ظهرت الدعوة لغلق باب الاجتهاد في القرن السادس عشر الميلادي وبعد نحو قرنين اثنين فقط من اكتمال المدارس الفقهية الأربعة. وكان من بين العلماء الذين أفتوا بغلق باب الاجتهاد القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض وهو فقيه يتبع مدرسة الفقه المالكي بالأساس، وذكر القاضي عياض في صفحة 63 من الجزء الأول من كتابه ترتيب المدارك وتقريب المسالك : “أن الإمام لمن التزم تقليد مذهبه كالنبي عليه السلام مع أمته، ولا يحل له مخالفته.” كما قال الإمام محى الدين النووي وهو أحد أشهر فقهاء المدرسة الشافعية في الفقه بغلق باب الاجتهاد، وقال الإمام النووي في صفحة 43 من المجلد الأول من كتابه المجموع شرح المهذب: إنه من المرجح أن باب الاجتهاد المطلق قد أغلق قبل القرن الرابع من الهجرة.
اقرأ ايضا .. نشأة الفقه ومأزق التقليد وهل الفقهاء وسطاء بين المسلمين وبين الله ؟
وحول هذه النقطة الشائكة ذهب الأستاذ الدكتور وثيق بن مولود استاذ الشريعة في كلية العلوم الإسلامية بجامعة الجزائر إن الاجتهاد هو روح الأمة وقلبها النابض، إذ الحياة حولها لا تتوقف لحظة، وحين يغلق دون علمائها الاجتهاد فإن ذلك يجمد رصيد الأمة العلمي والفكري، وتنقطع صلة أبنائها بالتراث والتاريخ، وتتوقف نوالها، وتبقى تكرر الماضي دون مواكبة الحادث واستشراف المستقبل، وهذا يخالف مبدأ التجديد الذي تشوفت الشريعة إلى تحقيقه. واعتبر بن مدلول أن غلق باب الاجتهاد جعل من الفقه مجرد حفظ نصوص المذاهب والفتوى بمقتضاها، وعدم الخروج عنها بحال، حتى انتشرت مقولة “إذا كان في المسألة قولان فلا تحدث ثالثا".