فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في الجزائر، اليوم، لإجراء انتخابات رئاسية مؤجلة تعارضها حركة احتجاج جماهيرية تريد إرجاء التصويت إلى أن تتنحى النخبة الحاكمة بأكملها ويبتعد الجيش عن السياسة، لتواجه مراكز الاقتراع في الساعات الأولى من بدء عملية التصويت عمليات اقتحام وتخريب وحرق من جانب المحتجين الغاضبين الذين قابلتهم قوات الشرطة بالاعتقال وتفريق تجمعاتهم، وفي نفس الوقت خرج المرشحون الخمسة لهذه الانتخابات بتصريحات متفائلة يدور محتواه حول اعتبار الانتخابات السبيل الوحيد للخروج من الأزمة الطاحنة، في انتخابات شهدت إقبالا متواضعا لم يتجاوز الـ20 بالمئة بحلول عصر اليوم، بحسب بيانات رسمية، وتوقعات بعدم وجود مؤشرات على احتمالية توقف الحراك الشعبي والاحتجاجات بعد إعلان نتائجها، ما ينذر بإطالة أمد الأزمة.
ويتوجه أكثر من 24 مليون جزائري إلى صناديق الاقتراع، للإدلاء بأصواتهم في هذه الانتخابات التي يتنافس فيها خمسة مرشحين هم عبد العزيز بلعيد، وعلي بن فليس، وعبد القادر بن قرينة، وعز الدين ميهوبي، وعبد المجيد تبون.
بدوره، قال الرئيس الجزائري المؤقت عبد القادر بن صالح إن "اقتراع يوم 12 ديسمبر يعد فرصة تاريخية لمواطنينا الذين يحملون الوطن في قلوبهم، والذين يأبون إلا أن يعطوا معنى لالتزامهم من أجل تكريس الديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتشييد دولة الحق، دولة المؤسسات التي يتطلع إليها شعبنا".
من جانبه، أكد رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات الجزائرية محمد شرفي، أن سلطته وفرت "ضمانات" من أجل ضمان شفافية اقتراع 12 ديسمبر، من خلال الطابع المستقل لهذه الهيئة، التي تم تنصيبها مثلما ينصب رئيس الجمهورية"، موضحا أن هذا التنصيب يعني أنها "مستقلة فعلا عن كل وصاية من الدولة مهما كان شكلها و مهما كانت طبيعتها".
وأكد الفريق قايد صالح نائب وزير الدفاع الوطني رئيس أركان الجيش الجزائري، من جهته، أن الانتخابات الرئاسية في 12 ديسمبر 2019، هي التي سترسم معالم الدولة الجزائرية الجديدة التي طالما تطلعت إليها أجيال الاستقلال، واصفا إياها بـ "المحطة البالغة الأهمية في مسار بناء دولة الحق والقانون، والمرور ببلادنا إلى مرحلة جديدة مشرقة وواعدة".
كما أكد وزير الشؤون الخارجية الجزائري، صبري بوقادوم، أنه: "لا يوجد مجال للتشكيك في شفافية الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها يوم 12 ديسمبر، والتي تنظم لأول مرة من طرف سلطة وطنية مستقلة للانتخابات".
"ملحمة الحراك" في صناديق الاقتراع
من جانبه، قال المرشح عبد القادر بن قرينة، إن الشعب الجزائري يدرك جيدا كيف يستمر في حراكه الذي بدأه في 22 فبراير الماضي، مضيفا أن ذلك يتحقق عبر التوجه إلى صناديق الاقتراع لاختيار المرشح، الذي سيستجيب لمطالب الحراك، الذي يعمل على تفكيك ما وصفه بـ"نظام العصابة ومنظومة الفساد"، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية "واج".
وتعهد عبد القادر بن قرينة، في حال فوزه في الاستحقاقات الرئاسية بأن تكون أولى القرارات، التي سيتخذها "اعتماد القنوات التلفزيونية الخاصة في إطار دفتر شروط معين وشفاف، حتى تتمكن من أداء مهامها بكل حرية ودون ابتزاز"، مجددا التأكيد على أنه لم يكن يوما "جزءًا من العصابة"، على حد وصفه.
