رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن إعلان جبهة النصرة في سوريا انفصالها عن تنظيم القاعدة أو أي كيان خارجي آخر يحمل في طياته تحركًا استراتيجيًا مهمًا تسعى الجبهة من خلاله إلى الهيمنة على تنظيمات مقاومة لنظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وقالت الصحيفة - في تقرير بثته على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد - إن القليل من قادة الحرب الأهلية في سوريا التي تدور رحاها للعام الخامس على التولي اعتبر إعلان زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني انتصارا لصالح الأيديولوجية المعتدلة لفكر المعارضة.
وذكرت أنه "رغم قرار الجولاني بتغيير اسم الجبهة إلى جبهة فتح الشام، فإن القليل جدا من النقاد والمحللين يصدقون أنه حقا قرر يحدث تغييرا في عقيدة جبهته، ويعتقدون أن الجولاني يسعى بخطوته تلك إلى بسط هيمنته على مناطق شمال غربي سوريا – وهي أكبر معقل متبقى لدى صفوف المعارضة في حربهم ضد الرئيس بشار الأسد".
وأضافت "بالتالي، فإن فصائل المعارضة الهشة والضعيفة في سوريا قد تجد نفسها مضطرة للاختيار بين أمرين مستحيلين، هما إما أن تتحد مع الجماعات الجهادية أو مع من يتلقون دعما من الغرب من أجل إنهاء الصراع".
ونقلت الصحيفة عن أحد رموز المعارضة - فضَّل عدم ذكر اسمه - قوله إن "جبهة النصرة تبذل محاولة من أجل قيادة المعارضة في الشمال، وبالتالي فإنها قد تكسب من وراء انفصالها عن القاعدة وتخرج أقوى مما كانت عليه".
وأشارت الصحيفة إلى أن هذا القرار الجديد الذي اتخذه الجولاني جاء بالتزامن مع تفعيل اتفاق طالما طال انتظاره بين المتناحرتين موسكو وواشنطن، حيث من المحتمل أن تنسق القوتان شن هجمات عسكرية ضد جبهة النصرة، فيما تسعى الولايات المتحدة وروسيا إلى التوافق بشأن صياغة إطار لاتفاق سلام ينهى الصراع في سوريا.
وأردفت الصحيفة البريطانية تقول إنه "رغم وصف الأمر على أنه انفصال عن تنظيم القاعدة، إلا أن الجولاني - الذي أظهر وجهه لأول مرة في شريط الفيديو الذي سجله للإعلان عن قراره - لم يعلن بشكل واضح تراجعه عن ولائه للتنظيم، فيما توجد مؤشرات واضحة تؤكد أنه لم يهجر أيديولوجية فكر القاعدة، حيث ظهر الجولاني وهو يرتدي زيا أشبه بزي قائد القاعدة الراحل أسامة بن لادن، وهو الزي العسكري والعمامة البيضاء، متعهدا بحماية الجهاد في سوريا".
وفي السياق ذاته، قال مسئولون غربيون وروس إن التسمية الجديدة للجبهة لن تثنيهم عن استهداف الجبهة، التي تعد أقوى جماعة مسلحة في سوريا، غير أن بعض المعارضين يرون أن استهداف الجبهة - الذي سوف يضر بالتأكيد بالمدنيين - قد يؤدي إلى تعزيز قوة الجولاني وزيادة حجم التأييد له".