أهانوه «كما لو كان مصريًا» شعار المرحلة.. وخبراء:«الوضع كله مهينًا»

ينص الدستور على أن كل من يحمل الجنسية ويحيا على تلك الأرض فهو «مواطن مصري»، إلا أن تلك الصفة تسببت لحامليها نوع آخر من التعامل لم يكن يتوقعوه يومًا.

«كما لو كان مصريًا» تعبير أخذ مساحة كبيرة من «إفيهات» المصريين أنفسهم خلال الفترة الماضية آخرها كان تعليقًا على رسالة اللاعب السابق لنادي الزمالك محمد كوفي إلى جماهير الزمالك بعدما اعترض على إهانة رئيس النادي.

أربعة مواقف بدأت من نقطة ليست معلومة بالتحديد، لكنها ظهرت مؤخرًا بشكل ملفت ربطت بين «المصري» و «الإهانة»، دار أحدها في ملاعب الكرة، وأخر خارجها، وسبقها تصريح دولي، ونائبة في البرلمان.

«والدة ريجيني وأول كما»

في البرلمان الإيطالي، وعلانية قالت «لقد عبوه وقتلوه كما لو كان مصريًا»، كانت هذه جملة ضمنية وسط حديث والدة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في مصر، حيث قالت من الصعب معرفة عدد الروايات التي قدمتها السلطات المصرية لكيفية قتل الطالب الإيطالي المغدور جوليو ريجيني، حتى الآن، لكن يمكن معرفة أمرين: الأول، أن أحداً لم يصدق كل تلك الروايات، والثاني، وترقّب أن تقرأ شيئاً مفجعاً، أنه "عذّب وقتل كما لو كان مصريّاً".

ومرت كلمات والدة ريجيني، إلا أن تلك الجملة، ظلت تعبث بمسامع المصريين، لتكشف عن إهانة ليس في حق الطالب الإيطالي وحده لكنها شملت المواطنين المصريين كذلك.

يذكر أن والدة ريجيني كانت تتحدث حول علاقة الشرطة بالقضية، وهو ربما ما قصدته أيضًا حول علاقة الشرطة بالمصريين في تلك الجملة.

لمشاهدة الفيديو أضغط هنا«حسام حسن ومصور الشرطة»

لم يكن غريبًا أن يصدر فعل غير مألوف من حسام حسن لاعب المنتخب المصري السابق، لكن رد فعله مان مفاجئًا بالفعل، وذلك عندما طارد أحد الأفراد بملعب المباراة الت أقيمت بين نادي المصري الذي يتولى "حسام" مسؤوليته فنيًا، وبين نادي غزل المحلة في بطولة الدوري المصري العام.

وبعد ساعات من الهرج والمرج والاتهامات المتبادلة، بعدما تبين ان هذا الشخص هو مصور تابع للعلاقات العامة لمديرية امن الإسماعيلية – حيث أقيمت المباراة – وبعد ان تم إحالة حسام حسن وآخرين للتحقيق، أبدى حسام أسفه بأنه لم يكن يعرف أنه مصور الداخلية، موضحًا: «كنت فاكره مواطن عادي»، وهو ما تناوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي وقتها، بانه يعد تحقيرًا من المصريين العاديين باعتبار انه يمكن إهانتهم دون مساءلة.«نائبة البرلمان وضابط شرطة»

بدأت القصة بين النائبة في البرلمان المصري، عندما ذهب بن شقيقتها إلى قسم الشرطة بسبب مشاجرة مع أحد زملائه، في القسم الكائن بمدينة نصر حضرت النائبة للاستفسار عن واقعة بن شقيقتها، وفوجئت بوجود اعتداء عليه، وعندما اعترضت على أسلوب أفراد الشرطة، حدثت مشادة بينها وبين ضابط القسم، واعتدى عليها قبل أن يعلم بأنها عضو بالبرلمان.

بعد تعرضها للاعتداء، هددت النائبة زينب سالم النائبة عن محافظة الشرقية، بأنها سترفع الأمر إلى المسؤولين مستخدمة سلطتها فما كان من الضابط إلا ان برر عدم معرفته لهويتها قائلًا: «كنت مفكرها مواطنة عادية».

«مواطنة عادية» أثارت الغضب مرة أخرى، فهذه إهانة متعمدة لكل مواطن ومواطنة عاديين، فهم لا يهانوا فقط بل إنهم يتقبلون الإهانة أو أنه ينظر إليهم على انهم يستحقونها، وهذا ما أشار إليه رواد مواقع التواصل الاجتماعي بعد الواقعة.«كوفي يجدد أحزان المصريين»

أثار حزن جماهير الزمالك بعدما قرر مغادرة فريق كرة القدم، إلا ان أمر مغادرة النادي لم يكن صفقة انتقال او بحفلة وداع، حيث ظهرت خلافات كثيرة بين إدارة النادي واللاعب البوركيني محمد كوفي والمحترف في الزمالك خاصة مع رئيس النادي، جعلت كوفي يوجه رسالتين للجمهور الأبيض، إحداهما لم تلفت نظر غيرهم، إلا ان الرسالة الثانية لفتت نظر المصريين على اختلاف انتمائهم الكروي.

في رسالته الثانية وجه كوفي حديثه عن مرتضى منصور رئيس نادي الزمالك قائلًا: يبدو أن رئيس الزمالك منصور تناسى أننى لست لاعب مصرى سأسمع إهانتي واتجاوز عنها، انا لاعب محترف احمل جواز سفر “ديبلوماسى” لدولة بوركينا فاسو، وعليه سأتخذ كافة الاجراءات لحفظ حقوقى ضد تجاوزات رئيس النادى الأخيرة وتعديه باللفظ على شخصى وعلى والدتي وعلى بلادى" ليعيد عجلة الذاكرة إلى الوراء قليلًا إلى ما آلت إليه كرامة المواطن المصري الذي يقبل الإهانة دائمًا.

الدكتور إبراهيم عيد أستاذ الصحة النفسية والمحاضر بجامعة عين شمس، إنه بشكل مبدئي لا يمكن ولا يجوز تعميم تلك المقولة، فمن يطالهم الإهانة ويقبلونها عادة ما يكونوا مقصرين في أداء مهامهم بطريقة ما، وهم يتحملوها من أجل الاستمرار في عملهم، مضيفًا ان سمات الشخصية المصرية حتى وإن تغيرت فإنها لا تقبل الإهانة، خاصة وإن كان هناك طرق للعقاب حتى في حالة التقصير.

واكد "عيد" في تصريحات خاصة، أن المصري متمر بطبعه، حتى أنه عندما يحتد عليه أحد في الحديث تجده يرد "طيب بالراحة شوية" فكيف له أن يقبل الإهانة وان يؤخذ عنه انطباعًا بأنه مهان دائمًا.

وقال الدكتور محمد عبد الرازق أستاذ علم الاجتماع السياسي المساعد، إنه لا يوجد شعب يقبل الإهانة تحت أي ظروف، ففي أقصى الظروف التاريخية لم يقبل أي شعب إهانة موجهة إليه، مضيفًا أن دليل ذلك هو اندلاع ثورة الخامس والعشرين من يناير، حينما شعر المواطن بأنه يهان سواء في التعامل معه أو في لقمة عيشه، إلا ان المجتمع السياسي بعد الثورة كان أشبه بأنبوبة ماء مغلي انفجرت بشكل عشوائي أصابت الحوار السياسي المصري في مقتل، بمعنى أن كل شخص أصبح من حقه أن "ينظر" او يخون أو يهين الآخر حتى سادت حالة من الخلل.

وأكد "عبد الرازق" في تصريحات خاصة، أن بسبب الحالة السياسية وصل الوضع على ان الناس أصبحت تهين بعضها، سواء في الشارع او على المستوى السياسي، فالحزب يهين حزبًا آخر، حتى من يظهرون على الفضائيات – حتى ولو لم يقبل الطرف الآخر الإهانة فإنه يردها بإهانة أخرى- حتى أصبح الوضع كله "مهينًا" وهو ما سبب ضبابية المشهد.

إقرأ أيضاً
WhatsApp
Telegram
إقرأ أيضاً