر بالبيئة النوبية التي نشأ بها، فتشرب عادات وتقاليد أهلها وتراثهم وفنونهم، ونسج منها حلي خاصة، فهي بيئة ثرية وغنية وزاخرة بالفنون والتقاليد، والحلي جزء منها ارتبط بهم فتزينوا به في أفراحهم وأعيادهم.
وفي حوار خاص لـ"أهل مصر"، قال "عبد العظيم" إنه نشأ لأسرة تعود جذورها إلي قبيلة "الجعافرة" إحدى القبائل العربية في شبه الجزيرة العربية، فهو سليل آل البيت، إذ يعود نسبه إلى الإمام جعفر الصادق والإمام الحسين، وقد استقرت أسرته بمركز دارو بأسوان، وعاشت لمئات السنين، بين أهل النوبة واندمجوا بمجتمعهم وتأثروا بعاداتهم وتقاليدهم وفنونهم.
وأوضح "عبد العظيم" أن أهله اشتغلوا بمهنة الصياغة ولقبوا بـ"الحدادين"، حيث كان يطلق عليهم أهل النوبة ذلك، لأنهم كانوا يستخدمون أدوات مشابهة لما يستخدمها الحدادين مثل "السندان والمطرقة والجاكوش والكوير وهو وعاء لصهر الذهب"، مؤكدا أن الحلي في البيئة النوبية تعد شيئا أسياسيا في حياتهم.
وأضاف "عبد العظيم": "تعلمت فنون صياغة الفضة من والدي، ورثتها أبا عن جد، بل مازال أبناء عائلتي يمارسون المهنة في جنوب مصر، ووالدي كان عاشقا للفضة، فقد كانت حبه وقهوته وكسرة خبزه، بل كان من الرعيل الأول وكان صاحب مدرسة ومذهب في تشكيل الفضة، وقد أشار إليه الدكتور علي زين العابدين أستاذ التصميم بقسم الحلي والمعادن بكلية الفنون التطبيقية والحاصل علي جائزة الدولة التقديرية في كتابه فن الحلي الشعبية النوبية".
كما أوضح "عبد العظيم" أنه لم يمارس حرفة الصياغة في النوبة بقريته الواقعة جنوب أسوان، نظرا لهجرة أهل النوبة لقراهم عند بناء السد العالي، فانتقلت الأسرة إلى الإسكندرية، وبعدها إلى القاهرة في حي عابدين.
وأشار "عبد العظيم" إلى أنه صاغ كثير من قطع الحلي النوبية، لأهل النوبة الذين يقنطون القاهرة، أو من يعشق هذا الفن من الحلي، موضحا أن طرز الحلي النوبية لم تكن بعيدة عن المصريين، حيث استمدت كثيرا من زخارفها من الفن الفرعوني مثل الخلخال والسوارت النوبية والكردان، وكان يصنعها يدويا، موضحا انه لا يعتمد علي الماكينات في تصميع الفضة بل وهبه الله موهبة ومهارة تعملها عن والده في صياغة قطع الحلي الفضية بكل مراحله يدويا.
وذكر "عبد العظيم" أن والده كان أول من صنع الخاتم التركيب الذي يتكون من 4 قطع ويطلق عليه في أوساط الجنوبين خاتم "جلا جلا" منوها أنه كان يتمني أن يكون مثل والده في حبه للفضة.
أشهر قطع الحلي الذهبية في مراسم الأعراس عند أهل النوبة
تتنوع أسماء قطع الحُلى التي تتزين بها المرأة النوبية، ما بين الجكد، والزمام، والكردان، وحجول الفضة أو الخلخال، وقلائد الفرج لله، وهي قلائد وعقود مصنوعة من الذهب وتعلق بالرقبة وتتدلي علي صدر المرأة وهي عبارة عن عقد من الذهب تتدلي منه سلاسل صغيرة وفي نهايتها أقراص دائرية من الذهب عبارة عن قروش وجنيهات من الذهب عليها رسومات مختلفة، أما الزيتونة فهي قلادة من الذهب تتزين بها كبار السن من النساء.
وقال "عبد العظيم" إن الحلى النوبية كانت تصاغ من الذهب الخالص وتعكس عادات وتقاليد أهل النوبة، موضحًا تأثرها بالطرز والفنون المختلفة، حيث أن التيمات والرسومات والزخارف الموجودة فى حلى النوبة تعود إلى قدماء المصريين، ويظهر ذلك فى شكل الأقراط الدائرية وهى نفس الأشكال المرسومة على الجدران فى تل العمارنة.
وأضاف "عبد العظيم" أن الحلى النوبية تحتوي علي الأشكال الإسلامية مثل الهلال الذى يتوسط الكردان أما قرط الأنف "هيتهوفن"، فتعود إلي تأثرها بالفنون الأفريقية ويسمى «زمام».
وأشار "عبد العظيم" إلى أن شبكة العروس في النوبة تتكون من أكثر من طاقم، مثل «طقم البيج وطقم الراسا، وطقم شفة وطقم السعفة» وهي من الحلي ذات الأسماء النوبية، وكان يهتم بها أهل النوبة قبل التهجير.