يخاف جميع الناس من الموت وعلى الرغم من ان الموت هو الحقيقة الوحيدة التي يعرفها الإنسان حتى الان بشكل قاطع، فلا يوجد لدى المسلمين أو لدى غيرهم ما يمكن تسميته بفقه الموت، فهل يوجد في القرآن الكريم ما يمكن اعتباره مدخلا لفقه الموت ؟ وما هو طبيعة الموت كما جاء في القرآن الكريم ؟ وكيف يمكن للإنسان المسلم او غير المسلم أن يتعامل مع الموت؟ يقول المولى سبحانه وتعالى في سورة الملك الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ۚ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ، يقول أحمد الوتاري حول هذه الآية في كتابه بعنوان : ( فقه الوجود ) إن الموت بهذه الصفة طبق مخلوق كطبق الحياة المخلوق وليس عدمة، كما أنه ليس قبيحة أو (مضادة لطبيعة الحياة وجمالهاء ولكنه (إكمال) لقصتها، ونقلة حتمية إلى نوع من الوجود (أرقی)، يليق بما يصل إليه الوعي الانساني من تدرج خلال فرصة العمر، وما يكتسبه من خبرات وما ينتجه من ابداعات ترشحه لنوع أعلى من أنواع الخلق الإلهي له، وكما خلق ربنا الولادة وخلق الحياة بعدها وخلقنا فيها، فانه خلق الموت وسيخلقك ويخلقني فيما وراءه، فليس الموت مقاية أو نقيضا للحياة، وإنما هو مقابل الولادة، وهو مثل الولادة بالضبط في كونهما مجرد نقطة تحول أو طريقة انتقال، ومن ثم فليس الموت دافعا لبعض الحياة وإنما هو إكمال لجمالها، وبداية جديدة لما كانت الحياة قد أعدتك له
ويضيف إن سر القلق والرهبة من الموت - كما ذكر سببه الجهل بحقيقته، وإن المعرفة به تجعله أمرا طبيعيا منفي كغيره من أطباق الوجود التي ركبناها قبلها، أو سارکبها كما وعد ربنا: (گیف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم میگم ثم يخبیگم ثم إليه ترجعون) (البقرة: 28)، وننتقل من حال إلى حال كما في قوله: (لترك طبقا عن طبق) (الانشقاق: 19)، فنحن قد جئنا إلى هذه الحياة بعد مرحلة موت (سابق) كنا فيه التقينا الله قبل أن تودع أرواحنا هذه الأجساد، وذلك مصداقا لقول الله تعالى في سورة الأعراف : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ )