عادت الحياة من جديد إلى المعبد اليهودي "إلياهو هانبي" بشارع النبي دانيال بمنطقة محطة الرمل، وسط الإسكندرية، بعد الانتهاء من أعمال ترميمه وتطويره والتي استغرقت نحو عامين ونصف العام، حيث بدأت في منتصف عام 2017، بتكلفة بلغت نحو 100 مليون جنيه.
وافتتح الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، واللواء محمد الشريف، محافظ الإسكندرية، مساء اليوم الجمعة، المعبد اليهودي، وسط حضورًا دبلوماسيًا وسياسيًا على أعلى مستوى، حيث حضر الافتتاح الدكتور زاهي حواس، عالم الآثار الشهير، والدكتور مصطفي الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، والدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، والإعلامي الدكتور محمد الباز، و20 سفيرًا، فضلًا عن رئيس الطائفة اليهودية في القاهرة والإسكندرية، وعددًا من مسؤولي وزارة السياحة والآثار.
والمعبد اليهودي أو "كنيس النبي إلياهو" يُعد أهم الآثار اليهودية وأحد أقدم المعابد اليهودية بالإسكندرية، ويقع في شارع "النبي الدنيال" وسط المدينة وهو أحد أهم وأشهر شوارع عروس البحر المتوسط وأعظمها تاريخًا، يمتد من محطة الرمل حتى محطة مصر، يعود تاريخه إلى بداية بناء المدينة ذاتها، والشارع أوله مسجد وآخره المعبد ويتوسطهما كنيسة، لذا أُطلق عليه اسم "مُجمِّع الأديان" أو "حاضن الأديان"، وقيل قديمًا إن الملائكة تحرس ساكنيه.
"أهل مصر" أجرت جولة داخل المعبد اليهودي عقب افتتاحه، مساء اليوم، حيث تم الانتهاء من كافة أعمال الترميم، بعد أن كان قد تعرض لانهيارات في جزء منه خاصة "الشخشيخة" التي تقع أعلى مصلى السيدات وذلك بسبب الأمطار والنوات التي مرت على الإسكندرية في فصل الشتاء، وتم إغلاق المعبد مؤقتًا لحين الانتهاء من أعمال الترميم.
تم إنشاؤه في عام 1354، إلا أنه تعرض للقصف من الحملة الفرنسية على مصر وأُعيد بناؤه مرة ثانية في عام 1850 بتوجيه ومساهمة من أسرة محمد علي، ويتعدى عمر المعبد اليهودي 166 سنة، ويرجع تاريخ تشييد المعبد بشكله الحالي إلى عام 1881 ميلادية نسبة إلى كنيس يهودي، وتم تسجيله في عداد الآثار بالإسكندرية وفقا للقرار الوزاري رقم 16 لسنة 1987.
-اقرأ أيضًا: وزير السياحة والآثار ومحافظ الإسكندرية يفتتحان المعبد اليهودي (صور)
وتضمنت أعمال الترميم والتطوير 25 شمعدانًا و15 نجفة والمذبح والمصلى والأسفار ولفائف التوراة، والزخارف والعناصر الخشبية والنحاسية ونظم الإضاءة والتأمين والإنذار، والتدعيم الإنشائي للمبنى والترميم المعماري الدقيق للواجهات الرئيسية والحوائط المزخرفة.
ويتسع المعبد اليهودي لـ 700 مصل، حيث يُعتبر أكبر المعابد اليهودية في الشرق الأوسط؛ كما يضم بداخله مكتبة مركزية تحوي 50 نسخة قديمة من التوراة، ويضم المبنى مقر الطائفة اليهودية بالإسكندرية، وكذا مبنى المحكمة اليهودية، ويعد من المعابد الأثرية من الناحية المعمارية، حيث جرى تشييده على الطراز البازيليكي، ويتكون من طابقين، وتقع شرفة السيدات بالطابق الثاني، بينما يقع المدخل الرئيسي بالواجهة الغربية ويعلوه نجمة سداسية وكتابات عبرية، بينما من الداخل يتكون من 3 أروقة تحتوي على صفين من الدعامات والأعمدة، ويعد الرواق الأوسط أكبر من الرواقين الجانبيين، كما يضم المعبد صفوفًا من المقاعد الخشبية تسع 700 شخص.
كما يضم المعبد اليهودي صناديق من الرخام مخصصة لجمع التبرعات لليهود من الفقراء والمرضى، وأعلى التابوت هناك مصابيح فضية مصممة بطرز قديمة، وفي غرفة خلفية بالمعبد هناك ما يُعرف بكرسي إلياس، أو كرسي النبي إلياهو، الذي كان يستخدم قديمة لممارسة طقوس الختان، التي تمثل طقسًا رئيسًا من طقوس الديانة اليهودية.
وقال الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، إن المعبد اليهودي يُعد أحد وأهم وأقدم المعابد اليهودية الباقية في مصر، وقد خصص البابا جزء من أرض الكنيسة المرقسية لإقامة المعبد اليهودي في القرن التاسع عشر.
وأشار العناني، خلال كلمته في الافتتاح، إلي أن أعمال الترميم بالمعبد اليهودي تضمنت المذبح والمصلى والأسفار ولفائف التوراة فضلًا عن الزخارف والعناصر الخشبية والنحاسية والنجف والشمعدان بالإضافة إلى نظم الإضاءة والتأمين والإنذار، والتدعيم الإنشائي للمبنى والترميم المعماري الدقيق للواجهات الرئيسية والحوائط المزخرفة.
وأكد الوزير، أن ترميم المعبد رسالة للعالم مفادها أن الدولة المصرية تهتم بجميع الأديان وترميم المساجد والكنائس والمعابد الموجودة في مختلف المحافظات، لافتا إلى أنه برهان على أن جميع المصريين نسيج واحد متكامل، مشيرًا إلى أن افتتاح المعبد اليوم يعد حقا من حقوق الإنسان وإقامة الشعائر الدينية.
وقال الدكتور حسين عبد البصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية، إن افتتاح المعبد اليهودي "إلياهو هنابي" بالإسكندرية يؤكد أن مصر مركز ثقافي ومهد الأديان السماوية حيث تضم عدد من المتاحف والمعابد المختلفة، مشيرًا إلي أن مصر تضم عدد كبير من المتاحف والمعابد المختلفة وجميعها يتم الاهتمام بها بشكل كبير.
وأكد عبد البصير، في تصريحاتٍ خاصة لـ"أهل مصر"، علي هامش افتتاح المعبد اليهودي بالإسكندرية، أن القيادة السياسية تولي أهمية كبيرة بملف الآثار والسياحة بهدف الحفاظ على التراث الثقافي الكبير الذي تمتلكه مصر على أرضها، مشيرًا إلي أن ترميم المعبد اليهودي خطوة مهمة للحفاظ على تاريخه الطويل والموجود على أرض مصرية، ونموذج يحتذى به في نشر التسامح الديني ورسالة للعالم أجمع أن مصر بلد الأمن والأمان، مؤكدًا أن وزارة السياحة والآثار تحافظ على كل قطعة أثرية وترممها وفقًا لحالته بغض النظر عن الديانة التي تعبر عنها.