وقال ابن قرينة: "لطالما دعمت الحراك الشعبي وشاركت فيه، ومن بين شروط نزاهة الانتخابات خروج الشعب إلى الانتخاب وحماية الصناديق، إلى جانب استمرار المؤسسة العسكرية في مرافقة الانتخابات"، وأضاف: "يفترض أن يصنع الحراك، اليوم، ملحمته في صناديق الاقتراع بثورة سلمية لاختيار من يمثله".
نسبة التصويت بعد 3 ساعات من بدء الاقتراع
من جهتها، أعلنت السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات، أن نسبة التصويت في انتخابات الرئاسة بلغت 7.92 في المئة بعد ثلاث ساعات من فتح مراكز الاقتراع.
احتجاجات رافضة
وذكرت وكالة "رويترز" أن الآلاف خرجوا، اليوم، إلى شوارع وسط الجزائر العاصمة مرددين هتافات "لا للتصويت"، على انتخابات رئاسية تعتبرها الحركة الاحتجاجية مسرحية تهدف إلى إبقاء النخبة الحاكمة في السلطة، فيما هرع رجال الشرطة لتفريق المحتجين بالعصي لكنهم تراجعوا مع وصول المزيد من المتظاهرين.
Center Algiers right now! #تسقط_انتخابات_العصابات #الجزائر #Yetna7aw_Ga3 #Algeria #Algerie #hirak pic.twitter.com/3MQhX3v18r— Abdel A (@SuccessGentr) December 11, 2019
ويرى الجيش، وهو أقوى عنصر على الساحة السياسية، أن التصويت هو السبيل الوحيد لاستعادة الأمن والنظام بالبلاد عن طريق اختيار خليفة لعبد العزيز بوتفليقة بعد أن أمضى عقدين في المنصب.
The world needs to see this, Algerian current elections are rejected by the majority of the population, but the system is pushing fake news and fakes polls turn outs. #Algeria #Algerie #تسقط_إنتخابات_12_ديسمبر #الجزائر #UKelection2019 #GeneralElection2019 @France24_en @FRANCE24 pic.twitter.com/JuSE6exF2E— Abdel A (@SuccessGentr) December 12, 2019
حرق مقر سلطة الانتخابات في البويرة
وكان مدونون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي في الجزائر أفادوا، اليوم، بأن محتجين أضرموا النار في مقر السلطة المحلية للانتخابات بولاية البويرة. ونشر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو وثقت تصاعد الدخان وألسنة اللهب من مبنى مقر الانتخابات، بالإضافة إلى تصوير العديد من الوثائق المبعثرة في الطريق وقد تم إتلافها وحرقها.
البويرة لا شيء يبشر بالخير ،الإفتزازات و الإعتدأت على المواطنين عيني عينك ،يريدون تفجير الوضع في البويرة بكل الوسائل pic.twitter.com/vNZNIUFKaG— MOH MINIROS (@BOURKAYEB1) December 12, 2019
وأشار موقع "الخبر" الجزائري إلى أن ولاية البويرة قررت في وقت سابق نقل أعوان مندوبية الولاية للسلطة المستقلة للانتخابات إلى العمل بمقر تم تجهيزه ببلدية عين بسام، وهذا بعد التخريب الذي أتى على المقر في الولاية.
وشهدت الولاية في ساعة مبكرة مناوشات بين المواطنين وقوات الأمن التي أطلقت الغاز المسيل للدموع على مستوى "الطريق الوطني رقم 5" لمنع دخول مواطنين من البلديات المجاورة إلى مدينة البويرة. وأدى خروج المواطنين في بلديات حيزر ومشدالة وبشلول وأث لعزيز إلى غياب كلي للعملية الانتخابية وعدم افتتاح مكاتب التصويت فيها.
📌🔝 متداول بكثرة:الشعب يرفض اجراء الانتخابات، يقول لكم لا للرئيس و لمن يريد تعيين الرئيس.#لا_انتخابات_مع_العصابات #تسقط_انتخابات_العصابات #Yetna7aw_Ga3 pic.twitter.com/AdfNaMhKOC— الجزائر اليوم (@AlG_TD) December 12, 2019
إلى ذلك، أكدت وسائل إعلام محلية اعتقال قوات الأمن لمتظاهرين وسط العاصمة، حيث فرق رجال الأمن كل التجمعات المعارضة للانتخابات في اللحظات الأولى لتشكلها، في حين عرفت مدن جيجل و قسنطينة وبرج بوعريريج احتجاجات سلمية ضد الانتخابات.
