لحظة مرّغت أنف أمريكا بالوحل.. متظاهرو العراق يقتحمون سفارة واشنطن في بغداد ويطالبون بإغلاقها.. ومحللون: يريدون إخراج القوات الأجنبية من بلادهم

السفارة الأمريكية

تجمع المئات من المحتجين الموالين للحشد الشعبي العراقي بمحيط السفارة الأمريكية في بغداد للتنديد بالضربات الجوية التي شنتها واشنطن، أول أمس الأحد، على مقار للحشد في قضاء القائم بمحافظة الأنبار، فضلا عن مواقع أخرى في سوريا والتي راح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين، وأشعلوا حرائق في السياج الخارجي للسفارة وأضرموا النيران ببواباتها، معلنين اعتصام مفتوح أمام السفارة حتى غلقها أو طرد السفير الأمريكي، ليتطور الأمر إلى اقتحامها فعلا، في تصعيد جديد دفع محللون إلى القول إن المواجهة قد بدأت بين القوات الأمريكية والحشد ومناصري إيران داخل بغداد، فيما اعتبر آخرون أن ذلك هو للمطالبة بإخراج القوات الأمريكية من العراق.

وتناقل ناشطو مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم، مقاطع فيديو توثق تجمع مشيعي ضحايا الحشد الشعبي، وتظهر العشرات وهم يرفعون الأعلام العراقية وأعلام الحشد الشعبي، أمام مبنى السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد. ونقلت قناة "السومرية" العراقية عن المتحدث باسم كتائب حزب الله في العراق، جعفر الحسيني، إنه "لانية أبدا لاقتحام أو الاعتداء على السفارة الأمريكية في بغداد، وإنما اعتصام مفتوح إلى أن تغلق السفارة ويطرد السفير".

وعلى وقع ذلك، قال مسؤولان في وزارة الخارجية العراقية إنه "تم إجلاء السفير الأمريكي وموظفين آخرين من السفارة"، في ظل تصاعد الاحتجاجات خارجها. وأوضح المسؤولان لوكالة "رويترز"، اليوم، أن السفير والموظفين غادروا لدواع أمنية، وأن بعض موظفي أمن السفارة بقوا".

إغلاق المنطقة الخضراء

إلى ذلك، أُطلقت صافرات الإنذار في مبنى السفارة الأمريكية، وأُغلقت جميع الطرق المؤدية للمنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، صباح اليوم، على خلفية تلك الاحتجاجات. وأكد مصدر من المنطقة الخضراء، لوكالة "سبوتنيك" الروسية، "إطلاق صافرات الإنذار في السفارة، وإغلاق جميع مداخل ومخارج المنطقة الخضراء".

سقوط جرحى

ومع استمرار الاعتصام، سقط عدد من الجرحى، صباح اليوم، إثر إطلاق نار على المحتجين من داخل السفارة؛ وقالت وكالة الأنباء العراقية "واع" إن هيئة الحشد الشعبي، أعلنت سقوط 10 جرحى من المشيعين، إثر إطلاق نيران وقنابل دخانية من قبل السفارة الأمريكية. وذكر إعلام الحشد في بيان تلقته "واع" أنه "نحو 10 جرحى من الجماهير المشيعة للشهداء سقطوا إثر إطلاق نيران وقنابل دخانية من قبل السفارة الأمريكية".

وفي الأثناء، تناقلت أنباء حول تكليف جهاز مكافحة الإرهاب بحماية السفارة الأمريكية في بغداد، وردا على ذلك، نفى الجهاز، في بيان مقتضب، تكليفه بمهمة حماية أي جهة، مؤكدا أن واجباته محددة بمكافحة الإرهاب فقط، وفقا لـ"السومرية نيوز".

نداء عاجل من رئيس الوزراء

من جانبه، طلب رئيس الوزراء بحكومة تصريف الأعمال العراقية، عادل عبد المهدي، اليوم، من جميع المحتجين، المغادرة فورا، من أمام السفارة الأمريكية؛ وقال بيان للمكتب الإعلامي لرئيس الوزراء: "إن الضربة الأمريكية على قطعاتنا العسكرية يوم 29/12/2019، تمت إدانتها من قبل الحكومة بأعلى المستويات واتخذت الحكومة سلسلة إجراءات وتدابير لمعالجة الوضع بما يؤمن سيادة العراق وأمن مواطنيه"، وذلك حسب وكالة الأنباء العراقية "واع".

