تبحث منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ومنتجون آخرون تتقدمهم روسيا اليوم الخميس تخفيضات قياسية في إنتاج النفط، لدعم الأسعار التي تدهورت بفعل جائحة فيروس كورونا، لكن المحادثات تشوبها خلافات داخلية وممانعة الولايات المتحدة للانضمام لأي تحرك.
وتراجع الطلب العالمي على الوقود بما يصل إلى 30% بعدما أدت إجراءات مكافحة انتشار الفيروس لتوقف الطائرات والحد من استخدام السيارات وكبح النشاط الاقتصادي.
وبلغت أسعار خام القياس العالمي برنت أدنى مستوى في 18 عاما الشهر الماضي ويجري تداول الخام بأقل من 34 دولارا للبرميل، أي عند نصف مستويات نهاية 2019، مما وجه ضربة عنيفة لميزانيات الدول المنتجة للخام وصناعة النفط الصخري الأمريكي عالية التكلفة.
وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأسبوع الماضي إنه توصل إلى صفقة مع السعودية وروسيا يمكن أن تؤدي إلى خفض الإمدادات العالمية بين عشرة ملايين و15 مليون برميل يوميا، بما يعادل عشرة إلى 15% من الإمدادات العالمية، وهو خفض غير مسبوق.
وأشارت مصادر في أوبك إلى أن خفضا كبيرا كهذا ممكن إذا شاركت الولايات المتحدة، لكن واشنطن لا تُبدي استعدادا للمشاركة.
وسيبحث وزراء من أوبك+، التي تشمل أعضاء أوبك وروسيا ومنتجين آخرين، إلى جانب مشاركين إضافيين الأمر في اجتماع عبر دائرة تلفزيونية مغلقة الساعة 1400 بتوقيت جرينتش. وتلقت الولايات المتحدة دعوة للمشاركة.
وأشارت الرياض وموسكو، اللتان اختلفتا عندما انهار اتفاق سابق على كبح الإمدادات في مارس، إلى أن اتفاقهما على تخفيضات جديدة أكبر بكثير سيعتمد على تخفيض الولايات المتحدة أيضا للإنتاج.
وتقول واشنطن إن الإنتاج الأمريكي يتراجع تدريجيا بسبب انخفاض الأسعار، لكن روسيا قالت إن هذا التراجع ليس مماثلا لخفض الإنتاج.
وتسعى موسكو والرياض جاهدتين للاتفاق على المستويات التي ينبغي أن تكون أساسا للتخفيضات.
وقال مصدر أحيط علما بالسياسة السعودية إن المملكة، أكبر مصدّر للنفط في العالم، مستعدة لخفض قدره أربعة ملايين برميل يوميا، لكن عن مستوى الإمدادات المرتفع في أبريل نيسان البالغ 12.3 مليون برميل يوميا، وليس عن مستوى مارس آذار البالغ عشرة ملايين برميل يوميا.
وتقول موسكو إن التخفيضات يجب أن تكون على أساس مستويات الإنتاج في الربع الأول. وقال مصدران روسيان إن الحد الأقصى لخفض إنتاج النفط الروسي سيبلغ مليوني برميل يوميا، ويبلغ إنتاجها الحالي نحو 11.3 مليون برميل يوميا.
التخفيضات لن تكفي
قال مصدر روسي لرويترز "لست متأكدا من الكيفية التي ستسوي بها روسيا والسعودية خلافاتهما اليوم"، وهو ما عبر عنه مصدران في أوبك أيضا.
وقال جولدمان ساكس ويو.بي.إس يوم الخميس إن التخفيضات المقترحة، رغم ضخامتها، لن تكفي لمعالجة التراجع الهائل في الطلب العالمي، وتوقعا إمكانية انخفاض أسعار الخام إلى 20 دولارا للبرميل، بل وأقل من ذلك.
وقال جولدمان ساكس في مذكرة "في نهاية المطاف، حجم صدمة الطلب هو ببساطة أكبر بكثير من أي خفض منسق للإمدادات".
وانهار الطلب على البنزين في الولايات المتحدة 48% إلى 5.1 مليون برميل يوميا في الأسابيع الثلاثة المنتهية في الثالث من أبريل.
واجتماع أوبك+ يوم الخميس سيعقبه مؤتمر بالهاتف اليوم الجمعة لوزراء الطاقة بدول مجموعة العشرين، تنظمه السعودية أيضًا.
وقال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية لتلفزيون العربية اليوم الخميس إن محادثات الجمعة قد تشهد إعلان دول مستوردة للنفط عن خطط لمشتريات بهدف بناء احتياطياتها الاستراتيجية ودعم الطلب.
وقد تأمر عدة ولايات أمريكية الشركات الخاصة بالحد من الإنتاج بموجب سلطات يندر استخدامها. وتجتمع الجهة التي تنظم صناعة النفط في ولاية تكساس، أكبر ولاية منتجة للنفط في البلاد حيث تنتج نحو خمسة ملايين برميل يوميا، يوم 14 أبريل لبحث تخفيضات محتملة.
لكن ترامب لم يُبد أي رغبة في خفض إنتاج بلاده، بل وحذر من أن لديه خيارات كثيرة إذا أخفقت السعودية وروسيا في الاتفاق على تخفيضات للإنتاج.
ودعا عضوان في مجلس الشيوخ الأمريكي في وقت سابق البيت الأبيض لفرض عقوبات على الرياض وسحب القوات الأمريكية من المملكة وفرض رسوم على واردات النفط السعودي.
وتحتاج موسكو والرياض لتجاوز خلافاتهما التي اندلعت خلال اجتماع بين أعضاء مجموعة أوبك+ في فيينا في السادس من مارس آذار، عندما رفضت روسيا المشاركة في خطط لتخفيضات تدعمها السعودية.
وقالت الرياض بعد ذلك إنها ستبدأ ضخ النفط بطاقتها القصوى لزيادة حصتها السوقية، وقالت موسكو في البداية إنها ستحذو حذوها لكنها تراجعت سريعا بسبب انهيار أسعار النفط مع إغراق السوق المتخمة أصلا بالخام الإضافي.
وأوردت وكالة تاس الروسية للأنباء أن أي تخفيضات ستستمر على الأرجح لثلاثة أشهر بدءا من مايو.
وبلغ أكبر خفض للإنتاج توافق عليه أوبك على الإطلاق 2.2 مليون برميل يوميا وذلك في 2008.