تصريحات "متفائلة" من مرشحي الرئاسة في الجزائر
بدورهم، أدلى المرشحون في انتخابات الرئاسة بأصواتهم وخرجوا بتصريحات اتسمت جميعها بالتفاؤل بالعملية الانتخابية؛ فقد قال المرشح الحر عبد المجيد تبون، خلال إدلائه بصوته، إن انتخابات 12 ديسمبر "فرصة لقيام جمهورية جديدة عمادها الشباب".
من جانبه، أعرب مرشح حزب طلائع الحريات علي بن فليس، في تصريحات صحفية عقب الإدلاء بصوته، عن أمله في أن "تأتي الانتخابات الرئاسية بالخير للشعب الجزائري وللجزائر". أما رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، فاعتبر أن الجزائر "ستحتفل غدا الجمعة، بانتصار الديمقراطية". كما خرج الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي، بتصريح بعد التصويت، قال فيه: "إن هذا اليوم ليس لانتخاب رئيس فقط، لكنه يوم لتمكين ركائز الجمهورية الجديدة"، معتبرا اليوم أنه "لاسترداد السيادة الحقيقية".
وختمها رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، بتصريحه، إن "الشعب يجب أن يستمر في حراكه السلمي، للاستمرار في تفكيك العصابة"، مؤكدا أن هذه الانتخابات جاء بها الحراك، وليست هدية من السلطة.
اقرأ أيضاً: خمسة وجوه باهتة ومرشح إخواني بائس يتنافسون على منصب الرئيس .. هنا أرض المليون شهيد
بوتفليقة يصوت بالوكالة
ووفقا لما نقلته وسائل إعلام محلية، فقد صوت الرئيس السابق بوتفليقة بالوكالة من خلال شقيقه ناصر، لاختيار رئيس للبلاد؛ وبثت قناة "دزاير تي في" الخاصة مشاهد لناصر بوتفليقة، شقيق الرئيس السابق، وهو يدلي بصوته وصوت شقيقه (وكالة) بمدرسة البشير الإبراهيمي بحي الأبيار بالعاصمة. ونقلت قناة "البلاد" الخاصة أيضا أن ناصر بوتفليقة صرح للصحفيين بعد خروجه من مكتب الاقتراع أن شقيقه عبد العزيز وكله بالاقتراع نيابة عنه في الانتخابات، وأنه يتمتع بكافة حقوقه المدنية والسياسية. ونشرت "دزاير تي في" نسخة من بطاقة انتخاب الرئيس السابق، مؤشرا عليها من قبل مركز الاقتراع بأنه أدلى بصوته.
اقرأ أيضاً: انتخابات الجزائر.. إغلاق بعض مراكز الاقتراع في 3 ولايات بسبب أعمال الشغب
الإقبال يسجل 20 بالمئة عند الثالثة مساء
وبحلول الثالثة عصرا، ارتفعت نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع؛ وقال رئيس هيئة الانتخابات في بيان نشرته وسائل الإعلام الحكومية إن الإقبال على المشاركة في الانتخابات الرئاسية اليوم سجل 20 بالمئة عند الساعة الثالثة مساء.
اقرأ أيضاً: سلطة انتخابات الجزائر تعلن نسبة المشاركة في الاستحقاق الرئاسي
ومن غير المتوقع أن تظهر نتائج الانتخابات اليوم الخميس لكن الحكومة ستنشر أرقاما بشأن نسبة إقبال الناخبين، وهو ما قد يظهر عدد من ينظرون للانتخابات باعتبارها شرعية. وليس هناك مراقبون مستقلون وقد يشكك المحتجون في الأرقام التي ستُعلن، حسب "رويترز".
اقرأ أيضاً: آلاف المتظاهرين الجزائريين يحتجون على إجراء الانتخابات الرئاسية (فيديو)
ويتنافس خمسة مرشحين على منصب رئيس الجمهورية، وهم كل من رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، ومرشح حزب طلائع الحريات علي بن فليس، ورئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة، والوزير الأول الأسبق عبد المجيد تبون، والأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عز الدين ميهوبي.