وتابع البيان، "إن المراسم المهيبة لتشييع الشهداء جزء من الوفاء لدمائهم الزكية الغالية، لكن بعيدا عن الاحتكاك بمباني السفارات التي تقع مسؤولية حمايتها وتأمينها على الحكومة العراقية، لذلك نطلب من الجميع المغادرة فورا بعيدا عن هذه الأماكن"، محذرا من أن "أي اعتداء أو تحرش بالسفارات والممثليات الأجنبية هو فعل ستمنعه بصرامة القوات الأمنية، وسيعاقب عليه القانون بأشد العقوبات".

قنابل الصوت تدوي بمحيط السفارة

ولكن، ومع تحذير عبد المهدي، يبدو أن الأمور تصاعدت أكثر؛ فقد أطلق عناصر حماية السفارة الأمريكية في بغداد قنابل صوت على المتظاهرين المحتجين خارج السفارة. وقالت "رويترز" أن حراس الأمن داخل السفارة الأمريكية في بغداد أطلقوا اليوم قنابل صوت على المحتجين خارج بوابة المجمع. ونقلت الوكالة أنه تم سماع دويا قويا أربع مرات.

ماذا قال ترامب؟

من جهته، اتهم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اليوم، إيران بتدبير الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد، مؤكدا أنه "أبلغ الحكومة العراقية بضرورة استخدام قواتها لحماية السفارة". وقال ترامب، في تغريدة عبر "تويتر"، إن "إيران قتلت مقاولا أمريكيا، وأصابت العديد، ما دفعنا للرد على تلك الهجمات بقوة وسوف نفعل ذلك دائما. الآن إيران تدبر هجوما على السفارة الأمريكية في العراق. وسوف يتحملون المسؤولية الكاملة. بالإضافة إلى ذلك، نتوقع أن يستخدم العراق قواته لحماية السفارة".

ارتفاع عدد مصابي الاحتجاجات

ومع إصرار المعتصمين على عدم المغادرة، ومواصلة قوى الأمن بالسفارة إطلاق الأعيرة النارية وقنابل الغاز، ارتفع عدد مصابي الاحتجاجات المتواصلة في محيط السفارة الأمريكية إلى 62 شخصا، بحسب إعلام الحشد الشعبي.

وزير الداخلية يتحرك لتهدئة الأوضاع

وفي محاولة لتهدئة المحتجين الغاضبين، وصل وزير الداخلية ياسين الياسري، اليوم، إلى مبنى السفارة الأمريكية في بغداد سعيا لتهدئة الأوضاع وفض الاعتصام قرب السفارة. ونقلت قناة وسائل إعلام عن الياسري قوله: "أنا موجود الآن مقابل السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء"، مؤكداً أن "المساعي مستمرة لتهدئة الأوضاع وفض الاعتصام والسيطرة على الأمور"، مؤكدا أن الإصابات التي وقعت بين مهاجمي السفارة نتيجة إلقاء قوات الأمن لقنابل الغاز لتفريق المحتجين، كانت بسيطة.

السفارة تصدر بيانا

وعقب محاولات اقتحامها من قبل المتظاهرين، أصدرت السفارة الأمريكية في بغداد، مساء اليوم، بيانا عاجلا طالبت فيه من المواطنين الأمريكيين، بعدم الاقتراب من محيط السفارة. وقالت في بيانها: "بسبب نشاط الاحتجاجات المستمر، يجب على المواطنين الأمريكيين عدم التوجه إلى محيط السفارة الأمريكية في بغداد". وتابعت "يجب على الأمريكيين مراعاة أمنهم الشخصي والاستعداد للطوارئ".

أمريكا تتعهد بحماية رعاياها

ومع استمرار الاعتصام، أكد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس العراقي ورئيس الوزراء، أن واشنطن عازمة على حماية والدفاع عن المواطنين الأمريكيين، في العراق. وصرحت وزارة الخارجية إن الرئيس العراقي برهم صالح، ورئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، أكدا لوزير الخارجية الأمريكي، ضمان أمن وسلامة الأمريكيين في العراق.

