يسوق بعض المتشددين وبعض الدعاة حديثا منسوبا للنبى صلى الله عليه وسلم يزعمون فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بمشاورة النساء ثم مخالفة ما يقلنه من استشارة. بل ذهب الإمام أبو المعالي الجويني الملقب بإمام الحرمين في القرن الخامس الهجري والذي يأخذ عنه كثير من علماء السلف أقواله ما نسب له في هذه المسألة التي قال فيها : لا نعلم امرأة أشارت برأي فأصابت إلا أم سلمة ، وقد ورد هذا الحديث بألفاظ أخرى مرفوعة وموقوفة ولا يصح منها شيء كما قرر الشيخ اسماعيل العجلوني في كتابه الشهير " كشف الخفاء كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس.
اقرأ ايضا .. استشار النبى أم سلمة في صلح الحديبية وأخذ برأيها فهل يجوز للمرأة العمل في السياسة
وأما حديث : شاوروهن وخالفوهن . فحديث لا يصح، ضعفه السخاوي في المقاصد الحسنة، والشوكاني في الفوائد، وحكم عليه بعض العلماء بالوضع، وقد ثبت في السنة المطهرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قد استشار زوجته أم سلمة رضي الله عنها في صلح الحديبية بعدما كتب معاهدة الصلح مع المشركين، وبعدما أمر المسلمين بأن يقوموا ينحروا هديهم ويحلقوا؛ فإنهم لا يذهبون إلى مكة في هذا العام، فلم يقم منهم أحد، فيقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: «قُومُوا فَانْحَرُوْا ثُمَّ احْلِقُوْا». قال : فوالله ما قام منهم رجل، حتى قال ذلك ثلاث مرات. فلمَّا لم يقم منهم أحد، دخل على أم سلمة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله، أتحب ذلك، اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم كلمة حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فخرج فلم يكلم أحدًا منهم حتى فعل ذلك؛ نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه، فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا، وجعل بعضهم يحلق بعضًا، وفي القرآن الكريم صاحبة موسى ابنة الرجل الصالح لما قالت لأبيها عن موسى: ياأبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين }