تفيد تقارير إخبارية بأن الأمم المتحدة لم تتمكن إلى الآن من التأكيد بأن إيران كانت ضالعة في الغارات التي نفذتها طائرات مسيّرة وصواريخ كروز على منشأتين نفطيتين سعوديتين في شهر سبتمبر الماضي.
وكان السعوديون قد اتهموا إيران بالوقوف وراء تلك الغارات التي أوقفت مؤقتا نصف إنتاج المملكة النفطي.
ولكن تقريرا مسربا من مكتب الأمين العام للأمم المتحدة يقول إن المحققين الدوليين لم يتمكنوا من التأكيد بأن الطائرات والصواريخ التي استخدمت في الغارات مصدرها إيران.
وتنفي إيران عن نفسها تهمة التورط في الغارات، مشيرة إلى إعلان حوثيي اليمن عن مسؤوليتهم.
وكان حوثيو اليمن، الموالون لإيران، قد قالوا إن الغارات جاءت ردا على الغارات الجوية التي ينفذها التحالف الذي تقوده السعودية على أهداف في اليمن.
ما الذي جاء في تقرير الأمم المتحدة؟
وفقا لموقع "بي بي سي"، كان خبراء أمميون مكلفون بمراقبة تنفيذ العقوبات الدولية المفروضة على إيران واليمن قد زاروا السعودية لفحص حطام الطائرات المسيّرة والصواريخ التي استخدمت في الهجمات على المنشآت النفطية السعودية.
ورفع الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو جوتيريس، أمس الثلاثاء، التقرير الذي أعده هؤلاء الخبراء إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وقال جوتيريش في التقرير، حسب ما أوردته وكالتا "رويترز" و"فرانس برس"، "في الوقت الراهن، لا تتمكن الأمم المتحدة من التأكيد بشكل مستقل بأن صواريخ كروز والطائرات المسيّرة التي استخدمت لتنفيذ الغارات كانت إيرانية المنشأ.
ولكن التقرير قال أيضا إن الحوثيين "لم تثبت حيازتهم أو حتى الاعتقاد بحيازتهم" الطائرات المسيّرة التي استخدمت في الغارات.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة إن التحقيق الأممي في الغارات جار، وإن نتائج التحقيق سترفع إلى مجلس الأمن فور انتهائه.
ما الذي جرى في الغارات؟
كانت وزارة الدفاع السعودية قد قالت إن 18 طائرة مسيرة أغارت على مصفاة بقيق - أكبر منشأة لتكرير النفط في العالم - وإن 4 صواريخ كروز ضربت حقل خريص النفطي في الرابع عشر من سبتمبر الماضي، مضيفة أن ثلاثة صواريخ أخرى كانت تستهدف بقيق ولكنها لم تصب أهدافها.
ففي بقيق، التي تبعد عن العاصمة السعودية الرياض بمسافة 330 كيلومترا، أدت الغارات إلى الإضرار بـ 11 صهريجا تستخدم لفصل الغاز عن النفط الخام مما يجعله مستقرا من أجل التصدير. كما أدت الغارات إلى الإضرار بخمسة أبراج تستخدم لإزالة كبريتيد الهيدروجين من النفط الخام، إضافة إلى صهريجين يستخدمان لخزن الماء المستخرج من النفط الخام.
أما في الخريص، التي تبعد بـمسافة 190 كيلومترا إلى الجنوب الغربي من بقيق، فقد أصابت الغارات أربعة أبراج تستخدم في تكرير النفط.
وكانت هذه الغارات قد أدت إلى خفض إنتاج النفط السعودي بحوالي 5.7 مليون برميل يوميا، وهي كمية تعادل 6 في المئة من الانتاج العالمي للنفط، مما نتج عنه زيادة كبيرة في أسعار الخام.
ما هي الجهة التي أتهِمَت؟
كان يحيى سريع، الناطق العسكري باسم الحوثيين قد قال في الـ 15 من سبتمبر الماضي إن الحوثيين أطلقوا 10 طائرات مسيّرة من اليمن بعد أن تسلموا "دعما استخباريا" من أناس في السعودية.
ولكن العقيد تركي المالكي، الناطق باسم وزارة الدفاع السعودية، قال للصحفيين بعد أيام ثلاثة من الغارات إن "هذا الهجوم لم يأت من اليمن، ورغم جهود إيران المضنية لمحاولة تصوير ذلك، فإن تعاونها مع وكيلها في المنطقة لخلق هذه الرواية الكاذبة أمر واضح لا جدال فيه".
وأضاف الناطق السعودي "شنّ الهجوم من الشمال، وما من شك بأنه كان متبناً من إيران".
وقال العقيد المالكي إن الأسلحة التي استخدمت في الغارات كانت مسيّرات ( Delta Wing) الإيرانية وصواريخ "يا علي" الإيرانية أيضا. وأضاف الناطق إن لهذه الصواريخ مدى يبلغ 700 كيلومترا، وهو أمر - حسب قوله - يستثني اليمن من القدرة على إطلاقها.
أما وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، فقال "كان هذا هجوما دقيق التخطيط بلا شك، والأسلحة التي استخدمت فيه لا يمكن أن تكون من إنتاج الحوثيين. ولذا فإنه من الجنون أن يدعي أي شخص بأن ذلك كان هو الأمر".
اقرأ أيضاً: "رويترز" تعد تقريرًا جديدًا يؤكد تورط "خامنئي" شخصيًا في الهجوم على منشآت النفط السعودية
ولكن الحكومة الإيرانية استخفت بأقوال بومبيو؛ فقد قال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في الـ 23 من سبتمبر "ليس هناك أي دليل، وسيكون من الإعجاز التقدم بأي أدلة، لأن الأمر لم يحصل أساسا". وأضاف "لو كنا (إيران) مسؤولون عن هذا الأمر، لكانت النتيجة كارثية بالنسبة للسعودية".
اقرأ أيضاً: إيران تعلق على تقرير صحفي اتهم عسكرييها بتخطيط وتنفيذ هجوم "أرامكو"
وكان الحوثيون قد أطلقوا مرارا صواريخ وطائرات مسيّرة نحو أهداف في السعودية منذ عام 2015. وكان مسؤولون أمميون قد أشاروا سابقا إلى وجود مسيّرة حوثية - تدعى UAV-X يبلغ مداها 1500 كم.