دخلت مصر ومعها الأقباط عهدًا جديدًا بعد الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، وانتخاب الرئيس عبد لفتاح السيسي رئيسًا لمصر، فيما اعتبره الأقباط مرحلة هامة في اتجاه انتهاء الأحداث الطائفية ضدهم.
في بداية حكم الرئيس السيسي وبالتحديد في 2014 ، أعلن البابا تواضروس بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، والذي تولى الباباوية بعد تنيح البابا شنودة، وعاصر بالطبع فترة حكم الإخوان المسلمين، أن العلاقة بين الدولة والكنيسة "جيدة" وذلك أمام قوة قبطية تمثلها أقباط المهجر -أحد أهم عناصر القوة للأقباط في الداخل والخارج.
واكد البابا أن «مصر بدأت عهدًا جديدًا بصورة جديدة، كل المسؤولين من رئيس الجمهورية بيعملوا بجد هذه المرة».اتبع الرئيس السيسي، منذ إعلان بيان 3 يوليو وما تبعها وحتى توليه مقاليد الحكم، أسلوبًا إنسانيًا تعاطفيًا في الحديث مع المصريين، والأقباط بصفة خاصة، فيرى المتابعون أن الأقباط كان لهم دور كبير في إقصاء الإخوان - كما أنا الإسلاميون يرون أن الأقباط لعبوا دورًا في هدم حلمهم بالحكم وخططوا لإسقاط الرئيس الأسبق محمد مرسي- وهو ما أعطى فرصة للثقة المتبادلة بين الطرفين الرئاسة والكنيسة، وليس فقط على المستوى العلوي للقيادات كذلك على المستوى الشعبي بين الرئيس وعموم الأقباط».عامين فقط مروا على تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي الحكم، لكن في تلك الفترة زار الرئيس الكنيسة أكثر من رؤساء ظلوا في الحكم ما يقارب الثلاثين عامًا، وهو ما يوضح اهتمام السيسي بإقامة علاقة مميزة مع الكنيسة، حيث زار الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، لتهنئة الأقباط بعيد الميلاد المجيد، في السادس من يناير 2014، لمشاركة الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد، وبعدها عزّى السيسي، البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية، بطريرك الكرازة المرقسية، في استشهاد 21 قبطيًا بالأراضي الليبية على يد تنظيم الدولة الإسلامية «داعش»، ثم كرر زيارته مرة أخرى خلال الاحتفال بعيد الميلاد، وجّه خلالها رسائل لأقباط مصر، أهمها: «محدش هيقدّر يفرق بينا»، واعتذر عن التأخير في ترميم الكنائس التي جرى حرقها عقب فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة: «أرجو أن تقبلوا اعتذارنا عما حدث، وإن شاء الله السنة القادمة لن تكون هناك كنيسة أو بيت من بيوتكم إلا وقد تم ترميمها».
أما على المستوى الشعبي، ففي أحد أهم الأحداث في عامين من الحكم، كان الاحتفال بافتتاح قناة السويس، والذي أصر خلال ه السيسي على حضور 200 شاب، وطلب أن يكون منهم 40 واحدًا وواحدة مسيحيين».نار لم تخمد ولم يتضح فيها حل جذري حتى الآن، فيما أن تزايد أحداث الفتنة الطائفية خلال العامين الماضيين أغضب عدد كبير من الأقباط، ما استدعى البابا تواضروس ذاته بالإفصاح عن قلقه من غضب أقباط المهجر- القوى المحركة للغضب ضد السادات- والخوف من تعرض المسيحيين لموجة أخرى من الاضطهاد الديني- فيما يرى متابعون أنه إذا لم تحل هذه القضية فإنه من المتوقع أن يتكرر سيناريو البابا شنودة خاصة مع ازدياد نفوذ أقباط المهجر في الوقت الحالي وتصيد بعض الدول للأزمات الداخلية في مصر وتصديرها دوليًا.لم تختلف سياسة الرئيس السيسي في التعامل مع ملف الفتنة الطائفية عما سبقوه، فمع ازدياد أحداث الفتنة الطائفية، خاصة أحداث المنيا ومدينة الكرم وأحداث بني سويف، فيتم تسوية الخلاف بالجلسات العرفية، وعندما قرر الرئيس التدخل استضاف البابا تواضروس للحديث حول الوحدة الوطنية وعلاقة المسلمين والمسيحيين المترابطة منذ القدم، مشدداً على أن ما يمر به واقعنا الإقليمي يعد دليلاً دامغاً على أهمية تمسك المصريين بالقيم المجتمعية الأصيلة التي تميز المجتمع المصري وتحميه من أية محاولات لتقسيمه والتفريق بين أبنائه، الذين عاشوا جميعا كوحدة واحدة عبر عقود ممتدة، وأن مصر تتعرض لهجمات شرسة من العنف والإرهاب إلا أن الأمور تتحسن تدريجيا، كما أن التوصيات المطروحة بأن يتم التعامل مع الملف الطائفي بالقانون ويتم اعتبار الأحداث الطائفية جرائم جنائية، دون ان يتم تطبيق ذلك، يظهر أن سياسة الدولة تجاه الحوادث الطائفية تتبع صفة «المسكنات».