يقول الله عز وجل في الآية 21 من سورة الحشر : وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون ، ويقول المولى في سورة البقرة :كذٰلك يبين الله لكم الايات لعلكم تتفكرون . وجاء في معنى تتفكرون في تفسير السعدي : لكي تستعملوا أفكاركم في أسرار شرعه وتعرفوا أن أوامره . ويقول المولى في سورة آل عمران : الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلىٰ جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض، ويقول البغوي في تفسير ( يتفكرون ) في هذه الآية : الفكرة تذهب الغفلة وتحدث للقلب الخشية كما يحدث الماء للزرع النبات ، وما جليت القلوب بمثل الأحزان ولا استنارت بمثل الفكرة. وهو ما ذهب معه أبو حامد الغزالي إلى أن التفكير فريضة إسلامية.
اقرأ ايضا .. نشأة الفقه ومأزق التقليد وهل الفقهاء وسطاء بين المسلمين وبين الله ؟
وقد عبر الإمام أبو حامد الغزالي عن فهمه لآيات التفكر التي وردت في آيات القرآن الكريم بتأسيسه لفكرته حول إعمال العقل التي بنى عليها كتابه إحياء علوم الدين وهو الكتاب الأشهر للغزالي الذي عبر فيه عن شغفه بالعلم والبحث عن الحقيقة، وقد اتبع منهجا عقليا يقوم على فكرتين أساسيتين هما: الشك، والحدس الذهني. وقد عبر عن ذلك بوضوح في قوله: “إن العلم اليقيني هو الذي يُكشف فيه المعلوم انكشافا لا يبقى معه ريب، ولا يقارنه إمكان الغلط والوهم”. وقد عبر الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين عن تجربة البحث عن الحقيقة التي تبدأ عنده بالشك فيقول: ( فأقبلت بجد بليغ أتأمل في المحسوسات والضروريات وأنظر: هل يمكنني أن أشكك نفسي فيها؟ فانتهى بي طول التشكيك إلى أن لم تسمح نفسي بتسليم الأمان في المحسوسات أيضا) . وهو يفسر ذلك بأنه ( من لم يشك لم ينظر، ومن لم ينظر لم يبصر، ومن لم يبصر يبقى في العمى والضلال ).