قلق أوروبي

أعرب الاتحاد الأوروبي عن قلقه إزاء ما يحدث بمحيط السفارة الأمريكية في بغداد؛ وقال المتحدث الرسمي باسم المفوضية للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، بيتر ستانو، بسلسلة تغريدات على "تويتر"، اليوم: "الاتحاد الأوروبي قلق بشأن الهجوم على السفارة الأمريكية في بغداد"، مؤكدا أن "السلطات العراقية واجبها حماية البعثات الدبلوماسية".

ترامب يؤلب العراقيين ضد إيران

وفي الأثناء، استغل الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الوضع المضطرب ووجه رسالة إلى "العراقيين الرافضين لهيمنة إيران"، وكتب ترامب في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" "إلى هؤلاء الملايين في العراق الذين يريدون الحرية ولا يريدون هيمنة وحكم إيران، هذا هو وقتكم".

البنتاجون يتحرك

وفي محاولة للسيطرة على الموقف، أعلن مارك إسبر، وزير الدفاع الأمريكي، أن بلاده أرسلت قوات إضافية إلى العراق لتأمين سفارة بلاده في بغداد، مؤكدا على أن بلاده اتخذت إجراءات حماية مناسبة لضمان سلامة المواطنين الأمريكيين هناك، داعيا الحكومة العراقية، للوفاء بالتزاماتها الدولية بالمساعدة في حماية الأمريكيين في العراق. وذلك بحسب وكالة "رويترز".

اقرأ أيضاً: ارتفاع عدد مصابي احتجاجات السفارة الأمريكية بالعراق لـ62 شخصا

المواجهة بدأت داخل بغداد

وفي تصريحات لوكالة "سبوتنيك" الروسية، قال المحلل السياسي عبد القادر الجميلي، إنه "بعد الضربة الأمريكية على مقار "كتائب حزب الله" العراقي في القائم فإن المواجهة قد بدأت بين القوات الأمريكية وبين الحشد الشعبي ومناصري إيران داخل بغداد وبقية المناطق الأخرى"، مضيفا أن "المنطقة الخضراء فتحت لآلاف من الغاضبين والمناصرين للحشد، والضحية في المواجهة بين إيران وأمريكا هو العراق".

وانتقد الجميلي الحكومة العراقية "التي اكتفت باستدعاء السفير الأمريكي للتنديد بالهجوم، لافتا إلى أن الأزمة التي يمر بها العراق الآن يقودها الحشد الشعبي أكثر مما تقودها الخارجية العراقية.

اقرأ أيضاً: بعد إحراق سفارة أمريكا في بغداد.. بومبيو: سندافع عن رعايانا

وأرجع المحلل السياسي العراقي الموقف الضعيف للحكومة العراقية تجاه الهجوم الأمريكي إلى أنها أصبحت حكومة مستقيلة وحكومة تصريف أعمال، متوقعا عدم عودة السفير الأمريكي إلى بغداد، وأن يستمر التظاهر والاعتصام في محيط المنطقة الخضراء وأمام السفارة الأمريكية من قبل مناصري الحشد، وقال: "قد تحدث مواجهات مع القوات الأمنية لا تحمد عقباها وقد تؤثر على المشهد السياسي والأمني في العاصمة وجميع المحافظات".

اقرأ أيضاً: مسؤولون أمريكيون يتوقعون إرسال قوات "مارينز" إلى سفارتهم في بغداد

إخراج القوات الأجنبية من البلاد

من جانبه رأى أمين عام حركة "الجهاد والبناء" المنضوية في الحشد الشعبي، حسن الساري، وفقا للوكالة الروسية، أن "الشعب العراقي متعاطف مع الحشد الشعبي"، معللا ذلك "بخروج أعداد كبيرة من الجماهير لتشييع جثامين ضحايا القصف الأمريكي، بالإضافة إلى الاعتصامات بالقرب من السفارة الأمريكية". ووفقا له، فإن هذا الاعتصام هو "للمطالبة بإخراج القوات الأمريكية من العراق"، لافتا إلى أنه "لا توجد نية لدى مناصري الحشد للتصادم مع القوات الأمنية في المنطقة الخضراء".

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً