الاستفزازات العسكرية بين إيران وإسرائيل تنذر بتفجير صراع شامل بين الدولتين.. إرهاصات الحرب بين "القوتين النوويتين" تلوح في الأفق

الاستفزازات العسكرية بين إيران وإسرائيل
الاستفزازات العسكرية بين إيران وإسرائيل

التصعيد العسكري المتزايد بين إسرائيل وإيران، القوتين النوويتين، ورغبة تل أبيب الملحة في منع طهران من تصدير الأسلحة المتطورة إلى وكلائها الملاصقين للحدود الإسرائيلية، سواء في لبنان أو سوريا أو غزة فضلا عن العراق واليمن، وفي المقابل رغبة إيران في توسيع وبسط نفوذها في هذه المناطق، كذلك خروج العديد من التقارير الصحفية العبرية والتصريحات من قبل مسؤولين إسرائيليين، بمن فيهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، التي تحذر من قرب توجيه إيران ضربة عسكرية ضد اسرائيل، كل ذلك ينذر باحتمالية الانخراط في صراع عسكري شامل بين الدولتين. ولعل ذلك ما دفع وزير الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينت، إلى إعداد خطة هجومية جديدة يقول إنها تعتمد على شن هجمات متواصلة ومنتظمة على القوات الإيرانية في المحيط الإسرائيلي، ما يعتبر نهجا مغايرا لسياسة تل أبيب السابقة في تعاملها مع طهران المعتمدة على الضربات الخاطفة الدقيقة.

وحول ذلك، يقول هاني سليمان، المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات، والخبير في الشأن الإيراني، "هناك خط من التوتر بين إسرائيل وإيران، لكن حجم هذا التوتر مثله مثل حجم التوتر والخلاف ما بين واشنطن وطهران، لم يصل إلى الحد الذي يأذن بوجود حرب مباشرة، وبدلا من ذلك سنشهد حالات من الكر والفر ولعبة توجيه الضربات غير المباشرة، أو شن غارات من وقت لآخر"، مضيفا "نعم قد يكون هناك في الداخل الإسرائيلي مخاوف ومحاذير وقلق طوال الوقت من تطوير إيران لبرنامجها النووي ودعم أذرعها ووكلائها في المحيط الإسرائيلي، لكن مع كل ذلك، فإن فكرة الحرب التقليدية أو شن حرب مباشرة على دولة ما أصبحت الآن من الصعوبة بمكان؛ فهناك أدوات غير مباشرة كالعقوبات الاقتصادية أو العزلة السياسية أو تفجير الأوضاع في الداخل من خلال الاحتجاجات و الضغط على النظام ومحاولة تقليم أظافره وميليشياته، لكن عند الحديث عن حرب مباشرة أعتقد أن إسرائيل نفسها غير مستعدة لها في هذا التوقيت".

ويرى "سليمان"، في تصريحات خاصة ل "أهل مصر"، أن "إسرائيل لديها هامش الرغبة في عدم القضاء على إيران بشكل كامل، وقد تكون هذه رغبة واشنطن أيضا، وذلك لاستخدامها كأداة توازن مع الدول العربية، لكن ما جعل موقف إسرائيل يتحول هو وجود قوات الحرس الثوري الإيراني على حدودها في الداخل السوري، وهذا ما أدى إلى تغيير الموقف بعض الشيء في زيادة التوتر مع طهران".

واستبعد الخبير في الشأن الإيراني مهاجمة إسرائيل لإيران باستغلال الظرف الداخلي لطهران، من غضب شعبي واحتجاجات، وقال إن ذلك "أمر مستبعد، لأكثر من اعتبارا"، موضحا أن "الخطاب السياسي الإيراني تجاه القضية الفلسطينية مليء بالشعارات والمُثل والتغني بالقضية الفلسطينية كأداة، وليست حاضرة بشكل استراتيجي في السلوك الإيراني، بدليل أن حجم المواجهة الإيرانية الإسرائيلية أو استهداف المصالح الإسرائيلية ضعيف جدا مقارنة باستهداف إيران للدول العربية"، لافتا إلى أن ذلك "جزء أيديولوجي ثابت"، مضيفا أنه "على الجانب الآخر فإن الظرف التاريخي الخاص بالحكومة الإسرائيلية والأوضاع الحالية لا تبشر بقدرة النخبة السياسية على اتخاذ مثل هذا القرار، في ظل إقليم مضطرب وحسابات قد تكون لها رد مباشر من إيران بشكل يحدث ألم في الداخل الإسرائيلي".

