رغم تحقيقها نتائج باهرة في محاربة " فيروس سي" من خلال حملة "100 مليون صحة" برعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، تسعى الحكومة المصرية إلى القضاء نهائيا على "فيروس سي" والأمراض الوبائية المعدية خلال عام 2020 من خلال اتباع نظم وقائية أهمها، التحول من استخدام السرنجات العادية إلى السرنجات ذاتية التدمير وحظرها في يونيو المقبل، حيث تعاقدت وزارة الصحة والسكان مع الهيئة العربية للتصنيع، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من السرنجات الآمنة ذاتية التدمير، حيث تستهلك مصر نحو ملياري سرنجة سنويًا، وكشفت شركة خدمات الدم بـ"فاكسيرا" إنشاء مصنع جديد للحقن ذاتية التدمير، بطاقة إنتاجية تصل لـ 200 مليون سرنجة سنويًا، بالتعاون بين وزارة الصحة، ووزارة الإنتاج الحربي، ودولة الإمارات، ومن المقرر الانتهاء من تنفيذه بعد أقل من عامين.
الحقن ذاتية التدمير
هي التي تستخدم لمرة واحدة فقط، وهي أنواع، الأول به نقطة ضعيفة في المكبس تؤدي لكسرها إذا حاول المستخدم أن يجذب المكبس بعد استعمالها لأول مرة، والنوع الثاني به مشبك معدني يعوق المكبس، بحيث لا يمكن جذبه إلى الخلف، وفى النوع الثالث تنسحب الإبرة إلى داخل أنبوب الحقنة بعد استخدامها مباشرة.
منظمة الصحة العالمية
بحسب تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية، فإن الاستخدام غير الآمن للسرنجات عالميًا تسبب في 103 ملايين حالة وفاة مبكرة، وإصابة 260 ألف حالة بمرض نقص المناعة البشرية، و21 مليون إصابة بالالتهاب الكبدي B، و2 مليون حالة إصابة بفيروس الالتهاب الكبدي C، واختارت المنظمة في منتصف العام الماضي 3 دول هي "مصر والهند وأوغندا" ضمن برنامجها للحقن الآمن الذى يهدف لاستخدام السرنجات لمرة واحدة، وتتضمن توصياتها: ترشيد اﻟﺤﻘن ﻏﻴر اﻟﻀروري، والتوجه نحو استخدام السرنجات الآمنة ذات خاصية منع إعادة الاستخدام، وكذا المساهمة في توفير الحقن الآمن في المنشآت الطبية بنسبة 90% من إجمالي المستخدم.
توصيات عالمية بتقليل الحقن
أوضح الدكتور محمد علي عز العرب، استشاري الجهاز الهضمي والكبد، ومؤسس وحدة أورام الكبد بالمعهد القومي للكبد، والمستشار الطبي للمركز المصري للحق في الدواء، أن مشكلة السرنجات البلاستيكية هي في سوء استخدامها الذي ينتج عنه نقل العدوى بالأمراض الفيروسية خاصة التهاب الكبد الوبائي C والتهاب الكبد الوبائي B بالإضافة إلى فيروس نقص المناعة البشري "الإيدز"، وقال: وجدنا هناك إعادة لاستخدام السرنجات أكثر من مرة، وهذه الحقن وسيلة خطيرة لنقل العدوى بين المدمنين، ورغم محاربة الإدمان على كافة المستويات فقد وجدنا عدوى فيروس سي وبي والإيدز تنتقل إلى نسبة كبيرة من الشباب بسبب الحقن، وهي أمراض تؤدي إلى الوفاة إذا تم إهمالها.
وقال عز العرب في تصريحات لـ"أهل مصر": هناك إعادة تدوير لهذه الحقن في بعض الأماكن، ورغم أنها جريمة يُعاقب عليها القانون فإنها تتم في المناطق النائية البعيدة عن الرقابة، وبالتالي فاستخدام السرنجات ذاتية التدمير خطوة مهمة لوجود انتشار لعدوى الفيروسات الكبدية بنسبة كبيرة سببه سوء استخدام المحاقن، خاصة أن الفلسفة العلاجية لدى أهالي الصعيد تعتمد بشكل كبير على احتواء الروشتة العلاجية على حقن، خاصة المضادات الحيوية، رغم أن هناك توصيات عالمية بتقليل أعداد الحقن خاصة في حالة توفير بديل كأدوية الشراب والأقراص، مع التوعية باحتمالية نقل العدوى الفيروسية عن طريق الحقن.
