تصريحات المسئولين تكشف كذبهم بشأن أعداد المتظاهرين.. أطراف إقليمة تشارك في قمع الاحتجاجات.. والحكومة تقف وارء أعمال الحرق والنهب لتشويه الحراك
مع الاحتجاجات المتواصلة التي بدأت يوم الخامس عشر من نوفمبر من الشهر الحالي في إيران بعد الإعلان عن رفع أسعار البنزين، والتي شارك فيها مايصل إلى 200 ألف محتج، سادت أعمال العنف والقمع من جانب قوات الأمن، التي استخدمت الرصاص الحي ضد المتظاهرين متسببة في سقوط الكثير من القتلى، فضلا عن قطع الإنترنت والقيود الصارمة على الاتصالات.
كما أعلن وزير الداخلية الإيراني، عبد الرضا رحماني فضلي، إن نحو 731 مصرفًا، و140 مقرًا حكوميًا أضرمت فيها النار خلال الاضطرابات، مضيفًا أن هناك أكثر من 50 قاعدة تستخدمها قوات الأمن هوجمت، ونحو 70 محطة غاز أُحرقت، ومازالت الأحداث في إيران مشتعلة إلى الآن.
وحول تفاقم الأوضاع في إيران على خلفية الاحتجاجات، تحدثت "أهل مصر" مع الكاتب الصحفي المتخصص في الشأن الإيراني، أسامة الهتيمي والذي حلل الأوضاع هناك.
بداية بماذا تصف التصريحات التي أدلى بها المسئولون في إيران على خلفية الاحتجاجات الحالية؟
اتسمت الكثير من التصريحات التي أدلى بها عدد من المسئولين السياسيين والأمنيين في إيران بشأن الحراك الذي شهدته البلاد مؤخرًا بالتناقض، إذ أنه في الوقت الذي حرصت فيه هذه التصريحات على أن تقلل من هذا الحراك وتظهره وكأنه محدود للغاية على مستوى الأعداد والرقعة الجغرافية، نجد أن هؤلاء جميعًا حاولوا تبرير الانتهاكات التي مارستها السلطات بحق الحراك والمشاركين فيه الأمر الذي يؤكد كذب هؤلاء المسئولين، إذ لا يمكن لعين أي راصد أن تنكر خطورة الأحداث في إيران".
كيف استغلت الأجهزة الأمنية هذا الحراك الشعبي؟
على الرغم من أن بعض هذه الجماهير انساقت بالفعل وراء مشاعر الغضب وانخرطت في القيام بما يخرج بهذا الحراك عن سلميته إلا أنه لا يمكن أيضًا تجاهل أن الأجهزة الأمنية استغلت ذلك أسوأ استغلال، حيث بعثت بعناصر أمنية اندست بين الجماهير للقيام بعمليات تحريض للتوسيع من عمليات الحرق والتدمير بهدف تشويه صورة الحراك، والتأكيد على أنه مدفوع من قوى خارجية معادية لإيران، ليتسق ذلك مع محاولات النظام لتفريغ الحراك من مضمونه وإضعاف زخمه.
ماهي مخاطر القمع الذي تنتهجه الحكومة الإيرانية ضد المتظاهرين؟
إن من أهم مظاهر خطورة هذا الحراك هو رد فعل الجماهير الإيرانية على تفعيل النظام الإيراني لآلة قمعه في مواجهة الحراك، الأمر الذي دفع بالعديد من الجماهير إلى استخدام العنف المضاد والذي استهدف بطبيعة الحال عددًا من المؤسسات الاقتصادية والأمنية في رسالة شديدة من قبل هذه الجماهير للنظام الإيرانية بأن هذه الأجهزة لا تقوم بدورها المنوط به لتحقيق مصالح الجماهير وتطلعاته وإنما هي لا تعدو عن كونها أدوات في يد النظام لتحقيق مآربه وحفظ كراسيه.
ضد من خرجت الجماهير الإيرانية "روحاني" أم "خامنئي"؟
رسالة الجماهير لم تكن موجهة بالدرجة الأولى للحكومة وقائدها حسن روحاني، وإنما للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية، علي خامنئي، ذاته فقد عبّرت الجماهير عن رفضها لأسس النظام الإيراني التي تقوم على حكم فرد تؤول إليه الأمور فلا يمكن لأحد مهما كان أن يقرر قرارًا أو يتخذ خطوة دون العودة إليه.
ما تأثير تلك الاحتجاجات على الحكومة الإيرانية الحالية؟
لا شك أن الحراك في حد ذاته وما شهده من أحداث سيكون ذا تأثير سلبي على وضع الحكومة الحالية بقيادة حسن روحاني، فقد ثبت فشل هذه الحكومة في التعاطي مع الأزمات التي نجمت عن استئناف العقوبات الأمريكية على إيران وتصاعد حدة الصراع بين طهران من جهة وواشنطن وحلفائها من جهة أخرى وهو ما سيكون له دوره في تشكيل وعي جديد لدى الجماهير الإيرانية بشأن الحديث عن الخلاف بين الإصلاحيين والمحافظين إذ من الملعوم أن روحاني وحكومته من المحسوبين على الإصلاحيين.
هل يمكن لتلك الاحتجاجات أن تسقط الحكومة الإيرانية؟
لا يمكن الحديث في الوقت الحالي عن إمكانية نجاح هذا الحراك في تحقيق هدفه النهائي وهو إسقاط المرشد أو إحداث تغيير في النظام الإيراني، فلا زال لدى هذا النظام أدواته القمعية التي إن لم يجهض بها الحراك يؤثر عليه تأثيرًا عميقًا ومن ثم فإن المعركة ليست سهلة أو قصيرة بل إنها تحتاج إلى الكثير من الوقت والتضحيات فما بني في أربعين عامًا لا يمكن هدمه في أيام، فضلًا عن أن ثمة اعتبارات أخرى بشأن ما يدعم قوة هذا النظام ربما لا تتعلق بالداخل الإيراني نفسه وهو ما تجسد أمامنا حيث تدخل الحشد الشعبي العراقي في محافظة الأحواز ومواجهة المحتجين وعليه فإن الحراك لا يواجه قمعًا أمنيًا إيرانيًا فحسب بل وآخر عراقي.