يحتفل العالم العربي في الثامن من يناير من كل عام باليوم العربي لمحو الامية ، والذي يأتي فرصة للتذكير بهذا التحدي الذي يعيق الجهود العربية نحو التقدم والتنمية، ويسلط الضوء على أهمية توحيد الجهود العربية بهدف القضاء على الامية والدعوة الى بذل المزيد من العمل الدؤوب وتضافر كافة الجهود الوطنية والاقليمية والدولية وابتكار اساليب غير تقليدية قادرة على المواجهة الشاملة للامية.
ورغم ما تبذله الدول العربية من جهود كبيرة وما نفذته من مشروعات وبرامج وحملات وطنية طوال الفترة الماضية، فإن الامية مازالت تمثل أحد أهم التحديات التي تواجه الوطن العربي، حيث ان الظروف السياسية التي يمر بها من نزاعات وصراعات مسلحة، بالإضافة الى بعض الموروثات الاجتماعية والثقافية مثل الزواج المبكر والتفكك الاسري والوضع الاقتصادي المحلي وعمل الاطفال والفقر والبطالة وظروف العيش وغيرها، جعلت نسبة الامية في الوطن العربي مرشحة للزيادة نتيجة عدم التحاق قرابة 13 مليون طفل عربي بالتعليم النظامي .
اقرأ أيضاً.. الجامعة العربية تعلن عن مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بالمغرب
وتعمل جامعة الدول العربية بالتعاون مع الجهات المعنية بمحو الامية وتعليم الكبار في الوطن العربي على بذل كل جهد من اجل مواجهة أحد أهم التحديات التي تواجه الدول العربية وهو القضاء على الامية ولا يمثل التحدي العمل على محو الامية الابجدية والإلمام بمبادئ القراءة والكتابة فقط، ولكن يتضمن هذا التحدي العمل على محو الامية الرقمية والثقافية وصولا إلى مجتمع المعرفة، وفي هذا الاطار اعتمدت القمة العربية المبادرة التي اطلقتها جمهورية مصر العربية خلال الدورة 25 للقمة العربية التي انعقدت في الكويت عام 2014 إعلان العقد الحالي عقداً للقضاء على الامية في جميع أنحاء الوطن العربي وذلك من خلال اعتماد برنامج عمل يهدف للتخلص من هذه الظاهرة خلال عشر سنوات (2015-2024)، وعقدت الامانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع شركاءها من الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية وكذلك منظمات المجتمع المدني خمسة اجتماعات للجنة التنسيق العليا للعقد العربي لمحو الأمية ، ومن المقرر عقد الاجتماع السادس للجنة التنسيق خلال الفترة 2020/2/3-2 بمدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية للعمل على وضع أهداف العقد العربي لمحو الامية موضع التنفيذ ،
وإدراكاً من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية لدور الاعلام واهميته في رفع وعي المواطن العربي ليصبح متفاعلا مع القضايا التنموية والمجتمعية المختلفة، فقد أعدت خطة اعلامية وخطة تنفيذية تستخدم كافة وسائل واجهزة الاعلام من اجل التوعية والتنظيم وحشد الطاقات لمواجهة مشكلة الامية، وزيادة معدلات القرائية في المناطق الحضرية والريفية والنائية من خلال استخدام الوسائل التقليدية بالإضافة الى أدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المبتكرة لإتاحة فرص التعلم المستمر مدى الحياة بما يحقق أهداف التنمية المستدامة 2030 وأهداف العقد العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار .
كما تعمل جامعة الدول العربية بالتعاون مع شركائها على اطلاق الموقع الالكتروني للعقد العربي لمحو الامية وتعليم الكبار، والذي سيكون منصة تفاعلية تتضمن الجهات الحكومية وغير الحكومية بالإضافة الى المنظمات العربية والاقليمية العاملة في هذا المجال .
ولم تغفل الامانة العامة لجامعة الدول العربية ابناء الوطن العربي الذين تضرروا من الازمات والنزاعات المسلحة ، من خلال التوقيع على مذكرة تفاهم مع شركاءها من (المنظمة الكشفية العربية، ومركز اليونسكو الاقليمي لتعليم الكبار(أسفك) بسرس الليان، والهيئة العامة لتعليم الكبار بجمهورية مصر العربية)، بحيث يتم استدعاء بعض القادة الكشفيين من أماكن النزوح وتدريبهم على محو الامية ومنحهم شهادات اجتياز دورات متخصصة في محو الامية بالتعاون مع مركز اليونسكو الاقليمي لتعليم الكبار (أسفك) والهيئة العامة لتعليم الكبار بجمهورية مصر العربية ، ليكونوا مؤهلين لتعليم وتدريب زملائهم من القادة الكشفيين في اماكن النزوح ليقوموا بدورهم بتولي مسئولية محو أمية اللاجئين والنازحين العرب في اماكن النزوح ومعسكرات اللجوء في الوطن العربي .
وبناء على مذكرة التفاهم فقط أطلقت الامانة العامة لجامعة الدول العربية (قطاع الشئون الاجتماعية – إدارة التربية والتعليم والبحث العلمي ) بالتعاون مع شركاءها الموقعين على مذكرة التفاهم، اعمال الدورة التدريبية "تنمية كفايات مدربي تعليم وتعلم الكبار للنازحين واللاجئين في الاماكن المستقرة بالدول العربية" والتي انعقدت خلال الفترة 19-23/8/2019، بمركز اليونسكو الاقليمي (أسفك) بمدينة سرس الليان بمحافظة المنوفية ، شارك بالورشة التدريبية(25) متدربًا يمثلون (6) دول عربية تعاني مشكلات النزوح واللجوء للحصول على البرنامج التدريبي الذي سيمكنهم من تدريب زملائهم الكشفيين في الاماكن المستهدفة ، ليكونوا مؤهلين للقيام بمهمة محو أمية اللاجئين والنازحين والمساهمة في القضاء على هذه الظاهرة التي تهدد التقدم والنمو في الوطن العربي .
وتجدد الامانة العامة لجامعة الدول العربية دعوتها الى كافة الدول العربية والمنظمات الاقليمية والدولية للتعاون المشترك لتعزيز الجهود الرامية لمكافحة ظاهرة الامية في الوطن العربي والتي تعد العائق الاكبر امام تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة .