استخدمت كلا من روسيا والصين، اليوم السبت، حق النقض (الفيتو) بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع وصول مساعدات إنسانية عبر نقاط حدودية معينة إلى سوريا، مما أثار غضب وزير الخارجية الأمريكي الذي اتهمهما بأن أيديهما ملطخة بالدماء، وذلك في وقت تَعتبر تقارير صحفية أن تلك المساعدات غاية في الضرورة خاصة في ظل معاناة المدنيين مع استمرار الحرب في إدلب وشمال شرق سوريا، كذلك مع تأكيد الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني هذا العام كان أسوأ من العام الماضي، فلماذا تمنع روسيا وصول المساعدات الإنسانية إلى سوريا؟
قال مايك بومبيو، وزير الخارجية الأمريكي، اليوم السبت، إن أيدي كلا من روسيا والصين ملطختان بالدماء بعد أن استخدم البلدان حق النقض (الفيتو) لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع وصول المساعدات عبر الحدود من تركيا والعراق إلى ملايين المدنيين السوريين.
وأضاف "بومبيو" في بيان إن "الفيتو الروسي الصيني أمس حول قرار مجلس الأمن الذي يسمح للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى ملايين السوريين أمر مخز"، معتبرا أن "روسيا والصين- اللتين اختارتا الإدلاء ببيان سياسي من خلال معارضة هذا القرار- أيديهما ملطخة بالدماء".
وقدمت روسيا بدعم من الصين، أمس الجمعة، حق النقض الرابع عشر لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة منذ بدء الصراع السوري في عام 2011.
وفي أكتوبر الماضي، وسط فوضى متزايدة في سوريا، أمر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، فجأة جميع القوات الأمريكية بالانسحاب من شمال البلاد لتفادي نزاع دموي بين تركيا والمقاتلين الأكراد الذين كانت تدعمهم الولايات المتحدة سابقًا.
ووفقا لصحيفة "الجارديان" البريطانية، فإن المساعدات الحيوية عبر الحدود لسوريا أصبحت الآن تعاني من هذا التهديد بعد أن تعذر على مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التغلب على الاعتراضات الروسية والصينية على البرنامج.
وبحسب "الجارديان"، فإن تلك المساعدات- التي يتم إرسالها عبر الحدود من خلال أربع نقاط تفتيش معتمدة من الأمم المتحدة ودون إذن رسمي من النظام السوري- تعتبر غاية في الأهمية مع استمرار الأزمة الإنسانية في إدلب وشمال شرق سوريا.
وطوال الأسبوعين الماضيين، كان مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يفكر في قرارين بديلين بشأن تسليم المساعدات عبر الحدود إلى سوريا.
وأمس الجمعة، استخدمت روسيا، بدعم من الصين، حق النقض (الفيتو) لمنع وصول المساعدات عبر الحدود لملايين المدنيين السوريين.
لماذا منعت روسيا وصول المساعدات؟
ويرى دبلوماسيون غربيون أن الموقف الروسي يعود لرغبتها بعدم وصول المساعدات إلى مناطق ليست تحت سيطرة النظام أو حلفائه.
فقد أبلغ السفير الروسي، فاسيلي نبينيزيا، مجلس الأمن، في وقت سابق من الشهر الماضي، أن المساعدات العابرة للحدود "لا يمكن أن تستمر كما هي حاليا"، مضيفا أن الشحنات تقع "في أيدي إرهابيين" ويعاد بيعها للسوريين بأثمان مرتفعة في السوق السوداء.
وقدمت روسيا مشروعاً خاصاً بها لم يتم تبنيه لأنه لم يحصل على العدد الكافي من الأصوات؛ فقد حصل على تأييد خمس دول ومعارضة ست وامتناع أربع دول.
كان القرار الذي صاغته بلجيكا والكويت وألمانيا قد سمح بوصول المساعدات الإنسانية عبر الحدود لعام إضافي آخر من نقطتين في تركيا وأخرى في العراق. لكن روسيا، حليفة سوريا، أرادت فقط الموافقة على المعبر التركي ولمدة ستة أشهر فقط.
من جهتهم، يتوق دبلوماسيو الأمم المتحدة للتوصل إلى اتفاق في هذا الشأن قبل نهاية العام، خشية أن يكون حل هذه القضية أكثر صعوبة في موعد قريب من الموعد النهائي في 10 يناير المقبل، حيث ستكون هناك عضوية جديدة في مجلس الأمن الدولي العام الجديد. علما أن القرار الحالي، الذي يسمح بتقديم المساعدات عبر المعابر الحدودية، تنتهي صلاحيته في العاشر من الشهر القادم.
كان قرار تقديم شحنات المساعدات عبر الحدود إلى سوريا اتُخذ لأول مرة في يوليو 2014 بعد الحرب الأهلية التي جعلت من المستحيل على المدنيين الوصول إلى المساعدات الإنسانية.
وقالت مساعدة الأمين العام بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، أورسولا مويلر، إن الوضع الإنساني كان أسوأ من العام الماضي، وإن تخفيض عدد المعابر غير مبرر، مضيفة أنه "بدون إتمام هذه العملية عبر الحدود، سنشهد نهاية فورية للمساعدات التي تدعم ملايين المدنيين. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة سريعة في الجوع والمرض، مما يؤدي إلى الوفاة والمعاناة والمزيد من النزوح - بما في ذلك عبر الحدود- بالنسبة للسكان الضعفاء الذين عانوا بالفعل من مأساة لا توصف نتيجة لنحو تسع سنوات من الصراع".
من جانبها، قالت سفيرة المملكة المتحدة لدى الأمم المتحدة، كارين بيرس: "إذا لم تساعد الأمم المتحدة هذه المجتمعات، فلا يوجد دليل، لا يوجد دليل على الإطلاق على الاعتقاد بأن الحكومة السورية تريد أو يمكنها أو ستقدم هذه المساعدة".
بدورها، تحث لجنة الإنقاذ الدولية، إلى جانب مجموعة من وكالات الإغاثة الأخرى، مجلس الأمن على عدم تقليص حجم المساعدات.