مياه تفوح منها رائحة كريهة، ووحْل تنغرس أقدامك فيه رغمًا عنك، خزانات صرف صحي صغيرة أمام كل منزل، فيما يلهو الأطفال وسط المياه الراكد المحمل بكافة أنواع الفيروسات والأمراض، مشكلة تعاني منها قرية سرسنا التابعة لمركز طامية بمحافظة الفيوم منذ عشرات السنوات، رغم توالي العديد من المحافظين وأعضاء مجلس النواب الذين يعدون دائمًا بالقضاء على المشكلة ولكن دون أي تنفيذ لوعودهم.
يقول الحاج محمد، أحد أهالي القرية إنّ مشروع الصرف الصحي بدأ العمل فيه منذ عام 2010 وبالفعل قطعوا شوطًا كبيرًا في المشروع وقاموا بتوصيل المواسير في الشوارع الرئيسية، ولكن بسبب الثورة توقف المشروع وأصبح حال القرية أسوأ، مُطالبين بتدخل الهيئة الهندسية للقوات المسلحة لإنهاء المشروع، وإنقاذها من بِرك المياه، والتلوث البيئي.
اختلاط مياه الصرف بمياه الشرب
وأشار، في تصريحات خاصة لـ"أهل مصر"، إلى أنّ المياه الجوفية ازدادت وأصبح الصرف الصحي والمياه الجوفية تدميرًا للبنية الأساسية حتى وصلت نسبة الرشح أكثر من متر ونصف في حوائط كل البيوت، والأموال التي ينفقها الأهالي على بناء منازلهم ستنهار في الأرض، حيث أصبحت كل منازلهم آيلة للسقوط بسبب المياه، موضحًا أنّهم اشتكوا كثيرًا وأرسلوا الكثير من "الفاكسات" وقابلوا المحافظ والسكرتير العام وكل مرة يعدوهم بتوفير اعتماد مالي لإنهاء مشروع الصرف الصحي بالقرية.
وكشف أنّ القرية تنقسم إلى قسمين، الأول منازل قريبة من المياه العذب تقوم بتوصيل الصرف الصحي مباشرة عليه، والمنازل البعيدة عنه تقوم بعمل "طرنشات صرف صحي" أمام المنازل لتخزين الصرف فيها حتى يتم كسحه وتفريغه في المياه العذب أيضًا، وبالتالى يتم ري الأراضي بالمياه المختلط بمياه الصرف وتفسد المحاصيل، وحتى إن لم تفسد تكون ضارة للإنسان لأنها مليئة بالأمراض والفيروسات التي كانت موجودة بمياه الصرف.
25 جنيهًا لكسح المياه أسبوعيًا
أمّا "أم محمد" فتجلس أمام منزلها تلاعب ابنتها وتحكي مع جارتها، وعندما سألناها عن مشكلتها قالت "زي ما إنتوا شايفين الشوارع غرقانة صرف صحي، وحيطان البيوت مليانة رشح من المياه الجوفية الزائدة، والصرف اللي في الخزانات اللي بيسرب تحت الأرض، وكل أسبوع نجيب واحد يكسح المياه بـ 25 جنيهًا، وإحنا فلاحين على باب الله مش معانا نكسح كل أسبوع، وأحيانًا عشان مفيش فلوس بنسيب الطرنشات تغرق الشوارع.
منازل آيلة للسقوط ووحدات محلية فارغة
والتقط محمد منصور طرف الحديث قائلًا: "تعبنا كثيرًا بسبب الصرف الخاص بمنزلي، بوصله على البحر عشان بيتي جنبه، ومن في داخل المنزل يكسح بفنطاس ويلقوه في البحر أيضًا، والوحدة المحلية فارغة ولا يوجد بها موظفين ولا يرسلون أي موظفين لكسح المياه، ويتركوننا نتحمل تكلفة كسح المياه.
وبينّ أنّ المياه الجوفية بالقرية تزايدت نتيجة لتجمع الصرف بخزانات المنازل التي أصبحت متهالكة بعد مرور الكثير من الزمن عليها، لذلك فالمنازل أصبحت آيلة للسقوط ويخشون من وقوع المنازل عليهم بسبب تراكم المياه أسفل بنيتها.
ونوّه إلى أنّ مياه الصرف لم تضر منازل المواطنين فقط، ولكنها غمرت مركز شباب القرية وتهدمت أجزاء منه، بالإضافة إلى المعهد الأزهري بالقرية الذي امتلأ بالمياه وحدثت به تشققات كبيرة وواضحة جعلته آيلًا للسقوط ولا حياة لمن تنادي لم يتحرك أحد سواء من المسؤولين أو من أعضاء مجلس النواب.
إقرأ أيضًا.. إعدام 941 كيلو أغذية و763 لتر سوائل غير صالحة بالفيوم
وطالب "منصور" الدكتور أحمد الأنصاري، محافظ الفيوم، بالتدخل من أجل حل الأزمة وإنقاذ الأهالي، خصوصًا أن فصل الشتاء بدأ والأمطار كثيرة خلال الفترة الأخيرة، مما زاد الطين بلة وحوّل الشوارع كلها إلى برك من الوحل، وأصبح سير المواطنين في الشارع شبه مستحيل بالإضافة إلى الأطفال الذين يقعون في الوحل ويعودون إلى منازلهم غارقين بالطين ومياه الصرف الصحي.