الجهاردية العثمانية زاد البحث عنها عقب طرح مسلسل ممالك النار القصة الحقيقة عن الجهاردية في أحد حلقاته بعرض حوار الكامل مع سليم الأول بأنهم تنظيم ينتظر ظهور الإمام المخلص، واستطاعت أحداثه أن تجذب انتباه الجميع ليتسائلون عن ما هم الجهاردة وقصة الجهاردية العثمانية في التاريخ وعلاقتها بـ سليم الأول وليتحول الحديث من مجرد مسلسل درامي تاريخي إلى بحث تاريخي لكل من يراه رغبة منهم في معرفة حكاية الجهاردية.
الجهاردية العثمانية
الجهاردية في اللغة
تعنى الجهاردية في اللغة لعبة الأربعة عشر وهى كلمة فارسية، تم الإشارة إليها في الجزء الأول من كتاب "كف الرعاع عن محرمات اللهو والسماع" لشهاب الدين بن حجر الهيتمي أنها أخشاب يحفر فيها ثماني وعشرون حفرة، أربع عشرة من جانب وأربع عشرة من الجانب الآخر، بما يعنى علم طلسم الكون بالأرقام، وأطلق عليها العرب لعبة الشهاردة ثم أطلق عليها أهل مصر في زمن المماليك المنقلة.
الجهاردية
أصل كلمة جهاردةكما ظهرت كلمة جهاردة كلعبة في العالم الإسلامي في زمن عبدالله بن عمر بن الخطاب الذي أعلن عداءه لتلك اللعبة لدرجة أنه كسرها على رأس أهل بيته وقال "لئن تحترق بيوتكم بالنار أفضل من هذه اللعبة"، وأورد بن أبي الدنيا في كتابه "ذم الملاهى" قصص لعداء بن عمر لها.
لم يوضح عبدالله بن عمر سبب عداوته لتلك اللعبة سوى أنها عاملاً لقيام طرفي اللعبة بالحلفان وهذا إثم لأن المحلوف عليه مجهول وبالتالي صاحب القَسَم يأثم.
من هم الجهادرة
تطور مصطلح الجهاردة من مجرد لعبة إلى خرافات لها جذور،ساهمت في الدولة العثمانية مساهمات كثيرة إلى أن أصبح لها اسم حقيقي " الحروفية" على مرئ ومسمع من الموجودين آنذاك.
من هم الجهاردة
وظل الكثيرون يتسائلون من هم الجهاردة إلى أن عرف بأنهم جماعة الحروفية هم فرقة باطنية تعنتق أمور عديدة منها فكرة الإمام المهدي المُنْتَظر والتناسخ (انتقال الروح من بدن إلى بدن آخر) والحلول (أن يحل الله في أبدان العارفين به)، كما يشرحون النصوص القرآنية بتفاسير غيبية من الحروف والأرقام.
وبدأ تأسيس جامعة الحروفية أو الجهاردة على يد فضل الله بن نعيم الاسترآبادي في إيران، وتحمل مبادئهم الأولية أن رقم 4 في القرآن تفسيره عناصر الوجود "الهواء والأرض والنار والماء"، بينما سور القرآن أصبحت لديهم خريطة لجسم الإنسان تشريحيًا فجعلوا سورة ص للعين والقلب والرأس نسبة لصورة الفاتحة، وتعتبر الحروفية بعد ذلك هجينًا متناقضًا من المعتقدات الوثنية والسماوية والإسلامية.
الجهاردية العثمانية
أشار المؤرخ التركي خليل اينالجك إلى الجهاردية العثمانية في كتابه "تاريخ الدولة العثمانية من النشوء إلى الانحدار" نسبة إلى السلطان محمد الثاني المعروف تاريخيًا بالفاتح كان يتمنى فتح القسطنطينية، ووجود الحروفية في بلاد الدولة العثمانية كان عاملاً رئيسيًا في مسألة الترويج لتلك الفكرة.
مؤسس الجهاردية العثمانية
وفي الوقت ذاته، كان عماد الدين نسيمي هو المبشر للمذهب الحروفي زمن مراد الثاني، والتقى أحد تلامذته محمد الفاتح وأطلق يده في الأيدولوجية السنية العثمانية من البوابة الصوفية، وطبع كتاب "جاويدان نامه كبير" وسماه بالتركية "عشق نامه" وقرر تدريسه بالبلاد العثمانية.
عماد الدين نسيمي
وبدأت مسألة ربط المهدي بمحمد الفاتح وفتح القسطنطينية بالبشارة النبوية مما أعطى لجماعة الحروفية قوة روحية ومعنوية في البلاد العثماني باختراقها للبكتاشية وسيطرتها على الفاتح جعلتها تصطدم مع رجال السياسة متمثلين في الصدر الأعظم محمود باشا.
الجهاردية وسليم الأول في ممالك النار
بدأ الحديث عن الجهاردية وسليم الأول حين هزم إسماعيل الصفوي فكانت هذه فرصة ذهبية للطريقة الهمدانية المخترقة هي الأخرى من الحروفيين في حلب وتكره المماليك كرهًا شديدًا.
سليم الأول
كما نجح سليم الأول في معركة جالديران حينها قرر الهمدانيون الحروفية اختراع أسطورة بالحروف أوردها المؤرخ انتقاء الحصفكي بكتابه "تراجم الشيوخ والأقران" وتقول تلك الأسطورة "ستدخل السين في الشين بعد نصر أول على شين ليظهر قبر محي الدين"
والجدير بالذكر أن الطرق الصوفية في مصر غير مخترقة بأي مكون شيعي باطني زمن المماليك، لذلك كانت دولة المماليك لا ترحم أي شخص منتميٍ للطريقة الهمدانية ولا أي طريقة تنتسب فكرًا لجماعة الحروفيين وأشباههم من العرفانيين ويسجل المؤرخ بن الوردي في كتابه "تتمة المختصر في أخبار البشر"، وقائع حرق وحبس كتب العرفانيين، وظل العداء بين العرفانيين والحروفيين متمثلين في طريقة الهمدانيين والمماليك قائمًا.
الجهاردية في ممالك النار
ويقدم مسلسل ممالك النار الذي جاء في أحداثه قصة الجهاردية العثمانية النجم خالد النبوي والفنان القدير رشيد عساف، والفنان محمود نصر، وتم الاستعانة في كتابة الموضوع بمواقع، وبعض أساتذة التاريخ والفقه الإسلامى نظرًا لندرة المواقع التى تتحدث عن قصة الجهاردية.