ينظر مجلس النواب خلال الشهر المقبل، في مشروع قانون يهدف إلى دمج جميع الأحزاب في مصر، والبالغ عددها 104 حزبًا إلى ثلاث تحالفات؛ وذلك نظرًا لعدم فعالية أكثرها في الحياة السياسية، وعلى الرغم من أن الفكرة تهدف إلى النهوض بالأداء الحزبي، كونه حجر الأساس في أي عملية إصلاح سياسي، إلا أن البعض يرى أن المقترح إقصائي ولن يحل المشكلة، بينما رأى آخرون ضرورة مبادرة الأحزاب بتقديم الحلول، لا أن تُفرض عليها من مجلس النواب أو غيره من الجهات.
العتبة القانونية
كشف الدكتور ياسر الهضيبي، نائب رئيس حزب الوفد والمتحدث الإعلامي باسم الحزب، أن الدكتور بهاء أبو شقة رئيس الحزب، سيتقدم بالمقترح إلى مجلس النواب الشهر المقبل، موضحًا أن مشروع القانون المزمع، يخص قانون مباشرة الحقوق السياسية القادمة والأحزاب الذي يبنى عليه الانتخابات البرلمانية القادمة.
وأكد «الهضيبي» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أن القانون قائم على فكرة ما يسمى بـ«العتبة القانونية» بما يعني الاندماج في تحالف وليس حل الأحزاب، موضحًا أن حل الأحزاب غير دستوري، ولا يملكه أحد بل يخرج بحكم قضائي صادر عن دائرة شئون الأحزاب بالمحكمة الإدارية العليا، مضيفًا أن مقترح حزب الوفد ينص على أن الحزب الذي لا يحصل على مقعد بمجلس النواب المقبل، لا يستحق أن يكون حزبًا قائمًا بذاته في الحياة السياسية.
وتابع المتحدث الإعلامي بإسم حزب الوفد، أن الهدف من هذا القانون أن تشتبك الأحزاب مع الحياة السياسية وتنزل الشارع وتحتك بالمواطنين، ولابد أن يكون لها نواب وممثلون في البرلمان، لافتًا إلى أن الحزب الذي لا يستطيع الحصول على مقعد في البرلمان المقبل، سيتم دمجه في حزب آخر ولا يحُل، موضحًا ذلك بأن الحل لا أحد يملكه سوى المحكمة، أي بقرار قضائي.
كما ندد بالمقارنات التي يقيمها البعض بين الممارسة السسياسية في مصر، وبين الممارسة في دول أخرى، حيث توجد دول بها أكثر من حزب وأكثرها لا يتنافس في المجال السياسي، موضحًا أن كل دولة لها خصوصيتها، وتنبني النظام السياسي وفق ما تحقق به مصالحها خاصة أن الديمقراطيات العريقة والناجحة تشهد وجود أحزاب فعالة وقوية، ولها ممثلون في البرلمان.
«سمك لبن تمر هندي»
وأعرب نائب رئيس «حزب الأمة»، عن انتقاده للحالة السياسية في مصر؛ وذلك بسبب وجود هذا الكم الهائل من الأحزاب، على الرغم من أن عدد الأحزاب الممثلة في البرلمان 15 حزبًا، مصرحًا بأن هناك أحزاب أسرية ينشئها أحد الأفراد وأسرته، وعند الحديث حول اندماج الأحزاب يتم الرفض نظرًا للوجاهة الاجتماعية التي يظن أنه يحظى بها وهو رئيسًا لهذا الحزب، مؤكدًا أن هذه المساعي ترمي وجود 3 اتجاهات للأحزاب (يمني لبيرالي يسار)، وليس ما هو قائم حاليًا واصفًا إياه بأنه «سمك لبن تمر هندي»، مشددًا على أهمية هذه الخطوة في الحياة الساسية.
وذكر أن المقترح ينص على وجود 3 تحالفات رئيسية بمصر، وهي التحالف الليبرالي ويقوده حزب الوفد، والتحالف اليساري ويقوده التجمع، أما التحالف الوسط، أو يمين الوسط فيقوده مستقبل وطن على سبيل المثال.
بدعة في السياسة
على الجانب الآخر، أكدت الدكتورة أمينة النقاش، المتحدث الرسمي بإسم حزب التجمع، رفض الحزب لهذه الفكرة، واصفة إياها بأنها "بدعة" غير موجودة في أي دولة بالعالم.
وقالت المتحدث الرسمي بإسم حزب التجمع في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، توجد عدة دول بها أحزاب كثيرة، والذي يتمتع بحضور قوي قليل منها، مشيرة إلى المثال الأسباني، حيث يوجد بها 3 أحزاب وهي التي تتنافس فيما بينها فقط، على الرغم من وجود أكثر من 700 حزب في الحياة الأسبانية.
ولفتت «النقاش» إلى أن الذي له حق في وجود الأحزاب من عدمه هو المواطنين فقط، وليس قوانين تُكبل الحياة السياسية، مشيرة على أن حجم التصويت يكشف عن حجم الحزب في الشارع، وهذا ما يجب أن تكون إليه المرجعية في الحديث عن وجود الحزب أو عدم وجوده.
وتساءلت:«نفترض أن حزبين فقط دخلوا البرلمان هل من الممكن إلغاء جميع الأحزاب؟».. مشددةً على أن هذا ضد الديمقراطية، لأن الحياة الحزبية من أجل أن تنشط فهي لا تحتاج هذا النوع من القرارات الإقصائية، ولكنها تحتاج إلى دعم مؤسسات الدولة لها كفكرة، فكرة الحزبية نفسها، بحسب قولها، و«النقاش» الهجوم الذي يشنه الإعلام والمسئولون على الأحزاب السياسية، مصرحة: «هو فيه حياة سياسية عشان تسأل فين الأحزاب، المفروض يكون فيه دعم للأحزاب»، مضيفًة أن جميع دول العالم تفعل هذا الأمر، وتفعله لسبب بسيط، وهو لكي لا تلجأ هذه الأحزاب إلى دعم خارجي، ولتدعم التجربة الديمقراطية بها كي لا تسقط في فاشية نازية أو دينية».
فكرة فوقية
في سياق آخر، قالت نهى أبو بكر، أستاذ السياسة في الجامعة الأمريكية وعضو الهيئة الاستشارية بالمجلس المصري للدراسات الاستراتيجية، إن الفيصل هنا هو وجود رغبة لدى الأحزاب في التحالف، ما يطرح التساؤل هل المقترح يأتي من أعلى عن طريق مجلس النواب أم يأتي من أسفل عن طريق رغبة الأحزاب وتداركها؟
وأضافت «نهى أبو بكر» في تصريحات خاصة لـ«أهل مصر»، أنه في حالة إدراك الأحزاب أنها غير فعالة أو مؤثرة، بسبب قلة تمثيلها أو لضعف قدراتها البشرية، أو عدم قدرتها على التواصل فإنها في هذه الحالة ستتحالف، على اعتبار أن الهدف هو المنافسة على مقاعد البرلمان، وستنمي قدراتها، مشيرة إلى أن المشكلة تكمن أيضًا في قدرة هذه الأحزاب على التنسيق والتواصل حال اندمجت في أية تحالفات أيضًا، موضحة أن هذه القدرات تشمل قدرات بشرية وتمويلية والقدرة على التواصل والرغبة في العمل بالشارع، معتبرة أن الحل ليس بهذه السهولة التي يراها حزب الوفد.
وأكدت رفضها للفكرة، لأنها ترى أنها بهذه الطريقة «فكرة فوقية» تأتي من البرلمان، مشددة على ضرورة صدور مثل هذه الأفكار من الأحزاب الدنيا، لأنها ستؤكد رغبتها في العمل، وبالتالي ستعمل على تنمية قدراتها البشرية، فإن لم يكن لديها الرغبة ولا تستطيع توفير مصادر تمويل حتى تتفاعل في الحياة السياسية أو تفتقر إلى القدرة على التنسيق والعمل الجاعي، فإن دمجها وعدم دمجها في هذه الحالة سواء.
نقلا عن العدد الورقي..