شيع الآلاف من المواطنين وذوي الضحايا في محافظة ذي قار، جنوبي العراق، اليوم الجمعة، العشرات من ضحايا المتظاهرين الذين قتلوا إثر الرصاص الحي حتى وقت متأخر من ليلة أمس.
وشهدت ساحات الاعتصام لاسيما ساحة الحبوبي وسط مدينة الناصرية، مركز ذي قار، وعدد من الأقضية في المحافظة، مواكب تشييع للضحايا وأغلبهم تراوحت أعمارهم ما بين (19-15) وأصغر، والذين قتلوا بإستخدام القوات الأمنية الرصاص الحي من أسلحة الأحادية الرشاشة، والرصاص الخاص بمقاومة الطائرات بالقرب من جسر الزيتون، وتقاطع البهو، والمنصورية، وحديقة غازي.
وارتفعت حصيلة العنف الذي استخدم في قمع التظاهرات بذي قار، إلى 32 قتيلا، وأكثر من 300 جريح حتى وقت متأخر من ليلة أمس، حسب مصدر من داخل مستشفى الناصرية العام، في تصريح لمراسلة وكالة "سبوتنيك" الروسية في العراق.
وتحول شارع الحبوبي، إلى مأتم خيم عليه الحزن وهو يودع الضحايا الذين زينت نعوشهم بالعلم العراقي والزهور في طريقهم إلى مثواهم الأخير بعد أن كانوا يطالبون بالحرية، والوطن.
وأثارت "المجزرة" حسبما وصفها الناشطون في ذي قار، غضبا شعبيا واسعا في العراق، منددين بالعنف الذي استخدم بقرارات من القائد العسكري جميل الشمري الذي عين من القائد العام للقوات المسلحة، رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، رئيسا لخلية الأزمة في المحافظة، بتمام الثالثة من فجر الأربعاء، للمباشرة بحملة قتل طالت المتظاهرين الذين اكتظت المستشفيات وثلاجات الموتى بهم.
وانتفضت العشائر في ذي قار، منها عشيرتي "آل غزي"، و"البدور" اللتان هددتا بحمل السلاح بوجه القوات الأمنية حال تكرر استخدامها للرصاص الحي في قتل المتظاهرين المطالبين بحقوقهم، ليتكرر الرصاص مجددا الأمر الذي دفع العشيرتين إلى رفع السلاح والاشتباك مع القوات ما أسفر عن وقوع المزيد من الضحايا المدنيين.
وأطلق الناشطون والأهالي في ذي قار، نداءات مناشدة إلى باقي المحافظات لإسنادهم، ومنهم امرأة بث لها تسجيل مصور تناشد أبناء الرمادي مركز الأنبار التي تشكل وحدها ثلث مساحة العراق، غربا، للوقوف مع الناصرية وأهلها ومساعدتهم في مواجهة العنف والقتل المستمر.
ولبت عشائر الأنبار، مناشدة ابنة الناصرية، ومنها عشيرة الدليم التي حشد أحد أمرائها إلى وقفة اعتصام وحداد في ساحة التحرير، وسط العاصمة بغداد، فيما تحرك المواطنون في الرمادي، والفلوجة، نحو اعتصامات بعد صلاة الجمعة ظهرا استنكارا وحدادا على أرواح الضحايا الذين قتلوا في ذي قار، والنجف، يوم أمس.
وأكد متظاهرون من محافظة ذي قار، في تصريحات لمراسلة الوكالة الروسية، اليوم، بأنهم رفعوا سقف مطالبهم من إقالة الحكومة، وحل البرلمان، إلى محاكمة الحكومة، والمتورطين معها في قتل المتظاهرين، وعلى رأسهم الفريق جميل الشمري الذي تسبب بقتل المتظاهرين يوم أمس.
ويؤكد أحد المتظاهرين، الذي تحفظ على كشف اسمه، أن الشمري استطاع الهرب من قاعدة الإمام علي في بداية الناصرية، بواسطة طائرة خاصة، بعد أن تمت محاصرة مقر قيادة الشرطة من قبل المحتجين الذين طالبوا بتسليم الشمري.
وأعلنت المفوضية العليا لحقوق الإنسان العراقية، في وقت متأخر من يوم أمس الخميس، 28 نوفمبر، عن مقتل وإصابة أكثر من ألف متظاهر والقوات الأمنية، خلال ثلاثة أيام فقط، في العاصمة بغداد، وعدد من المحافظات.
وأفادت المفوضية في بيان تلقت مراسلة وكالة "سبوتنيك" في العراق، نسخة منه، مساء اليوم، بارتفاع معدلات العنف في تظاهرات بغداد، وعدد من محافظات وسط، وجنوب البلاد منذ الثلاثاء الماضي 26 نوفمبر الجاري حتى أمس الخميس.
وأشارت المفوضية في البيان، بمقتل 25 متظاهرا، وإصابة 250 آخرين، في محافظة ذي قار، جنوبي العاصمة بغداد.
وأضافت" قتل متظاهران إثنان، وأصيب 67 آخرون، و25 من القوات الأمنية في بغداد، بالإضافة إلى إصابة 308 من المتظاهرين والقوات الأمنية في محافظة المثنى، جنوب غربي البلاد.
وأكملت المفوضية، أن 4 متظاهرين قتلوا، وأصيب 354 آخرون، مع إصابة 50 من القوات الأمنية، في محافظة النجف، وسط العراق.
وعبرت المفوضية عن أسفها لارتفاع معدلات العنف، وسقوط هذا العدد الكبير من الضحايا من المتظاهرين، والقوات الأمنية خلال الأيام الثلاث بسبب العنف، واستخدام الرصاص الحي، وحرق العديد من الممتلكات العامة، والخاصة.
اقرأ أيضاً: جوتيريش يعرب عن قلقه العميق من استمرار استخدام الرصاص الحي في العراق
ويشهد العراق منذ مطلع أكتوبر الماضي، احتجاجات واسعة للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومحاربة الفساد وإقالة الحكومة وحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة، وقتل ما لا يقل عن 350 شخصا منذ بدء أكبر موجة احتجاجات تشهدها البلاد منذ سقوط صدام حسين عام 2003.