يأتي الإنسان للدنيا مستقلًا قطار العمر الذي يمر بمحطات الحياة الواحدة تلو الأخرى، هذه المحطات المتباينة، يجب ألا يقف الإنسان عند النافذة لينظر إليها، دون أن يربط بين فلسفة وجوده في هذه الحياة وبينها، و يقضي لحظات وقوفه فيها تاركًا رسالة حب ومودة وسلامة وعطاء قبل أن يغادرها.
الإنسانية التي يتعامل بها الراكب في هذه المحطات، هي التي تحدد درجة الرحلة، دون النظر إلى دين أوعرق أو سلطان أو جاه، وهي التي تميز قطار عن غيره في زحام القطارات التي تمر بمحطات القلوب فلا تنشغل إلا بأكثرها عطاءً وحبًا؛ لأن الغاية الأسمى من الحياة هي الإنسانية.
لاشك أن الرحلة ستمر بصعوبات، لكن يجب أن يترك الراكب بصمة قبل أن يغادر هذه المحطات، كما ترك من سبقوه إليها وحفروا أسماءهم في القلوب، ولم يكن ذلك لطول بقاءهم وإنما لكثرة عطائهم.
القطار الذي يستقله صاحبه دون تذكرة؛ لأن الركوب فيه حتمي لا محالة، يحتاج لكي تستمر الرحلة على قضبان القلوب؛ إلى وقود يستمده من قلوب الأشهاد الذين يقفون في المحطات شهودًا على القطارات التي تمر بها، فيحددون التي ستمر حتى تصل إلى نهاية الرحلة، والتي ستغادر المسار منزلقة عن القضبان، دون أن تكتمل رحلة الوصول إلى القلوب.