برزت أصوات في الداخل الإسرائيلي تحذر من احتمالية تخلي أمريكا عن دعمها المتواصل لإسرائيل، مستندين في ذلك إلى حقيقة عدم رد واشنطن على هجمات طهران على منشأتي النفط التابعتين لشركة "أرامكو" السعودية، وغيرها من الاستفزازات، وحول ذلك، يقول "سليمان" إن إدارة "ترامب" هي إدارة بفكر رجال الأعمال، وحسابات المكسب والخسارة، لكن يظلل الخط الاستراتيجي الواصل بين واشنطن وتل أبيب موجود بالفعل، بوجود بعض العناصر اليهودية التي لها علاقة ب"ترامب" والمؤثرة في صنع القرار، أمثال "جاريد كوشنر"، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي، وغيره، فالدعم الأمريكي موجود ومتواصل".

اقرأ أيضاً: نتنياهو يتهم إيران باستغلال أراضي اليمن لمهاجمة إسرائيل بصواريخ دقيقة

و بشأن ما إذا كانت تلك المخاوف والتحذيرات الإسرائيلية ما هي إلا لدوافع سياسية، كأن تكون مثلا لغرض الدفع باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية- وهو ما يريده نتنياهو- على اعتبار أنه كلما تزايدت التهديدات الخارجية، تزايدت معها تبعا لذلك فرص تشكيل مثل هذه الحكومة، يقول "سليمان" إن "الصراع بين النخبة السياسية الاسرائيلية وحالة عدم الاستقرار السياسي، يجعلنا نعيد قراءة بعض الأحداث"، موضحا أن "الحرب على قطاع غزة أو تصعيد الأمور باتجاه معين أو تصدير فكرة الحرب لمحاولة التأثير على الأوضاع السياسية الداخلية أو الخروج من مأزق داخلى أمر تكرر أكثر من مرة من قبل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، ومنها الحكومة الحالية، التي ما إن وصلت إلى نفق مسدود، تلجأ إلى التصعيد، سواء مع غزة أو مع إيران، فهذا غير مستبعد، فقد يكون هناك استغلال للظرف سياسيا، وتوليد حدث غير موجود أصلا".

اقرأ أيضاً: خامنئي: إيران لا تدعو إلى القضاء على اليهود‎

من جهتها، ترى "سارة شريف"، المتخصصة في الشأن الإسرائيلي، أنه إذا حدث واندلعت مواجهات بين الطرفين في القريب العاجل، فإن "إيران هي من قد تبدأ بالهجوم؛ لأنه سيكون بمثابة رد إيراني على هجوم إسرائيل على أهداف إيرانية في سوريا في وقت سابق"، لافتة إلى أن هناك ثلاثة سيناريوهات لهذا الرد، موضحة أن "السيناريو الأول هو أن تتجاهل إيران الرد خلال الفترة الحالية إلى أن تهاجم تل أبيب أهدافا أخرى لها في سوريا"، مضيفة أن "السيناريو الثاني هو أن تنفذ إيران عملية محدودة تستهدف مواقع غير عسكرية في الجبهة الشمالية الإسرائيلية، كرد لحفظ ماء الوجه ولا يشمل تصعيدا خطيرا يستدعي دخول إسرائيل معها في مواجهة عسكرية شاملة، والسيناريو الثالث هو أن تضرب إيران أهدافا عسكرية في العمق الإسرائيلي"، ولكنها استبعدت السيناريو الأخير مرجحة حدوث السيناريوهين الأول والثاني.

اقرأ أيضاً: وزير الخارجية الإسرائيلي يلوح بالتحرك عسكريًا ضد إيران: هذا الخيار مطروح

وحول ما إذا كان من المستبعد أن تتخذ اسرائيل قرار الحرب حاليا خاصة وأن حكومة تسيير الأعمال الحالية غير مخولة باتخاذ مثل هذه القرارات الهامة، وكذلك في ظل أزمة تشكيل حكومة جديدة، رأت المتخصصة في الشأن الإسرائيلي، في تصريحات خاصة ل "أهل مصر"، أن "ذلك لا يمنع الحرب"، معتبرة أن "الوضع السياسي المتوتر في إسرائيل هو عامل لشن حرب وليس وقفها"، موضحة أن "إسرائيل تدار بشكل مختلف بعض الشيء، فحتى لو لم تكن هناك أزمة سياسية، ففي حالة الحرب والخطر، لا ينظر الى رئيس الوزراء ولا لغيره، ولكن ما يحدث هو تحول إسرائيل لجبهة واحدة، سواء الأجهزة الأمنية أو القيادة السياسية، ويتخذون القرارات التي يرون أنها في الصالح الإسرائيلي بصرف النظر عن الخلافات السياسية بينهم".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً
عاجل
عاجل
السيسي: مستعدون لتعزيز التعاون مع القطاع الخاص الأجنبي وتفعيل مشروعات مشتركة