وأشار إلى أن خطوة وزارة الصحة على الطريق الصحيح ومن أهم طرق مكافحة نقل العدوى، ومن الإجراءات الوقائية للقضاء على فيروس سي 2020، خاصة مع إنشاء مصنع للحقن ذاتية التدمير، وقال: في العام القادم ستمنع مصر نهائيًا استخدام الحقن البلاستيكية، خاصة أنها تعتبر الدولة الأولى في العالم في علاج 3 ملايين مريض من فيروس سي، من خلال حملة "100 مليون صحة" التي لا تزال تواصل أداءها.
وأشار إلى أنه تم التحكم حاليًا في الانتشار، لكن القضاء على فيروس سي يعنى أن تكون نسبة الإصابة أقل من 1% من عدد السكان، وحتى يتم الوصول إلى ذلك لا يمكن الاعتماد على تقديم العلاج فقط لوجود مرضى جدد بشكل مستمر، فهناك أكثر من 100 ألف مريض سنويًا يتم إصابتهم بفيروس سي في مصر، ونسبة مصابة بفيروس B ونسبة قليلة مصابة بالإيدز.
وتابع مؤسس وحدة أورام الكبد: لا يمكن إهمال الإجراءات الوقائية حتى لا يصاب الشخص بالعدوى مرة أخرى، فالجانب الوقائي مهم كاستخدام الحقن ذاتية التدمير بجانب مكافحة العدوى داخل المستشفيات، والتخلص الآمن من النفايات الطبية، وتأمين نقل الدم، مع التوعية الصحية للعاملين في المجال، وهناك مبادرة حاليًا لتقديم التوعية في صالونات الحلاقة والتجميل والصالات الرياضية، وهي خطوات مهمة للقضاء فعليًا على فيروس سي.
وأضاف: لا توجد إحصائية رسمية دقيقة بأعداد الإصابة بفيروس سي نتيجة استخدام السرنجات العادية، ولكن نسبتها لا تقل في مصر عن 30% من المصابين، وباقي العدد يتم نقل العدوى عن طريق العمليات الجراحية والاستخدام السيئ لأدوات الحلاقة وفي عيادات الأسنان، وغيرها، مشيرًا إلى أن استخدام السرنجات العادية كبير جدًا في مصر وبالتالي سيتم منعها وحظرها بالتدريج، لأن عدد السرنجات ذاتية التدمير لن يكفي الاستخدام.
3 أضرار رئيسية
ومن جانبه، علق الدكتور على عوف، رئيس شعبة الأدوية بالغرف التجارية، بالقول إنه لا توجد إحصائية واضحة لاستخدام السرنجات العادية في مصر ولكن لن تقل عن مليار سرنجة سنويًا، بسبب انتشار ثقافة الحقن على رأس الأدوية، وهناك سوء استخدام بالإضافة إلى استخدامها في المستشفيات والمنشآت الطبية، مشيرًا إلى أنه من المفترض أن يبدأ استخدام الحقن ذاتية التدمير في 2020 وفقًا لقرارات منظمة الصحة العالمية.
وقال عوف: الحقن ذاتية التدمير لها مميزات كثيرة منها منع انتشار العدوى خاصة فيروس سي الذي تسعى مصر للقضاء عليه تمامًا، خصوصا لأن السرنجات العادية لها 3 أضرار رئيسية، فأولًا يتم جمعها وتعقيمها وتغليفها مرة أخرى لبيعها في الأسواق مسببة الأمراض المعدية، وثانيًا تتم إعادة استخدامها من قبل المدمنين، وثالثا انتقال العدوى لجامعي القمامة، خاصة لأن سن السرنجة يكون غير مغطى وبالتالي يتعرض كثيرون منهم لمخاطر صحية كبيرة.
وأشار عوف، في حديثه لـ"أهل مصر" إلى ميزة الحقن ذاتية التدمير في كسر سن السرنجة بعد الاستخدام بشكل يمنع إعادة استعمالها، وأن المشكلة ستكون في تكلفتها فالسرنجات العادية تكلفتها من 1- 2 جنيه، ولكن ذاتية التدمير ستنزل الأسواق بـ5 جنيهات، مثلا وبالتالي ستكون أغلى على المرضى، موضحًا أنه لن يتم حظر العادية تمامًا لأنها لن تغطي استخدام المصريين بالكامل فلدينا أكثر من 100 مصنع للسرنجات في مصر وعلى الرغم من ذلك نستورد من الخارج، ولكن في النهاية هي تجربة جيدة لأن الوقاية خير من العلاج.