تمر اليوم ذكرى ميلاد الشاعر والأديب “زكى مبارك”، تتلمذ زكى مبارك على يد الشيخ المرصفى الذى لعب دورًا إصلاحيًّا كبيرًا فى تطور الدراسات الأدبية واللغوية فى ذلك العصر، وتتلمذ أيضًا على يد طه حسين، ولكنه كان تلميذًا مشاغبًا يقارع أستاذه، ولا يستكين استكانة المتلقى، بل يُعمل عقله النقدى ويجاهر مجاهرة الواثق بقدراته، حيث قال لأستاذه طه حسين ذات مرة في أثناء إحدى المناقشات فى مدرج الجامعة: “لا تتعالموا علينا ففى وسعنا أن نساجلكم بالحجج والبراهين.
فى عام 1919 تبوأ مكان الصدارة فى مجالى الشعر والخطابة، ورمى بنفسه فى أتون الثورة مستغلًّا هذه المكانة ليلهب مشاعر الجماهير بخطبه البليغة الوطنية، ويفجر المظاهرات بأشعاره النارية.
وفى عام 1925 عيد مدرسا بالجامعة المصرية كمل عمل بالصحافة رئيسا لتحرير جريدة الأفكار وهو يحمل دكتوراه ثانية، عمل بكلية الآداب أستاذا، وحصل على الدكتوراه الثالثة، ما أثر على حضوره الأدبى فسبقه فى هذا الحضور أبناء جيله طه حسين والمازنى والعقاد، لا سيما وأنه أضاع مرحلة ترسيخ الإسم الأدبى بسفرياته ودراساته الطويلة.
اشتهر بأنه مشاكس ودائم الخصومة مع الأدباء ولم يسلم أدباء عصره من لسانه حتى إنه كان يقول عن نفسه “أنا أحب الخصومات لأنها تزكى عزيمتى”.
عرف عنه عدم المشاركة فى أى عمل سياسى أو المشاركة فى الاحزاب قال عنه طه حسين “هو الرجل الذى لا يخلو إلى قلمه إلا احتال على رأسه عفريت”، وقال عنه العقاد “إنه كاتب بلا شخصية وبلا طابع”، وعنه قال المازنى “لو أخلى كتاباته من الحديث عن زكى مبارك لكان أحسن مما هو عليه”، فإذا كانت هذه آراء منافسيه وخصومه فلم يسلم أيضًا من رأى رفاقه منهم أحمد حسن الزيات الذى قال عنه “هو لون من ألوان الأدب المعاصر، ولا بد منه ولا حيلة فيه، هو الملاكم الأدبى فى ثقافتنا الحديثة.
جدير بالذكر أن “مبارك” من مواليد أشمون منوفية، حيث توجه فى طفولته إلى الكُتَّاب، وأدمن زكى مبارك القراءة منذ كان فى العاشرة من عمره، وأتم حفظ القرآن الكريم وهو فى السابعة عشرة، التحق بالأزهر الشريف، ثم انتسب إلى الجامعة المصرية عام “1916” بعد اتقانه اللغة الفرنسية، وحصل فيها على الليسانس، ثم الدكتوراه “1924”، ورحل عن عالمنا فى عام 1952.